الاحتضار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاحتضار (توضيح).
وهو بمعنى الحضور ضد الغيبة ويطلق على خروج
الروح من البدن.
افتعال من الحضور ضد الغيبة، ويطلق على وقت الإشراف على
الموت ، ومنه قولهم: حُضِر المريض واحتُضر إذا نزل به الموت.
وحضره الموت واحتضره أشرف عليه، فهو في النزع، والاسم محضور ومحتضر بالفتح.
ويسمّى أيضاً: سوقاً وسياقاً؛ لأنّ الروح تُساق فيه إلى خارج البدن،
كما في رواية عن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: «دخل
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رجل من
ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجّه بغير القبلة، فقال: وجّهوه إلى القبلة...».
وغيرها.
وليس للاحتضار في عرف الفقهاء معنى يغاير المعنى اللغوي، نعم ذكروا في وجه تسميته بذلك وجوهاً كحضور عقل المريض عنده للوصية،
أو حضور
الروح ،
أو الموت،
أو الملائكة،
أو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وأمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام،
أو أهل المريض وأقربائه،
أو المؤمنين لتشييعه وتجهيزه،
أو جميع ذلك
ممّا يلازم الاحتضار عادة، وليس داخلًا في معناه.
عرّفه الفقهاء بتعاريف أشهرها ما ذكره
الشيخ الطوسي وابن حمزة
والمحقّق الثاني وغيرهم
من أنّه المرض المخوف الذي يتوقّع منه الموت.
وعرّفه
المحقق الحلّي بأنّه المرض الذي يتفق به
الموت سواء كان مخوفاً أو لا.
كما عرّفه العلّامة بأنّه المرض الذي يتفق معه الموت سواء كان مخوفاً أو لا.
وهذا الأخير أعم من تعريف المحقّق لشموله صورة حصول الموت بسبب المرض أو معه بسبب آخر.
والفرق بين الاحتضار ومرض الموت واضح موضوعاً وحكماً؛ إذ ليس كلّ مرض يتفق فيه الموت يعدّ احتضاراً كما قد يتفق ذلك في أوائل المرض إذا لم يصل إلى حدّ الاحتضار و
الإشراف على الموت.
ثمّ إنّ لمرض الموت أحكاماً تخصّه، كما أنّ للاحتضار ذلك أيضاً، وقد يجتمعان.
ورد هذا التعبير في قوله تعالى: «وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ».
وفسّره
الشيخ الطوسي بغمرة الموت التي تأخذ الإنسان عند نزع روحه فيصير بمنزلة السكران.
وفي اللّغة: سكرة الموت غشيته التي تدلّ الإنسان على أنّه ميّت.
أو بمعنى شدّة الموت وهمّه وغشيته.
وفي حديث عن
أمير المؤمنين عليه السلام ذكر فيه علامات الموت قال: «اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيّرت لها ألوانهم، ثمّ ازداد الموت فيهم ولوجاً فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وأنّه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بإذنه...».
وكيف كان، فلا حكم لهذا العنوان في نفسه، إلّا إذا لازمه عنوان آخر كزوال العقل، فيترتّب عليه حينئذٍ أحكامه.
في قبال سكرة الموت وغمرته صحوُ الموت وراحته، قال في القاموس: «سَكَر: نقيض صحا».
وذلك أنّ المحتضر قد يعتريه في حالة الاحتضار بعض النشاط والقوّة والراحة تسمّى براحة الموت، وهي من رحمة اللَّه على عبده لينجز بها بعض اموره.
وقد أفرد
الصدوق لذلك باباً بعنوان: «ما يمنّ اللَّه تبارك وتعالى به على عبده عند الوفاة من ردّ بصره وسمعه وعقله ليوصي».
ومن ذلك ما ورد عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «ما من ميّت تحضره الوفاة إلّا ردّ اللَّه عليه من بصره وسمعه وعقله للوصية، أخذ الوصية أو ترك، وهي الراحة التي يقال لها: راحة الموت، فهي حق على كلّ
مسلم ».
وبذلك يعود المحتضر مكلّفاً لعود عقله، فتجب عليه الوصيّة بما عليه من الحقوق الواجبة إن لم يوصِ، وفيها مهلة للتوبة إن لم يكن قد تاب.
ورد في بعض الروايات التعبير عن اللّحظات الأخيرة من الاحتضار بحالة المعاينة، ولعلّ الوجه في ذلك معاينة المحتضر أمر الآخرة وعالم ما بعد الموت ممّا قد يسرّه أو يُسيئه.
ففي رواية
يحيى بن سابور قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول في الميّت تدمع عينه عند الموت، فقال: «ذلك عند معاينة
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فيرى ما يسرّه»، ثمّ قال «أما ترى الرجل يرى ما يسرّه وما يحب فتدمع عينه لذلك ويضحك».
كما ورد في الدّعاء: «اللهم إنّي أعوذ بك من سوء المنظر... عند معاينة ملك الموت».
والمستفاد من بعض الروايات- كما صرّح به
الحرّ العاملي في عنوان بابه
- أنّ التوبة تقبل ما لم يصل المحتضر حدّ المعاينة ولو بلغت
الروح الحلقوم.
ففي رواية عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه سُئل عن قول اللَّه عز وجل: «وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ»
؟ فقال عليه السلام: «ذاك إذا عاين أمر الآخرة».
وعنه عليه السلام أيضاً: «من تاب قبل أن يعاين، قبل اللَّه توبته».
والأخبار في ما يعاين المؤمن والكافر كثيرة.
•
الاحتضار (علاماته) وهي العلامات العرفية التي تدل اشراف الانسان على الموت وخروج الروح من البدن.
هل تختص الأحكام التي سوف نتعرّض لها بالمحتضر أم تعمّ مطلق من حان وقت موته ولو لم يصدق عليه عنوان المحتضر كالمقدَّم للقتل قصاصاً أو المقدِم على عمل جهادي يعلم فيه قتله أو المعلوم وقت موته عند الأطباء لابتلائه بمرض خبيث- مثلًا- وإن لم يصدق عليه الاحتضار؟
والجواب: أنّ الأحكام مختلفة، فبعضها يختص بعنوان المحتضر لورودها في الدليل بهذا العنوان كالتوجيه إلى القبلة والتلقين، فلا يصير فعليّاً إلّا بفعلية موضوعه وهو عنوان الاحتضار، والبعض الآخر- كالوصيّة وأداء الحقوق- يتعلّق بمطلق المشرف على الموت سواء صدق عليه عنوان المحتضر أو لا. والمرجع في تشخيص موضوع كلّ حكم بعنوانه وقيوده أدلّته.
•
الاحتضار (آدابه) وهي مختلفة بين واجب ومندوب ومكروه.
المحتضر إذا لم يعلم موته
يستبرء بعلامات الموت.
والتفصيل في محلّه.
يستحبّ عند موت المحتضر تغميض عينيه؛
وذلك للأخبار
وصوناً عن قبح المنظر ودخول
الهوام ،
وقد نفى
العلّامة الحلّي عنه
الخلاف في
المنتهى .
وكذا يستحبّ إطباق فيه
تحفّظاً عن دخول الهوامّ وقبح المنظر.
وشدّ لحييه؛
حذراً من
الاسترخاء وانفتاح الفم،
وللأخبار.
ومدّ يديه إلى جنبيه، ومدّ الساقين إن كانتا منقبضتين،
وليس في الأخبار دلالة عليه، ولعلّه ليكون أطوع للغاسل وأسهل للدرج.
وتغطيته بثوب؛
للتأسّي،
وقول
الصادق عليه السلام في خبر
سليمان بن خالد: «سجّوه تجاه القبلة»،
وخبر
أبي كهمس المشتمل على كثير ممّا ذكر.
ونفى عنه
الخلاف في
المنتهى .
وتعجيل تجهيزه،
- إلّا في موارد خاصّة-؛ للأخبار،
وصوناً من تغيّره وانتهاك حرمته،
فقد ورد في الخبر أنّه من كرامته،
وعليه
الإجماع أيضاً.
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۷۳-۱۱۰.