الاسترجاع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
آية الاسترجاع حينما يقرأه الرجل عند
المصيبة .
الاسترجاع- لغةً- من الرجوع أي
الانصراف، ومعناه: أخذ الشيء من الغير بعد دفعه إليه، يقال: استرجعت منه الشيء، إذا أخذت منه ما دفعته إليه.
ويعبّر عنه بالاسترداد.
ويأتي الاسترجاع أيضاً بمعنى
قول الرجل عند
المصيبة : إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
ولا يخرج استعمال
الفقهاء لهذا
اللفظ عن هذين المعنيين.
والاسترجاع بالمعنى الأوّل أي استرجاع
المال واسترداده يأتي في مصطلح (استرداد). ونبحث هنا عن الاسترجاع بالمعنى الثاني.
يستحبّ
للإنسان الاسترجاع في المصيبة بأن يقول: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
والمستند في ذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ• الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ• أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».
وأيضاً
الروايات المأثورة عن
المعصومين عليهم السلام نذكر شطراً منها:
۱- ما عن
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «أربع من كنّ فيه كان في
نور اللَّه الأعظم: من كان عصمة أمره
شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّي رسول اللَّه، ومن إذا أصابته مصيبة قال: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، ومن إذا أصاب خيراً قال: الحمد للَّه ربّ العالمين، ومن إذا أصاب
خطيئةً قال: استغفر اللَّه وأتوب إليه».
۲- ما عن
أمير المؤمنين عليه السلام: «من استرجع عند المصيبة جبر اللَّه مصيبته وأحسن
عقباه ، وجعل له
خلفاً صالحاً يرضاه».
۳- ما عن
أبي جعفر عليه السلام: «ما من
مؤمن يصاب بمصيبة في
الدنيا فيسترجع عند مصيبته ويصبر حين تفجأه المصيبة إلّا غفر اللَّه له ما مضى من
ذنوبه إلّا الكبائر التي أوجب اللَّه عليها النار، وكلّما ذكر مصيبة فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمد اللَّه عزّ وجلّ عندها غفر اللَّه له كلّ ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأوّل إلى الاسترجاع الأخير إلّا الكبائر من الذنوب».
۴- ما رواه
سيف بن عميرة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «من الهم الاسترجاع عند المصيبة وجبت له
الجنّة ».
والمصيبة تعمّ كلّ ما يصيب الإنسان من مكروه.
والاسترجاع كما هو مطلوب من صاحب المصيبة كذلك مطلوب من الآخرين ففي حديث عن
الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «إنّ أهل المصيبة لتنزل بهم
المصيبة فيجزعون فيمرّ بهم مارّ من
الناس فيسترجع فيكون أعظم
أجراً من أهلها».
ويستحبّ عند
دفن الميّت إهالة غير ذي رحم ممّن حضر
الدفن التراب عليه بظهر
الكفّ قائلًا: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
ثمّ إنّ الاسترجاع بقصد قراءة
القرآن مكروه على
الحائض والنفساء ؛ لأنّ قوله تعالى: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون جزء آية من آيات القرآن، وقد عدّ
الفقهاء قراءة القرآن من جملة ما يكره عليهما ولو كان ما يقرأه أقلّ من
آية .
يستبطن استرجاع الإنسان عند المصيبة- لو كان
ملتفتاً لما يقول ومعتقداً به-
تفويض الأمر إلى اللَّه سبحانه والرضى بما دبّر له
والصبر على المصيبة، فإنّ ذلك كلّه من أهمّ آثار الاسترجاع؛ لأنّ قول القائل: (إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون)
إذعان منه بأنّه
مملوك للَّه تعالى ملكاً حقيقيّاً، وأنّه لا يملك شيئاً حقيقةً، وأنّه سوف يصير إلى حيث لا مالك سواه، فإذا أذعن الإنسان واعترف بذلك هانت عليه المصائب، فلا يتأثّر ولا يحزن على ما نزل به،
لاعتقاده بأنّه لا يملك شيئاً حقيقةً حتى يفرح بوجدانه ويحزن بفقدانه.
قال
الشيخ الطوسي : «وإنّما كانت هذه اللفظة تعزية عن المصيبة؛ لما فيها من
الدلالة على أنّ اللَّه يجزي بها إن كانت عدلًا، وينصف من فاعلها إن كانت
ظلماً ، وتقديره: (إنّا للَّه)
تسليماً لأمره ورضى
بتدبيره ، (وإنّا إليه راجعون) ثقةً بأنّا إلى
العدل نصير».
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۱۹-۳۲۰.