الفضولية في الإيقاع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
اختلف الفقهاء في صحّة العقود الفضولية بعد لحوق
الإجازة ،
وأمّا
الإيقاعات فقد يدّعى اتّفاقهم على
بطلان الفضولي فيها جميعاً
أو بعضاً.
وقد وقع ذلك
الإجماع محلّاً للنقاش من قبل الفقهاء المعاصرين، فتارة يناقش في كلّيته بالنسبة لجميع الإيقاعات، واخرى في صحّة
الاتّفاق والإجماع المدّعى صغروياً، وثالثة في حجّيته كبروياً حتى فيما ثبت الإجماع فيه كالعتق
والطلاق ؛ لاحتمال استنادهم إلى روايات قد لا تدلّ على البطلان، فيكون مدركياً يسقط عن الحجّية.قال
السيّد اليزدي : «إن قلنا بكون الفضولي في البيع بمقتضى
القاعدة ؛ لشمول العمومات... فإلحاقه سائر العقود به في محلّه، بل مقتضاها حينئذٍ القول بالصحّة في الإيقاعات أيضاً إلّاما خرج بالإجماع كالعتق والطلاق، فإنّ الظاهر إجماعهم على عدم جريان الفضولية فيهما، بل عدم صحّة موقوفيّتهما- وإن كانت من جهة الفضولية في عقد آخر- كأن يوكّل أحدٌ شخصاً فضولًا عن الزوج أو السيّد في الطلاق أو
العتق ، فأجاز عقد التوكيل بعد إيقاعهما، فإنّ الإجازة حينئذ تصحّح عقد
الوكالة ، فيكون الطلاق صادراً عن الوكيل، إلّا أنّ الظاهر أنّ الإجماع منعقد على عدم الصحّة في هذه الصورة أيضاً. وكذا في العتق.
وأمّا سائر الإيقاعات فيشكل دعوى تحقّق الإجماع فيها بالنسبة إلى كلّ واحد واحد. نعم، المنقول منه (الإجماع) عامّ في الجميع، لكنّه ليس بحجّة، فلا يُخرَج من أجله عن العمومات.مع أنّ
الأمر في العتق والطلاق أيضاً مشكل؛ من حيث إنّهم يستدلّون على عدم الجريان في الأوّل بما ورد من الأخبار- الذي ورد نظيره في البيع أيضاً- مثل قوله عليه السلام: «لا عتق إلّابعد ملك»،
وقوله عليه السلام: «من أعتق ما لا يملك فلا يجوز».
ويمكن الجواب عنهما بما اجيب به عن مثل قوله عليه السلام: «لا بيع إلّافي ملك».
وفيه: «فيما تملك».فلو كان مدرك بعض المجمعين مثل هذين الخبرين أشكل الحال؛ لعدم دلالتهما على المدّعى، فيشكل التعويل على الإجماع المذكور.وكذا يستدلّون في الثاني بمثل قوله:«الطلاق بيد من أخذ بالساق».
ويمكن الجواب عنه كما لا يخفى.وبالجملة، التعويل على الإجماع في منع الجريان مشكل، خصوصاً في سائر الإيقاعات، من
الإذن والإجازة
والإبراء والجعالة والفسخ والردّ ونحو ذلك».
وقال
المحقّق الأصفهاني في مقام نفي الدليل من الإجماع ونحوه على البطلان:«التحقيق: أنّ بطلان الفضولية في الإيقاعات عموماً أو خصوصاً حتى بعد لحوق الإجازة لا دليل عليه. ويؤيّده ذهاب الكلّ أو الجُلّ إلى صحّة عتق الراهن للعبد المرهون متوقّعاً للفكّ أو الإجازة، بل صرّح بعضهم بصحّة عتق المرتهن عن الراهن مع إجازته، والحال أنّ أمر المعتق أشكل من غيره من حيث اشتراطه بقصد القربة، وعن [[|العلّامة]] صحّة عتق المفلّس مع إجازة الغرماء.وعن
المحقّق الكركي صحّة تدبير الفضولي مع إجازة المولى، وعن كاشف الغطاء تقوية الجواز في الإيقاعات ما لم يقم الإجماع على المنع منه.بل لو كانت
الوصية من الإيقاعات- كما هو الأوجه- لكانت الوصية بما زاد على الثلث داخلة في الفضولي، ولا شبهة في صحّتها مع إجازة الوارث، إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع من الشواهد على جريان الفضولي في الإيقاعات».
نعم، أنكر بعض الفقهاء الفضولية في المورد الأخير- وهو الوصية بما زاد عن الثلث- إذ قال: «وليس ذلك من الفضولي في شيء وإن وقع التعبير في كلامهم بالتوقّف على الإجازة»،
إلى غير ذلك من العبارات الموجودة عندهم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۳۰۶-۳۰۸.