الإجازة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة (توضيح)
هي بمعنى
الإنفاذ أو
الإذن أو الحكم بالجواز شرعا أو بمعنى الإجازة بالاجتهاد والرواية.
الإجازة مصدر من أجاز يجيز، والجمع إجازات. وأجازه: أنفذه، وأجزته: أنفذته،
وأجاز له البيع: أمضاه،
وأجاز رأيه وجوّزه: أنفذه،
وفي حديث القيامة والحساب: «إنّي لا اجيز اليوم على نفسي شاهداً إلّا منّي» أي لا أنفذ وأمضي، من أجاز أمره يجيزه إذا أمضاه وجعله جائزاً.
ويقال: أجازه بجائزة سنية أي بعطاء،
وأجازه يجيزه إذا أعطاه.
الإجازة لدى
الفقهاء لها اصطلاحات
واطلاقات متعددة: فمنها: ما يأتي بمعنى إمضاء المعاملة الفضولية بعد وقوعها.
وتأتي أيضاً: بمعنى الإذن بالرواية، أو بالامور الحسبية، أو
بالاجتهاد والفتوى. وهذا يختلف عن المعنى الأوّل؛ لأنّه بالنسبة لما يأتي من العمل لا لما مضى.
وقد يأتي بمعنى التجويز، أي الحكم بالجواز الشرعي، كما يقال أجاز المفتي
نكاح الكتابية.
وأيضاً: قد تأتي الإجازة بمعنى إعطاء الجائزة.
وعليه فلا بد من بحث هذه العناوين:
۱- الإجازة بمعنى الإنفاذ.
۲- الإجازة بمعنى الإذن أو النصب.
۳- الإجازة بمعنى التجويز {الحكم بالجواز شرعاً}.
۴- الإجازة بمعنى التأييد والشهادة بالصحة {الإجازة بالاجتهاد والرواية}.
۵- الإجازة بمعنى إعطاء الجائزة.
يقال: أذن له في الشيء إذناً: أباحه له.
والإذن هو الرخصة في الفعل قبل ايقاعه، والإجازة الرخصة في الفعل بعد ايقاعه، وهو بمعنى الرضا بما وقع.
يقال: رضيت الشيء ورضيت به رضاً: اخترته. والرضا خلاف السخط.
والرضا من الامور الباطنية القلبية التي لا بدّ لها من كاشف ومبرز، وهو تارة الإذن، واخرى
الوكالة ، وثالثة الإجازة، والمعتبر في العقد الرضا المبرز باحدى هذه الطرق ممن له العقد، أو بالتصرف الخارجي أو الاعتباري الكاشف عن ارتضائه له وإجازته.
قال
المحقق النائيني : «الاستناد والتنفيذ من الامور الإنشائية، ويكونان كسائر الايقاعات لا بد من ايجادهما إمّا باللفظ أو بالفعل، فلا الكراهة الباطنية ردّ، ولا الرضا الباطني إجازة، بل كلّ منهما يحتاج إلى كاشف».
وقال
السيد الحكيم : «ليس الفرق بين الرضا والإجازة من قبيل الفرق بين الطريق وذي الطريق كي تكون الإجازة من قبيل إظهار الرضا والدليل عليه».
الوَكالة والوِكالة اسم مصدر من التوكيل، ووكيل الرجل الذي يقوم بأمره،
وفي الفقه: استنابة في التصرّف.
وقد أفاد السيد الحكيم بأنّ الإذن والوكالة هما التزام بالعقد اللاحق، وأمّا الإجازة مرجعها إلى الالتزام بالعقد الواقع.
وقال
المحقق الاصفهاني : «التوكيل لا معنى له إلّا بالاضافة إلى عمل متأخر، ولا يعقل التوكيل بالإضافة إلى المتقدم».
يقال: مضى في الأمر مضاءً: نفذ،
وأمضيت الأمر: أنفذته.
ويطلق الامضاء أيضاً على التوقيع في ذيل قرار أو صك موافقة على مضمونه، وهو يساوي الإجازة.
وهو سكوت من يعتبر رأيه وموافقته، وعدم ردعه عن فعل، أو قول صادر من الغير. ومصداقه في اصول الفقه سكوت المعصوم عليه السلام. فسكوت المعصوم مثلًا عن تصرف يواجهه يعتبر تقريراً منه لهذا التصرف ويدل على الإمضاء.
إذا صدر التصرف ممن ليس له حقّ التصرّف، أو ليس مستقلًاّ فيه، كالفضولي الذي يبيع مال الغير، أو
العبد يتزوج بلا إذن مولاه، أو الراهن يبيع العين المرهونة بلا إذن المرتهن، ونحو ذلك، توقف صحة التصرّف الواقع منه على إجازة من له حق التصرّف، أو يعتبر إذنه فيه؛ لكي يصح ذلك التصرّف ويكون نافذاً.
فالإجازة هنا هي الإذن اللاحق بعد العمل من قِبل مَن يعتبر إذنه، فتكون إنفاذاً للتصرف الواقع سابقاً.
وقد وقع البحث عند الفقهاء في صحّة ذلك وعدمه، بمعنى صحّة الإنفاذ في جميع هذه الموارد، وتأثيره بمعنى ترتب
الأثر عليه، كما لو أذن قبل صدور التصرف، أو عدم صحته، أو صحته في بعض الموارد دون بعض، وقد بحثوا عن ذلك في أبواب مختلفة أهمها:
المعاملة الفضولية {بيع الفضولي}، ومعاملات الصبي والعبد والمجنون وغيرهم ممن لا أهلية له في التصرّف، ونكاح
الباكر بدون إذن
الأب ، وبعض تصرفات الزوجة بدون إذن
زوجها ، وبيع الراهن بدون إذن المرتهن والمفلّس بدون إذن الغرماء، ونحو ذلك ممن ليس مستقلًا بالتصرّف؛ لتعلّق حق الغير، أو اشتراط رضاه فيه شرعاً.
ويختلف دور الإجازة في هذه الموارد، فإنّها في مثل بيع الفضولي أو الصبي ونحوه يكون من إجازة المالك ومن يكون التصرّف له وراجعاً إليه، أو من يقوم مقامه {الولي والوكيل} وهي تحقق المقتضي والموضوع للصحة والنفوذ حيث أنّ النافذ بمقتضى الأدلّة إنّما هو عقد المالك أو ايقاعه، وبالإجازة يتحقق الانتساب، فيحصل عقد المالك أو ايقاعه.
وأمّا في مثل إجازة الزوج أو الأب أو المرتهن أو الغرماء فيكون عقد المالك أو إيقاعه متحققاً، وإنّما يشترط في نفوذه رضا الأب أو الزوج أو المرتهن أو الغريم؛ لتعلّق حقّ له في الشيء، أو اشتراط رضاه فيه شرعاً، فتكون الإجازة رفعاً للمانع، أو اسقاطاً للحقّ، أو تحقيقاً للرضا المعتبر شرعاً. ومن هنا ينبغي تقسيم البحث عن الإجازة {بمعنى الانفاذ} إلى قسمين:
إجازة المالك ومن يقع التصرّف له، أو الاجازة المحقّقة للتصرّف، أو اجازة التصرّف الفضولي.
إجازة من له حق، أو اشترط رضاه في تصرّف الغير.
لا إشكال أنّ حقيقة الإجازة ابراز الرضا والإذن بما وقع من التصرفات كالإذن بما سيقع منها. وعلى هذا الأساس تكون حقيقة الإجازة إيقاعاً ممن له ذلك كالإذن والإمضاء، فلا يتوقف على قبول طرف آخر كما في العقود، وهذا واضح.
إلّا أنّه وقع البحث عند الفقهاء في إجازة المالك ومن بحكمه (وهو القسم الأوّل من القسمين المتقدمين) فهل تكون عقداً جديداً، أو جزءاً للعقد من ايجاب أو قبول، لتكون بنفسها عقداً بالحمل الشائع، أو ايجاباً أو قبولًا، أو لا تكون كذلك، بل توجب انتساب العقد الواقع سابقاً إلى المالك ومن بحكمه؟
المشهور عند المحققين هو الثاني، قال
السيد اليزدي : «هي إمضاء للعقد على حذو الإذن السابق الذي هو توكيل فيه».
وقال
المحقق الإيرواني : «فإنّ الحاجة إلى الإجازة لأجل أن يدخل عقد الفضولي بذلك في عداد عقود المالك».
وقال
المحقق الأصفهاني : «الإجازة ليست حقيقتها التسبب إلى الملكية؛ لتكون مصداق ايجاد الملكية، بل بها ينتسب عقد الفضولي إلى المالك، فتوجد الملكية بتسبب الفضولي إليها، فالإجازة متمّم السبب المحقق للملكية».
وقال السيد الحكيم: «الإجازة ليست بيعاً ولا عقداً، وإنّما هي دخيلة في تحقق ما هو موضوع
الأثر ».
وقال
السيد الخوئي : «قياس الإجازة بالعقود قياس مع الفارق؛ فإنّها ليست بعقد وإنّما هي موجبة لاستناد العقد السابق إليه».
وفي قبال ذلك عبّر بعض من الفقهاء عن الإجازة: بأنّها بمنزلة عقد جديد، أو مستأنف، أو أنّها بمنزلة جزء العقد من إيجاب أو قبول.
قال
الشيخ الأنصاري : «وأمّا القول بكون الإجازة عقداً مستأنفاً فلم يعهد من أحد من العلماء وغيرهم، وإن حكى كاشف الرموز عن شيخه: أنّ الإجازة من مالك المبيع بيع مستقل بغير لفظ البيع، وهو قائم مقام ايجاب البائع، وينضم إليه القبول من المشتري».
وقال ابن البرّاج: «إذا غصب جارية وباعها من آخر ثمّ حضر سيد الجارية فأجاز بيعها بالثمن كان ذلك جائزاً، وهو بمنزلة بيع مجدّد».
وقال
المحقق الحلّي : «ولو وقف ما لا يملكه لم يصح وقفه، ولو أجاز المالك قيل: يصح؛ لأنّه كالوقف المستأنف، وهو حسن».
وقال
السيد الخميني : «الإجازة في البيع الفضولي بمنزلة القبول؛ فإنّها إمضاء للبيع...، وإن شئت قلت: إنّ القبول في بيع الأصيلين إجازة متصلة
بالبيع الفضولي، والإجازة في الفضولي قبول متأخر عن البيع، والقاعدة تقتضي الصحّة».
وقال في موضع آخر: «الإجازة قبول لإيجاب الموجب. وقبول الفضولي لا دخالة له في ماهية المعاملة... فهي كالقبول، بل قبول حقيقةً».
ويمكن أن يكون مقصود هؤلاء الأعلام هو نفس ما ذهب إليه المشهور من المتأخرين، أي ليس مقصودهم كون الإجازة انشاءً للايجاب أو القبول، أو انشاءً لعقد جديد، بل محقّقاً لعقد المالك أو ايجابه، وقبوله من جهة تحقق انتساب العقد الواقع سابقاً إليه. فيصدق على الايجاب أو القبول الحاصل سابقاً من قبل الفضولي- ببركة الإجازة- أنّه ايجاب المالك أو قبوله، أي عقد المالك، فتشمله أدلّة الصحة والنفوذ.
وقد يشهد لذلك أنّهم عبّروا: بأنّها- أي الإجازة- بمنزلة عقد جديد، أو مستأنف. أو أنّه بمنزلة القبول، لا أنّه عقد جديد، فلا خلاف في البين.
نعم ذكر المحقق النائيني تفصيلًا في الإجازة بين العقود العهدية كالبيع والإجارة وبين العقود الإذنية كالوكالة في التصرّف والعارية والوديعة، وجملة من الايقاعات كالفسخ والإجازة والإبراء والجعالة- بناء على كونها من الايقاعات- فقال: «لأنّ وقوع هذه العقود والايقاعات من الفضولي وعدمه على حد سواء؛ فإنّ إجازة هذه بنفسها تكون وكالة وعارية ووديعة وفسخاً وإجازة
وابراءً وجعلًا».
ومقصوده أنّه لا يحتاج في ترتيب الأثر المطلوب في هذه العقود الإذنية والايقاعات إلى صحّة العقد، أو الايقاع الواقع فضولًا بالإجازة، فحتى لو لم تصح بها مع ذلك تكون الإجازة وما يكشف عنها من رضا المالك محققاً لذلك العقد، أو الايقاع حقيقة، فلا نحتاج إلى تصحيح سبب تلك العقود والايقاعات، وإن كان تصحيحها بالإجازة معقولًا، بل وصحيحاً أيضاً كما في سائر العقود.
إذا صدر التصرّف- عقداً كان أو ايقاعاً أو أي تصرف قانوني يجب صدوره من المالك كالقبض والإقباض- من غير المالك، ولم يكن وكيلًا عنه، ولا ولياً عليه- المعبر عنه بالفضولي- لم يقع صحيحاً، ولا يترتب عليه الأثر؛ لأنّ الصحيح والنافذ إنّما هو تصرّف المالك بحسب الفرض.
ولكن وقع البحث عن إمكان تصحيحه وترتب الأثر عليه إذا أجازه المالك وأنفذه بعد وقوعه.
وقد اختلفت كلمات الفقهاء في صحته بالإجازة مطلقاً، أو في خصوص العقود والايقاعات، أو خصوص العقود، أو بعض منها، كما اختلفت كلماتهم في شروط المجيز والمجاز ومحل الإجازة، وأيضاً في حدود الآثار المترتبة على الإجازة إلى غير ذلك من الفروع والتفصيلات التي نورد إجمالها ضمن النقاط التالية:
۱- أدلّة نفوذ الإجازة ومشروعيتها.
۲- أركان الإجازة.
۳- أثر الإجازة.
۴- الموارد التي قيل فيها بعدم الحاجة إلى إجازة المالك وكفاية رضاه.
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة ومشروعيتها
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة أركانها
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة أثرها
تعدّدت أقوال الفقهاء في حكم من باع مال الغير فضولًا ثمّ ملكه بعد ذلك سواء انتقل إليه المال باختيار
كالشراء ، أو بغير اختياره
كالإرث - إلى ثلاثة أقوال:
فمنهم من ذهب إلى القول بصحة عقد الفضولي في هذه الحال بلا حاجة إلى الإجازة، حيث نسب إلى
الشيخ الطوسي إطلاق القول بالصحة في باب
الزكاة ،
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة بمعنى الإذن أو النصب
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة بمعنى التأييد
ولتفصيل أكثر انظر
الإجازة بمعنى التجويز والتسويغ
ولتفصيل أكثر انظر
الجائزة
الموسوعة الفقهية ج۵، ص۹-۱۳۳.