المصاهرة بنكاح الحر على الأمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يكره أن يعقد
الحر على
الامة، وقيل: يحرم الا أن يعدم الطول ويخشى العنت.
يكره أن يعقد
الحرّ على
الأمة مطلقاً، على الأشهر بين الطائفة كما في
الشرائع و
اللمعة ، بل عليه الإجماع في
الغنية ، وهو الأظهر في المسألة.
لعموم
الكتاب و
السنّة، ك «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ»
و «لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ»
وقد صرّح
الطوسي و
الطبرسي في تفسيرهما بدلالتها على الجواز مع الطَّول والسعة، وحملا الآية الآتية على التنزيه
، وهو يرجع إلى
الكراهة.
والصحيح: يتمتّع الرجل بالأمة بإذن أهلها؟ قال: «نعم، إنّ
الله تعالى يقول «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ»»
. والآخر: عن الرجل يتمتّع بأمة رجل بإذنه، قال: «نعم»
ولا قائل بالفرق.
وبالكراهة ظاهر المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بالعمومات و
الشهرة مع أنّ فيها المرسل كالموثّق: «لا ينبغي أن يتزوّج الرجل الحرّ المملوكة اليوم، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزّ وجلّ «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً»
والطَّول:
المهر، ومهر الحرّة اليوم مثل مهر الأمة أو أقلّ»
.
ويؤيّده
النهي عن تزويجها على الحرّة في الصحاح وغيرها الآتية؛ لإشعارها بالجواز في غير موردها من وجهين:
أحدهما: تخصيص النهي بتزويجها على الحرّة، فلو عمّ النهي لخلا التقييد بـ: «على الحرّة» عن الفائدة.
والثاني: دلالتها على جواز تزويجها ولو في الجملة، وهو ينصرف إلى العموم حيث لا صارف له عنه، وما نحن فيه منه كما ستعرف.
«وقيل: يحرم، إلاّ أن يعدم الطَّول» وهو: القدرة على المهر كما فهم من
المرسلة. وزيد: وعلى
النفقة ولو بالقوّة
؛ ولا دليل عليه، إلاّ ظاهر إطلاق الطَّول، ولكنّ الرواية المعتبرة فسّرته بذلك.
«ويخشى العنت» وهو : مشقّة الترك، وفُسِّر بالزناء وخوف الوقوع فيه. والظاهر أنّ خوف المشقّة الشديدة والضرر العظيم بتركه كذلك؛ للحرج والضرر المنفيّين، وأصالة عدم النقل، فتأمّل.
وهذا القول محكيّ عن
الخلاف و
المبسوط و
القاضي و
الإسكافي و
العماني؛ لظاهر «مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ» الآية
، لتعليق الجواز فيها على الشرطين.
وفيه نظر، أمّا أوّلاً: فلاحتمال كون
الشرط مبنيّاً على الغالب، فلا يكون المفهوم معتبراً.
وأمّا ثانياً: فلاحتمال كون المشروط رجحان
النكاح لا الجواز، وبتقديره فظواهر المعتبرة المتقدّمة تخصّه بالخالي عن المرجوحيّة، والمفاد حينئذٍ نفي الجواز المزبور عند فقد أحد الشرطين، ولا ينافي ثبوت الجواز المصاحب للمرجوحيّة عند ذلك.
وبتقدير التنزّل، فغايته الظهور الضعيف دون النصّيّة، التي هي المناط في صرف العمومات والإطلاقات القطعيّة عن ظواهرها.
ودعوى ورودها في بيان الحلّ والحرمة
محلّ مناقشة، مع أنّ المستفاد من رواية خصال الآتية كون تحريمها من جهة السنّة لا من جهة الكتاب، كما يفهم من سياقها، حيث ذكر
المحرّمات بكلّ منهما على حدة، وجعل المقام من الأُمور المحرّمة بالسنّة.
وبالجملة: ليست
الآية ناصّة على التحريم، فلا يجسر في تخصيص الأُصول القطعيّة بمثلها، مع ما في المعتبرة من الظهور التامّ في الكراهة، ولأجلها يحمل النهي المطلق في بعض الأخبار عليها، كالرواية: عن الرجل يتزوّج الأمة؟ قال: «لا، إلاّ أن يضطرّ إلى ذلك»
مع قصور سنده من دون جابر؛ للشهرة على خلافه.
وأمّا الأخبار النافية للبأس عنه مع
الاضطرار، كالصحيح: عن الرجل يتزوّج المملوكة؟ قال: «إذا اضطرّ إليها فلا بأس»
فليس المستفاد منها إلاّ ثبوت البأس عند عدمه، وهو أعمّ من الحرمة. ودعوى إرادتها منه يحتاج إلى دلالة واضحة، هي في المقام مفقودة.
نعم، لو ظهرت الحرمة من الآية أمكن حمله عليها، جمعاً بين الأدلّة، إلاّ أنّك قد عرفت ما فيه من المناقشة، مع أنّها كيف كانت ليست بنفسها أدلّة، فالاستدلال بها للحرمة مجازفة.
وليس حمل المعتبرة المتقدّمة على
التقيّة بأولى من حمل الأخيرة عليها؛ لوجود القولين في العامّة.
وليس في كلام العماني: وقد ذهب قوم من
العامّة إلى الجواز
دلالة على اتّفاقهم كافّة، بل ربما أشعر بالعدم، فتأمّل.
هذا، ولكنّ
الاحتياط في مثل المقام لازم لا يترك؛ للتصريح بالحرمة لكن من جهة السنّة في المرويّ في
الخصال، بسنده عن
إبراهيم بن عبد الرحمن، عن
مولانا الكاظم (علیهالسّلام) . ولضعفه بجهالة
الراوي من دون جابر؛ لاشتهار خلافه لا يجوز الاعتماد عليه.
ونحوه الجواب عن المرويّ في
تفسير العياشي، عن
البزنطي: قال: سألت
الرضا (علیهالسّلام): يتمتّع بالأمة بدون إذن أهلها؟ قال: «إنّ الله تعالى يقول «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ»
.
وقال محمّد بن صدقة البصري: سألته عن
المتعة، أليس هذا بمنزلة الإماء؟ قال: «نعم، أما تقرأ قول الله عزّ وجل «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ» إلى قوله «وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ»؟! فكما لا يسع الرجل أن يتزوّج الأمة وهو يستطيع أن يتزوّج الحرّة، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتّع بالأمة وهو يستطيع أن يتزوّج بالحرّة»
. ومحمّد بن صدقة غال.
والقول بأنّ اشتهار
الحرمة بين متقدّمي الطائفة أوضح قرينة على صحّة الرواية. لا يخلو عن مناقشة؛ إذ هو حيث لا تعارضه الشهرة المتأخّرة، وأمّا مع المعارضة بها فلا، مضافاً إلى الشكّ في الشهرة.
ولكنّ الإنصاف أنّ القول بالحرمة لا يخلو عن قوّة؛ لاستفاضة نقل الشهرة بين قدماء الطائفة، وهي أقوى من الشهرة المتأخّرة؛ مع تأيّده بأصالة الحرمة السابقة، والظهور المستفاد من الآية في الجملة.
ثم إنّ ظاهر إطلاق عبائر الأصحاب والآية وصريح المسالك
والخبر الأخير عدم الفرق في المنع على القول به بين
الدائم و
المنقطع.
خلافاً لبعض المتأخّرين، فخصّه بالدائم
؛ لتبادره من
التزويج في الأخبار المانعة.
وفيه: أنّ الأدلّة على المنع غير منحصرة فيها؛ إذ منها الخبر المتقدّم، الصريح، المنجبر ضعفه بإطلاق
الفتاوي.
وليس في الصحيح الدالّ على جواز متعة المملوكة بإذن أهلها لمن عنده حرّة بإذنها
، كالصحيح الدالّ على جواز تحليل الزوجة جاريتها لزوجها
، دلالةٌ على اختصاص المنع بالدائم وجواز التمتّع مطلقاً، كيف لا؟! وظاهر الأوّل المنع منه بدون
الإذن.
مع أنّ في الصحيح: عن الرجل يتزوّج الأمة على الحرّة متعةً؟ قال: «لا»
فتأمّل.
هذا، مع أنّهم صرّحوا بجوازه كالدائم بالإذن، بل حكي عليه الإجماع كما يأتي، فلا خلاف في مضمون الخبرين، ولا دخل لهما في محلّ النزاع.
ثم على المنع، ففي بطلان
العقد، والصحّة مع حصول
الإثم، قولان، وحكي الأول عن ظاهر الأكثر
، والثاني عن
المفيد وجماعة
، وهو الأوفق بالأُصول.
وأمّا التحليل فلا يتعدّى الحكم إليه؛ لعدم انصراف إطلاق الأدلّة إليه، مع أنّه في حكم
ملك اليمين.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۲۱۳-۲۱۹.