حد اللواط
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
فاللواط يثبت
بالإقرار أربعا، ولو أقر دون ذلك عزر؛ ويشترط في المقر
التكليف والاختيار والحرية، فاعلا كان أو مفعولا؛ ولو شهد أربعة يثبت، ولو كانوا دون ذلك حدوا؛ ويقتل الموقب ولو لاط بصغير أو مجنون، ويؤدب الصغير، ولو كانا بالغين قتلا، وكذا لو لاط بعبده؛ ولو ادعى العبد إكراهه درئ عنه
الحد؛ ولو لاط
الذمي بمسلم قتل وإن لم يوقب؛ ولو لاط بمثله فللإمام الإقامة أو دفعه إلى أهل ملته ليقيموا عليه حدهم؛ وموجب الإيقاب
القتل للفاعل والمفعول إذا كان بالغا عاقلا، ويستوى فيه كل موقب؛ ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح؛
والإمام مجزى في الموقب بين قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه؛ ويجوز أن يضم الإحراق إلى غيره من الآخرين؛ ومن لم يوقب فحده مائة على الأصح، ويستوى فيه الحر والعبد؛ ولو تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه؛ ويعزر المجتمعان تحت إزار مجردين ولا رحم بينهما، من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين؛ ولو تكرر مع تكرار
التعزير حدا في الثالثة؛ وكذا يعزر من قبل غلاما بشهوة.
وهو: وطء الذكران بعضهم بعضاً، واشتقاقه من فعل
قوم لوط.
واللواط يثبت بالإقرار بإدخال
الذكر في دبره ولو بمقدار
الحشفة، وفي الروضة: إنّ ظاهرهم الاتّفاق على ذلك وإن اكتفوا ببعضها في تحريم امّه وأُخته وبنته
، في حالة كونه أربعاً بلا خلاف أجده؛ للعموم ولو في الجملة.
وللصحيح: «بينا
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في ملأ من أصحابه، إذ أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي أوقبت على غلام، فطهّرني، فقال: يا هذا، امض إلى منزلك، لعلّ مراراً
هاج بك، فلمّا كان من غد عاد إليه، فقال له مثل ذلك، فأجابه كذلك، إلى أن فعل ذلك أربع مرّات، فلمّا كان الرابعة قال له: يا هذا، إنّ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيّهنّ شئت»
الحديث، وسيأتي باقية.
ولو أقرّ دون ذلك عُزّر كما قالوه؛ لإقراره على نفسه
بالفسق؛ ولم أعرف دليل الكلّية، مع منافاة الحكم هنا لظاهر الصحيحة السابقة، حيث لم ينقل فيها التعزير في الإقرارات الثلاثة.
ويشترط في المقرّ:
التكليف بالبلوغ، وكمال
العقل والاختيار، والحرّية، فاعلاً كان المقرّ أو مفعولاً كما في سائر الأقارير.
ولو لم يقرّ، بل شهد عليه أربعة رجال عدول ثبت
اللواط أيضاً، بلا خلاف، كما في الزناء.
ولا يثبت بشهادة النساء ولو ثلاثاً منضمّات مع الرجال؛ لعموم النصوص بعدم قبول شهادتهنّ في
الحدود، خرج منه
الزناء على بعض الوجوه للنصوص
، وبقي ما نحن فيه داخلاً فيه؛ لاختصاصها بالزناء، ولا موجب للتعدية أصلاً بعد كون
القياس حراماً.
ولو كانوا أي الشهود دون ذلك العدد أي الأربع بأن كانوا ثلاثة فما دون ولو مع النساء حُدُّوا بلا خلاف؛ للفرية، كما في الزناء.
ويقتل الموقب خاصّة لو لاط بصغير أو مجنون بلا خلاف؛ للعموم، وخصوص ما يأتي من
النصوص. ويؤدّب الصغير وكذا المجنون إن كان ممّن يشعر بالتأديب كما قيل
؛ وبتأديب الصغير صريح الخبر: «اتي أمير المؤمنين (علیهالسّلام) بامرأة وزوجها قد لاط بابنها من غيره وثقبه وشهد عليه الشهود بذلك، فأمر به (علیهالسّلام) فضرب بالسيف حتى قتل، وضرب الغلام دون الحدّ، وقال: أما لو كنت مدركاً لقتلتك؛ لإمكانك إيّاه من نفسك بثقبك»
.
وأمّا الخبر المتضمّن لقتل الغلام باللواط
، فمع قصور سنده، ومخالفته
الإجماع والأُصول، محمول على المُدرِك.
ولو كانا بالغين قُتِلا إجماعاً؛ للعموم، والخبر المزبور بعد الحمل المذكور.
وكذا يقتل اللاطي أو يجلد لو لاط بعبده ويؤدّب هو إن كان صغيراً، ويقتل أيضاً إن كان بالغاً؛ للعموم، مع عدم تعقّل فرق في الموطوء بين الحرّ والعبد.
ولو ادّعى العبد
الإكراه من مولاه عليه دُرئ عنه الحدّ دون المولى؛ لقيام القرينة على ذلك، ولأنّه شبهة محتملة فيدرأ بها الحدّ.
ومنه يظهر انسحاب الحكم فيما لو ادّعى الإكراه من غير مولاه مع إمكانه، وكذا في كلّ من ادّعاه معه، كما صرّح به جماعة
؛ لعموم درء الحدّ بالشبهة.
ولو لاط الذمّي بمسلم، قتل وإن لم يوقب بلا خلاف في الظاهر؛ لهتكه حرمة
الإسلام، وهو أشدّ من الزناء بالمسلمة، فيشمله فحوى ما دلّ على قتله بزناه بها
، مضافاً إلى عموم النصوص الآتية بأنّ حدّ اللوطي حدّ الزاني، فكما أنّ حدّ الذمّي الزاني بها ذلك، فليكن هو حدّه هنا أيضاً، وسيأتي أنّ المراد باللوطي فيها غير الموقب، فتدلّ على الموقب بطريق أولى. والحربيّ أولى بذلك كما لا يخفى.
ولو لاط الذمّي بمثله،
فللإمام الإقامة للحدّ عليه أو دفعه إلى أهل ملّته، ليقيموا عليه حدّهم كما في سائر القضايا؛ ومرّ مستنده في الزناء.
وموجَب الإيقاب
القتل للفاعل والمفعول إذا كان كلّ منهما بالغاً عاقلاً عالماً ويستوي فيه كلّ موقِب وموقَب، حتى العبد وغير المحصن، بلا خلاف على الظاهر، المصرَّح به في
السرائر، بل ظاهرهم الإجماع عليه، كما في جملة من العبائر، ومنها
الانتصار والغنية، وهو الحجّة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة الآتي إلى جملة منها الإشارة.
ولكن بإزائها نصوص أُخر، دالّة على أنّ حدّ اللوطي حدّ الزاني، إن كان قد أحصن رجم، وإلاّ جلد
.
إلاّ أنّها شاذّة لا عامل بها، موافقة للتقيّة، كما صرّح به
شيخ الطائفة، حاملاً لها عليها تارة، وأُخرى على غير الإيقاب؛ لتسميته لواطاً أيضاً اتّفاقاً، بل يستفاد من بعض الروايات
كونه المراد باللوطي الوارد في النصوص حكمه من القتل وغيره، وهو حسن. إلاّ أنّ جملةً منها لا يقبل الحمل الأخير:
منها
الصحيح: «إن كان ثقب وكان محصناً رجم»
.
والمرسل القريب منه
بابن أبي عمير، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه في الذي يوقب: أنّ «عليه
الرجم إن كان محصناً، وعليه
الجلد إن لم يكن محصناً»
.
فينبغي حملها على
التقيّة خاصّة، كما صرّح به الشيخ أيضاً، فقال بعد نقله: الوجه فيه ما قدّمناه من حمله على التقيّة، لا غير.
أقول: وهو الجواب عن الأول أيضاً، لكنّه أجاب عنه بوجه آخر، فقال: وتقييد ذلك بكونه محصناً إنّما يدلّ من حيث دليل الخطاب على أنّه إذا لم يكن محصناً لم يكن عليه ذلك، وقد ينصرف عنه لدليل، وقد قدّمنا ما يدلّ على ذلك.
أقول: ويضعّف الأخبار المزبورة زيادةً على ما مضى ضعف أكثرها سنداً، واختصاصها بالفاعل دون المفعول، فلم يتعرّض في أكثرها لحكمه، بل في بعضها أنّ حدّه القتل، ففيه: رجل أتى رجلاً، قال: «عليه إن كان محصناً القتل، وإن لم يكن محصناً فعليه الجلد» قال: فقلت: فما على المؤتى؟ قال: «عليه القتل على كلّ حال، محصناً كان أو غير محصن»
.
وممّا ذكرنا يظهر ضعف ما اختاره بعض متأخّري متأخّري
الأصحاب من اشتراط
الإيقاب والإحصان جميعاً في قتل الفاعل أو رجمه
.
ولا يُحَدّ المجنون مطلقاً ولو كان فاعلاً على الأصحّ الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي الغنية
الإجماع عليه
؛ وهو
الحجّة، مضافاً إلى ما مرّ في زناه من الأدلّة.
خلافاً لمن مرّ ثمّة، فيحدّ كما لو زنى؛ للفحوى. ويمنع بمنع المقيس عليه جدّاً.
والإمام مخيّر في قتل الموقب، بين قتله بالسيف ورجمه، وإلقائه من جدار عال يموت به وإحراقه بالنار حيّاً، وإلقاء جدار عليه، كما ذكره
الشيخان والأكثر، ونفى عنه الخلاف في السرائر
، وعليه الإجماع في الغنية
، وكذا في الانتصار
، إلا أنّه لم يذكر الإحراق، وهو ظاهر
المسالك أيضاً
؛ إلاّ أنّه لم يذكر الأخير في متعلّق التخيير؛ وهو الحجّة، مضافاً إلى المعتبرة بعد ضمّ بعضها إلى بعض.
ففي الحسن الوارد فيمن أقرّ بالإيقاب: «يا هذا، إنّ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) حكم في مثلك ثلاثة أحكام، فاختر أيّهنّ شئت، قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو إهدارك من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو إحراق بالنار»
.
وفي
الخبر: «لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرّتين لرجم اللوطي»
.
وفي آخر، عن
أمير المؤمنين (علیهالسّلام): أنّه رجم بالكوفة رجلاً كان يؤتى في دبره
.
وعنه (علیهالسّلام) أنّه قال في اللواط: «هو
ذنب لم يعص الله تعالى به إلاّ امّة من الأُمم، فصنع الله تعالى بها ما ذكر في كتابه من رجمهم بالحجارة، فارجموهم كما فعله الله عزّ وجلّ بهم»
.
وعنه (علیهالسّلام): «إذا كان الرجل كلامه كلام النساء، ومشيه مشي النساء، ويمكّن من نفسه فينكح كما ينكح النساء، فارجموه ولا تستحيوه»
.
وأمّا إلقاء الجدار عليه، فقيل: إنّ فيه خبراً
مرويّاً عن مولانا
الرضا (علیهالسّلام) .
وقصور الأسانيد أو ضعفها منجبر بالعمل، وكذا الدلالة؛ مع أنّ في التخيير جمعاً بينها كما عرفته.
نعم، ربما نافى مفهوم العدد في الحسنة التخيير بين
الرجم وإلقاء الجدار عليه أيضاً، إلاّ أنّه لا يعترض به المنطوق؛ مع أنّ ظاهرها كون التخيير إلى المحدود دون الإمام، وهو خلاف ما ذكره الأصحاب وشهد به بعض الروايات، كالخبر: «كتب خالد إلى أبي بكر: أنّه اتي برجل يؤتى في دبره، فاستشار أمير المؤمنين (علیهالسّلام) فقال: أحرقه بالنار، فإنّ
العرب لا ترى القتل شيئاً»
.
ويجوز أن يضمّ
الإحراق إلى غيره من العقوبات الأُخر بأن يقتل بالسيف أو الرجم أو
الرمي به أو عليه، ثم يحرق، بلا خلاف فيه على الظاهر، المصرّح به في السرائر
، زيادةً في الردع.
وفي الصحيح
وغيره
: أنّ أمير المؤمنين (علیهالسّلام) أمر بقتل الذي أُخذ في زمن عمر، ثم قال بعد قتله: «قد بقيت له عقوبة أُخرى، قال: وما هي؟ قال: ادع بِطُنّ
من حطب، فدعا به، ثم أخرجه فأحرقه بالنار».
ومن لم يوقب كالمفخّذ والفاعل بين الأليتين فحدّه مائة جلدة مطلقاً ولو كان محصناً على الأصحّ الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي صريح الانتصار وظاهر الغنية الإجماع عليه
؛ وهو
الحجّة، مضافاً إلى
أصالة البراءة، والشكّ في وجوب الزائد، فيدرأ به؛ للشبهة، وللخبر: في الرجل يفعل بالرجل، فقال: «إن كان دون الثقب فالحدّ، وإن كان ثقب أُقيم قائماً ثم ضرب بالسيف»
والظاهر أنّ المراد بالحدّ الجلد.
خلافاً للنهاية
والقاضي وابن حمزة في المحصن، فالقتل؛ جمعاً بين النصوص المتقدّمة، بحمل ما دلّ منها على القتل مطلقاً على الموقب، وما دلّ منها على التفصيل بين المحصن وغيره على غيره.
وهو حسن، لولا قوّة احتمال ورود الأخيرة للتقيّة، كما يرشد إليه تصريح جملة منها معتبرة بالتفصيل أيضاً في الموقب، مع ضعف أسانيد غيرها، وتبادر الموقب من اللوطي فيها، وعدم مكافأتها للنصوص التي تقابلها.
وللإسكافي والصدوقين، فأوجبوا القتل فيه مطلقاً ولو لم يكن محصناً، فإنّهم فرضوه فيه، وجعلوا الإيقاب هو
الكفر بالله تعالى؛ للخبر: عن اللواط، فقال: «بين الفخذين» وعن الموقب، فقال: «ذلك الكفر بما أنزل الله تعالى على نبيّه»
.
وهو مع ضعف سنده معارض بالخبر الذي مرّ سنداً للأكثر؛ للتصريح فيه بأنّ غير الموقب يحدّ والموقب يقتل، وهو وإن شابه الأول في
السند، إلاّ أنّه منجبر بالأصل والعمل، فحينئذٍ ينبغي طرحه أو حمله على المستحلّ، فتأمّل، أو المبالغة في
الذنب.
وعلى الأقوال يستوي فيه أي في
الجلد مائة الفاعل والمفعول، والحرّ والعبد والمسلم والكافر إن لاط بمثله لا بمسلم؛ لوجوب قتله حينئذ؛ لهتكه حرمة
الإسلام وإهانته به.
ولا ينتصف حدّ العبد هنا كما ينتصف في زناه، بلا خلاف، بل في الغنية وعن
نكت الإرشاد أنّ عليه إجماع الأصحاب؛ وهو الحجّة، المؤيّدة بإطلاق الرواية.
ولو تكرّر من غير الموقب اللواط ثلاثاً مع تكرار الحدّ بعد كلّ مرّة قتل في المرّة الرابعة، على الأشبه الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي الغنية الإجماع عليه
؛ وهو الحجّة، مضافاً إلى ما يظهر منها ومن جماعة
مساواته مع الزاني في ذلك، وأنّ كلّ من قال بالقتل في الرابعة ثمّة قال به في المسألة، ومن قال به ثمّة في الثالثة قال به هنا.
وظاهرهم الإجماع على عدم الفرق بين المسألتين، حتى أنّ
شيخنا في
الروضة استدلّ للقتل في الرابعة هنا بالرواية
الدالّة عليه في تلك المسألة
.
وحينئذ، فهذا الإجماع أقوى دليل على الحكم هنا وإن اختصّ مورد الرواية التي استدلّ بها بالزناء، ولولاه لكان القول بالفرق متّجهاً؛ لعموم الصحيح بقتل أصحاب الكبائر في الثالثة
، مع خلوّه هنا لما عرفت عن المعارض، إلاّ أنّ
الإجماع المنقول المعتضد بفتوى الأكثر، وبما دلّ على درء الحدود بالشبهة الحاصلة هنا من جهة الخلاف بلا شبهة كافٍ في تخصيص الصحيحة.
ويعزّر المجتمعان تحت إزار واحد حال كونهما مجرّدين ولا رحم أي لا قرابة بينهما ولا ضرورة بما يراه الحاكم من ثلاثين سوطاً إلى تسعة وتسعين على المشهور. وقد تقدّم الكلام في المسألة مستوفى.
بقي هنا شيء، وهو: أنّ
التقييد بنفي الرحميّة والضرورة لم يوجد في أكثر روايات المسألة.
نعم، في الخبر: الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد، فقال: «أذوا رحم؟» فقال: لا، فقال: «أمن ضرورة؟» قال: لا، قال: «يضربان ثلاثين سوطاً»
الحديث.
وفيه إيماء إليه، لكنّه مع قصور السند يشكل في الأول بأنّ مطلق الرحم لا يوجب تجويز ذلك، فالأولى ترك التقييد به، أو التقييد بكون الفعل محرّماً، وفيه غنى عن التقييد بالضرورة والتجرّد أيضاً.
مع أنّه لا وجه لاعتبار الأخير أصلاً، حيث يحصل
التحريم بالاجتماع الذي هو مناط التعزير من دونه، ولعلّه لذا خلا أكثر النصوص من اعتباره، وبعض النصوص المتعرّض له غير صريح في التقييد به، لكنّه ظاهر فيه، مع صحّة سنده.
وفيه: «كان
عليُّ (علیهالسّلام) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني مائة جلدة، وكذلك المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين جلدهما كلّ واحدة مائة جلدة»
.
وصريحه ككثير من
النصوص عدم الفرق في المجتمعين بين كونهما رجلين أو امرأتين، وفي جملة أُخرى منها عدمه في المجتمعين ذكراً وأُنثى
، فلا وجه لتقييد المجتمعين بالذكرين، كما يوجد في كلام بعض أصحابنا
، فتأمّل جدّاً.
ولو تكرّر الاجتماع المحرّم مع تكرار
التعزير، حُدّا في المرّة الثالثة كما عن
النهاية والحلّي والقاضي
وابن سعيد وفي
القواعد والتحرير والإرشاد؛ ومستندهم غير واضح، عدا ما سيأتي من الخبر الناطق بذلك في المرأتين
، وهو مع أخصّيته عن المدّعى متضمّن لما لا يقولون به، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وعن
ابن حمزة: أنّه إن عادا ثلاثاً وعُزّرا بعد كلّ مرّة، قتلا في الرابعة
.
وكذا يعزَّر من قبّل غلاماً بشهوة من غير رأفة، بلا خلاف أجده؛ لأنّه فعل محرّماً، فيستحقّ فاعله التعزير مطلقاً، كغيره من
المحرّمات، بل الأمر فيه آكد.
ففي الخبر المشتهر: «إنّ من قبّل غلاماً بشهوة لعنته
ملائكة السماء،
وملائكة الأرضين،
وملائكة الرحمة،
وملائكة الغضب»
.
وفي آخر: «من قبل غلاماً بشهوة ألجمه الله تعالى بلجام من نار»
.
ولا فرق بين المحرم والأجنبي؛ لإطلاق الدليل، وإن قيّده الأكثر بالثاني. ويحتمل ورود القيد في كلامهم مورد الغالب؛ لأظهريّة
الشهوة فيه، وإلاّ فلا وجه له، كما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني
، بل مناط التعزير في المحرم آكد، كما صرّح به
المقدّس الأردبيلي.
ومن عموم المناط يظهر عدم الفرق أيضاً بين الصغير والصغيرة، بل ولا بين الرجل والمرأة، كما يستفاد من إطلاقهم التعزير في
التقبيل والمضاجعة.
ومنه يظهر عدم الوجه في ذكر المسألة على حدة بعد دخولها في عموم تلك المسألة، إلاّ أن تخصّ بالمرأة، ولكن لا وجه له بعد عموم المناط والعلّة.
وفي
الخبر: مُحرم قبّل غلاماً بشهوة، قال: «يضرب مائة سوط»
.
وهو شاذّ، وربما حمل على التغليظ؛ لمكان
الإحرام، كما صرّح به الأصحاب عموماً، والحلّي في المقام
. وهو حسن، لولا أنّ المشهور اشتراط عدم بلوغ التعزير الحدّ، ولذا إنّ الحلّي لم يصرّح في مورد الخبر بأكثر من التغليظ.
واحترز بالشهوة عمّا يكون برأفة، أو صداقة دنياويّة، أو عادة عرفيّة، فإنّه لا حرج في ذلك ولا
إثم، كما صرّح به الحلّي، قال: فإنّه قد روي
استحباب تقبيل القادم من
مكّة بغير خلاف
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۵-۱۹.