حكم الصلاة في الثوب المكفوف بالحرير
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ولا بأس بثوب مكفوف به) أي بالحرير، أن يلبس ويصلّى فيه، على الأشهر بين الأصحاب، بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من نادر سيذكر، ونسب في
الذكرى إلى الأصحاب،
مؤذنا بدعوى
الإجماع عليه، وفي المدارك : أنه مقطوع به بين المتأخّرين،
مشعرا بدعواه، كجملة ممن لم ينقلوا الخلاف فيه مع كون ديدنهم نقله حيث كان.
واستدل عليه الفاضلان في
المعتبر والمنتهى والمحقق الثاني والشهيد في الذكرى
بالنبوي العامي أنه صلى الله وعليه وآله : نهى عن
الحرير إلّا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع.
والخبر : كان يكره أن يلبس
القميص المكفوف بالديباج، ويكره لباس الحرير
الحديث.وفي
الاستدلال بهما ـ لو لا الشهرة بل الإجماع ـ نظر، لضعف سندهما، وضعف دلالة الأخير جدّا، إذ
الكراهة أعم منها بالمعنى المصطلح ومن الحرمة، مع ظهور السياق فيه وفي كثير من النصوص المعبّرة عن حرمة الحرير بلفظ الكراهة، في إرادة الأخير خاصّة، فالخروج بهما عما دلّ على حرمة لبس الحرير والصلاة فيه مشكل، لو لا الشهرة الجابرة لضعف السند والدلالة.
وربما أيّد الجواز
بالأصل ، والخبر : «لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزرّه وعلمه حريرا».
وفيهما نظر، لمعارضة الأوّل
بالاحتياط اللازم المراعاة في العبادات التوقيفية.
وضعف الثاني سندا. بل ودلالة كالخبرين السابقين، لعدم
إشعار فيهما بجواز الصلاة فيه، وإن أمكن الذبّ عن هذا بكفاية الشمول
إطلاقا مع عدم القائل بالفرق أصلا.لكن في الموثق : عن الثوب يكون علمه ديباجا، قال : «لا تصلّ فيه».
وهو بالنسبة إلى المنع عن الصلاة فيه خاص وتلك الأخبار باللبس مطلقة تصلح أن تكون به مقيّدة، ولعله لذا منع عنه القاضي
والمرتضى في بعض مسائله فيما حكي عنه.
وهو أحوط، وإن كان في تعينه نظر، لقصور الموثق عن المقاومة لما مر.
وأما ما عليه الصدوق : من المنع عن الصلاة في تكة رأسها من إبريسم،
فلم يقم عليه دليل صالح إلّا عموم ما دلّ على المنع عن الصلاة في الحرير.وهو غير معلوم الشمول لنحو ذلك من خيوط
الإبريسم ، إما لاقتضاء الظرفية كونه من الملابس، أو لعدم صدق الحرير عليه لغة ولا عرفا،
لاختصاصه فيهما بالمنسوج منه لا مطلقا.ولو سلّم الصدق عليه حقيقة فغير معلوم كونه من الأفراد
المتبادرة له عند الإطلاق جدّا، وعليه فيجب الرجوع إلى مقتضى الأصل. مع كون قوله شاذّا لم أعرف به قائلا حتى القاضي والمرتضى، لمنعهما عن الكفّ به خاصة.
والمراد به أن يجعل في رؤوس الأكمام والذيل وحول الزيق-زيق القميص ـ بالكسر ـ : ما أحاط بالعنق منه..
وقدّر عند جماعة
بما مر في النبوي من الأربع الأصابع، وتوقف فيه نادر.
ولا وجه له إلّا ضعف السند، وقد انجبر بالعمل كما مر. مضافا إلى لزوم
الاقتصار فيما خالف دليل المنع على المتيقن من الرخصة فتوى ورواية، وليس إلّا قدر الأصابع الأربع مطلقاً بل مضمومة. ولا ينافيه إطلاق العبارة وغيرها من عبائر الجماعة، لورودها مورد الغلبة، وليس إلّا الأربع الأصابع مضمومة أو غايتها منفرجة، فالزيادة تعدية تحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة.والحق بالكف اللبنة أي الجيب، للنبوي الآخر : كان له صلي الله وعليه وآله جبة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۳۱-۳۳۳.