غسل الوجه في الوضوء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
من
فرائض الوضوء غسل الوجه، وطوله من قصاص شعر الرأس إلى الذقن، وعرضه ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى؛ ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية، ولا تخليلها.
من
فرائض الوضوء غسل الوجه وطوله من قصاص شعر الرّأس أي منتهى منبته عند الناصية، وهو عند انتهاء استدارة الرّأس وابتداء تسطيح الجبهة، فالنزعتان من الرّأس،
إلى محادر شعر الذقن أي المواضع الّتي ينحدر فيها الشعر عنه ويسترسل،
بالنّص والإجماع.
وعرضه ما اشتمل عليه الإبهام والوسطى بهما، مراعياً في ذلك مستوي الخلقة في الوجه واليدين، فيرجع فاقد شعر الناصية وأشعر الجبهة المعبّر عن الأول بالأنزع والثاني بالأغمّ، وقصير الأصابع وطويلها بالنسبة إلى وجهه، إلى مستوي الخلقة لبناء الحدود الشرعيّة على الغالب.
وعليه يحمل
الصحيح: «الوجه الذي قال اللّه عزّوجل، وأمر اللّه عزّوجل بغسله، الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، وإن نقص منه أثم: ما دارت عليه الإبهام والوسطى، من قصاص شعر الرّأس إلى الذقن، وما جرت عليه
الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه» قلت: الصدغ من الوجه؟ قال: «لا»
.
ومنه يعلم أنه لا يجب غسل ما استرسل من
اللحية وزاد عليها طولاً وعرضاً إجماعاً، كما حكي
.
ولا الصدغ بجميعه لو فسّر بما فوق العذار من الشعر خاصة، كما هو ظاهر الصحيح، وجمع من
الأصحاب، بل وصريح بعضهم
.
أو بعضه ممّا لم يصل إليه الإصبعان لو فسّر بمجموع ما بين العين
والاُذن، كما عن بعض
أهل اللغة وظاهر جماعة
.
وكيف كان فعدم دخوله مطلقاً أو في الجملة إجماعي، بل قيل: إنه مذهب جمهور العلماء
، مضافا إلى دلالة الصحيح عليه من وجهين.
خلافاً للمنقول عن بعض
الحنابلة وظاهر
الراوندي في
الأحكام.
ولا ما يخرج من العذار، وهو ما حاذى الاذن من الشعر، عن
إحاطة الإصبعين، كما عن
المعتبر والتذكرة ونهاية الإحكام.
ومنه يظهر ضعف القولين بوجوب غسله مطلقاً كما عن ظاهر
المبسوط والخلاف، وعدمه كذلك كما عن صريح
التحرير والمنتهى. وربما احتاط بالأول
شيخنا في
الذكرى والدروس.
ومنه يعلم عدم وجوب غسل البياض الذي بينه وبين الاُذن بطريق أولى.
ولا ما خرج من العارض، وهو ما تحت العذار من جانبي اللحية إلى شعر الذقن، عن إحاطة الإصبعين كما عن نهاية الإحكام
.
ومنه يظهر ضعف القولين بوجوب غسله مطلقا كما عن
الإسكافي والشهيدين
، وعدمه كذلك كما عن المنتهى
.
ولكن الأول
أحوط لدعوى ثانيهما الإجماع عليه.
ووجوب غسل ما نالته الإصبعان من مواضع
التحذيف، وهي: منابت الشعر الخفيف بين النزعة والصدغ أو ابتداء العذار، كما عن
الروضة والمسالك قطعا
، والذكرى احتياطاً
.
خلافاً للمنقول عن التذكرة والمنتهى
، بناء على دخولها في الرأس لنبات الشعر عليها. وضعفه ظاهر.
ولا يجب تخليلها أي اللحية
للأصل، والإجماع، كما عن نص الخلاف
والناصريات. وهو كذلك في الكثيفة، وأمّا الخفيفة فربما يتوهم فيها الخلاف، والأشهر الأظهر: العدم للمعتبرة المستفيضة الصريحة الدلالة.
ففي الصحيح: «كلّ ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه»
.
وفي آخر: عن الرجل يتوضأ، أيبطن لحيته؟ قال: «لا»
.
وفي
الموثق: «إنّما عليك أن تغسل ما ظهر»
.
وتؤيده الصحاح المستفيضة المكتفية في غسل الوجه بالغرفة
.
والمراد بتخليلها: إدخال الماء خلالها لغسل البشرة المستورة بها.
أما الظاهرة خلالها فلا بدّ من غسلها بلا خلاف كما يفهم من بعض العبارات
، بل وعن صريح بعض الإجماع عليه
.
كما يجب غسل جزء آخر ممّا جاورها من المستورة من باب المقدمة، وربما يحمل عليه كلام من أوجبه في الخفيفة، فيصير النزاع لفظياً، كما صرح به جماعة
.
وهل يستحب كما عن التذكرة ونهاية الإحكام والشهيد
، أم لا كما عن
المصنف والمنتهى وظاهر
النفلية والبيان؟
قولان، الظاهر: الثاني لعدم الثبوت، واحتمال الإخلال
بالموالاة، وظاهر النهي فيما تقدم، واحتمال دخوله في التعدي المنهي عنه، وكونه مذهب
العامة كما صرّح به جماعة
، ويستفاد من بعض المعتبرة المروي عن كشف الغمة فيما كتب
مولانا الكاظم (علیهالسّلام) إلى
عليّ بن يقطين اتقاء: «اغسل وجهك ثلاثاً وخلّل شعر لحيتك «ثمَّ كتب إليه» توضّأ كما أمر اللّه تعالى اغسل وجهك مرة فريضة واخرى
إسباغاً إلى قال: «فقد زال ما كنّا نخاف عليك»
.
ولم يتعرض له ثانياً، ولو كان مستحباً لأمر به كما أمر بالإسباغ.
ومع جميع ذلك لا يتم الثبوت من باب
الاحتياط مع عدم تماميته مطلقاً؛ للإجماع على عدم
الوجوب في الكثيفة.
ويستوي في ذلك شعر اللحية والشارب والخدّ والعذار والحاجب والعنفقة والهدب مطلقاً ولو من غير الرجل، مطلقا، وعن الخلاف الإجماع عليه
.
وجوب البدأة بالأعلى في غسل الوجه أيضاً، مضافا إلى الأمر به بخصوصه في بعض الأخبار المنجبر قصور سنده بالاشتهار، رواه في
قرب الإسناد، وفيه: «لا تلطم وجهك بالماء لطما، ولكن اغسل من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا»
الحديث.
خلافاً
للمرتضى والحلّي في المقامين، فلم يوجباه
لإطلاق الآية. وهو ضعيف بما قدّمناه.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۱۲۱-۱۲۵.