قصاص النفس في الحرين
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لو قتل حر حرين فليس للأولياء إلا قتله؛ ولو قتل العبد حرين على التعاقب ففي
رواية هو لأولياء الأخير، وفي أخرى: يشتركان فيه ما لم يحكم به لولي الأول.
لو قتل الحرّ حرّين فصاعداً عمداً فليس للأولياء إلاّ قتله بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع عن
المبسوط والخلاف كما ستسمعه، وهو
الحجّة؛ مضافاً إلى الأصل، وقولهم: «إنّ الجاني لا يجنى على أكثر من نفسه»
.
فلو قتلوه لم يكن لهم المطالبة
بالدية.
ولو قتله أحدهم، فهل للباقي المطالبة بالدية؟ فيه وجهان، بل قولان، من أنّ الجناية لم توجب سوى
القصاص، ومن عموم قوله (علیهالسّلام): «لا يطلّ دم امرئ مسلم»
واختار هذا
الفاضل في
القواعد في هذا الكتاب، وإن تردّد فيه في الديات، وتبعه ولده في الشرح،
والفاضل المقداد في
شرح الكتاب،
وشيخنا في المسالك، وإن كان ظاهره التردّد فيه في
الروضة، وحكي عن
الإسكافي وابن زهرة.
وظاهر العبارة ونحوها الأوّل، كما عن
النهاية والوسيلة والسرائر والجامع والمبسوط والخلاف
، مدّعى فيهما الإجماع، وهو الأوفق بالأصل.
ولو قتل العبد حرّين فصاعداً على التعاقب واحداً بعد واحد ففي رواية
علي بن عقبة، عن
مولانا الصادق (علیهالسّلام): في عبد قتل أربعة أحرار، واحداً بعد واحد، قال: «هو لأولياء الأخير من القتلى، إن شاءُوا قتلوه، وإن شاءُوا استرقّوه؛ لأنّه إذا قتل الأوّل استحقّه أولياؤه، فإذا قتل الثاني استُحقّ من أولياء الأوّل فصار لأولياء الثاني»
وهكذا.
وفي
رواية أُخرى صحيحة أنّهما يشتركان فيه ما لم يحكم به لوليّ الأوّل
وباختلافهما اختلف الأصحاب، فبين مفتٍ بالأُولى،
كالشيخ في النهاية
، ومفتٍ بالثانية كهو في
الاستبصار وعن الإسكافي
والحلّي، وعليه عامّة المتأخّرين.
وهو الأقوى؛ لصحة سندها، واعتضادها بفتوى أكثر
الأصحاب، بل كلّهم؛ لرجوع الشيخ عن الأُولى إليها. وبالاعتبار؛ لاشتراكهما في الاستحقاق، وعدم الانتقال بمجرّد الجناية بدون الاسترقاق، فإنّ الأصل في مقتضى العمد
القصاص، فلا وجه لتردّد
الماتن هنا، مع فتواه في
الشرائع بالثانية صريحاً، بل طرح الاولى متعيّن جدّاً.
ويمكن حملها على ما لو اختار أولياء السابق استرقاقه قبل جنايته على اللاحق؛ جمعاً.
واحترز بالتعاقب عمّا لو قتلهما دفعةً، فإنّ أولياء المقتولين يشتركون فيه حينئذٍ اتفاقاً، كما في
شرح الشرائع للصيمري والمسالك وغيرهما
، وفي غيرها نفي الخلاف عنه
.
قالوا: ويكفي في الحكم به للأوّل اختياره استرقاقه قبل جنايته على الثاني، وإن لم يحكم به حاكم، ومع اختياره الاسترقاق لو قَتَل بعد ذلك فهو للثاني، فإن اختار استرقاقه ثم قَتَل فهو للثالث، وهكذا.
ونبّهوا بذلك على خلاف الشيخ في الاستبصار
، حيث اشترط في ذلك حكم الحاكم به، وظاهر الرواية الصحيحة معه، فإنّ فيها: عبد جرح رجلين، قال: «بينهما إن كانت الجناية محيطة بقيمته» قيل له: فإن جرح رجلاً في أوّل النهار وآخر في آخر النهار؟ قال: «هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأوّل» قال: «فإن جنى بعد ذلك جناية فإنّ جنايته على الأخير»
.
وحمله في
المختلف على ما يجب أن يحكم به، وهو الانتقال المستند إلى الاختيار، وفي المسالك بعد نقل ما مرّ عن الشيخ قال: ولعلّه جعل حكم الحاكم به كناية عن اختيار الأوّل الاسترقاق
. وهو غير بعيد.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۳۲-۲۳۴.