لبس المخيط في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ومن
محرمات الإحرام : لبس المخيط للرجال؛ وجواز
لبس المخيط للنساء.
(
لبس المخيط للرجال) بلا خلاف، كما عن الغنية،
وفي التحرير والتنقيح وموضع من المنتهى،
وظاهره نفيه بين العلماء، مؤذناً بإجماعهم كافة، كما صرح به في موضع آخر منه و
التذكرة ؛
للصحاح المستفيضة.
منها : «لا تلبس وأنت تريد
الإحرام ثوباً تزرّه ولا تدرّعه، ولا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار، ولا الخفين إلاّ أن لا يكون لك نعلان»
وفي معناه غيره.
لكن ليس فيها إلاّ النهي عن القميص والقباء والسراويل والثوب المزرّر والمدرّع، لا مطلق المخيط.
وعن التذكرة أنه قال : ألحق
أهل العلم بما نصّ به
النبي صلي الله عليه و آله وسلم ما في معناه، فالجبّة والدرّاعة _
الدُّرّاعة والمِدرع : ضرب من الثياب التي تلبس، وقيل : جُبّة مشقوقة المقدّم، _
وشبههما ملحق بالقميص، والتبّان والران _التبّان كرُمّان : سراويل صغير يستر العورة المغلّظة، الران : كالخفّ إلاّ أنه لا قدم له وهو أطول من الخفّ _
وشبههما ملحق بالسراويل، و
القلنسوة وشبهها مساوٍ للبرنس، والساعدان والقفّازان وشبههما مساوٍ للخفّين، قال : إذا عرفت هذا فيحرم لبس _ الثياب _ المخيطة وغيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج والمعقود، كجبة
اللبد والملصق بعضه ببعض، حملاً على المخيط؛ لمشابهته إياه في المعنى من الترفه والتنعم.
انتهى.
وفيه نظر. والأولى
الاستدلال عليه بعموم النص؛ إذ ليس فيه
اشتراط الخياطة إلاّ فيما له أزرار، إلاّ أن يمنع
انصرافه بحكم التبادر والغلبة إلى غير المخيط، فيرجع فيه لو لا الإجماع على
الإلحاق إلى حكم
الأصل ، وهو عدم المنع.
وفي الدروس : يجب ترك المخيط على الرجال وإن قلّت الخياطة في ظاهر كلام الأصحاب، ولا يشترط
الإحاطة ، ويظهر من كلام
الإسكافي اشتراطها، حيث قيّده بالضامّ للبدن، فعلى الأوّل يحرم التوشح بالمخيط والتدثر.
انتهى. ولا يتم الاستدلال على ما يظهر من كلام الأصحاب بالمنع مما له أزار؛ لجواز كونه للضم، كما يستفاد من الصحيح في
الطيلسان المزرّر : «إنما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل، فأما
الفقيه فلا بأس أن يلبسه».
وفي آخر : «يلبس كل ثوب إلاّ ثوباً يتدرّعه».
(وفي) جواز لبس (النساء) له (قولان، أصحّهما الجواز) وفاقاً لأكثر الأصحاب، بل عامتهم عدا النادر على الظاهر، المصرَّح به في كلام جماعة،
مشعرين بدعوى
الإجماع ، كما في صريح
السرائر والمنتهى والتذكرة،
وعن المختلف والتنقيح،
بل ظاهر ما عدا الأخيرين كونه مجمعاً عليه بين العلماء؛ وهو الحجّة. مضافاً إلى الأصل، مع
اختصاص الأدلة المانعة فتوًى وروايةً بالرجل خاصة دون
المرأة ، والمعتبرة بها مع ذلك مستفيضة، وفيها الصحاح، منها : «المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقُفّازَين».
خلافاً للنهاية فمنع عما عدا السراويل والغِلالة،
وحجته مع شذوذه، ورجوعه عنه في
المبسوط ،
بل وعدم وضوح عبارته في الكتاب في المنع على بعض النسخ غير واضحة. عدا ما قيل له من عموم المحرم في خبر النهي لهنّ، والخطاب لكل من يصلح.
وهو ممنوع؛ لاختصاص الخطاب حقيقة بالذكر، والتغليب مجاز، والقرينة مفقودة، بل على الجواز كما عرفت موجودة. نعم لا بأس بالمنع عن القُفّازين؛ للنصوص، منها زيادةً على ما مرّ خبران آخران،
مجبور ضعف سندهما بالإجماع المحكي في صريح الخلاف والغنية،
وعن ظاهر المنتهى والتذكرة.
خلافاً لبعض متأخري المتأخرين، فأحتمل
الإباحة ، قال : لأنهما على أحد التفسيرين داخلان في جنس الثياب، وقد دلّ الدليل على جواز لبسها، وعلى الآخر داخلان في جنس الحُليّ، فيتحد حكمهما معه، وهو جواز اللبس لغير زينة.
وأشار بالتفسير الأوّل إلى ما في السرائر و
مجمع البحرين،
وحكي عن الصحاح والمنتهى والتذكرة
من أنهما شيء يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار تزرّ على الساعدين من
البرد ، وتلبسه المرأة في يديها.
وبالثاني إلى ما حكاه والأوّل عن
القاموس من أنهما ضرب من الحُليّ لليدين أو للرجلين.
ونحوه عن جماعة من أهل اللغة.
وفيه : أن ما ذكره من أدلة الجواز على التقديرين عامة، والمانعة خاصة، فلتكن عليها مقدمة. والجمع بالكراهة مرجوح
بالإضافة إلى التخصيص كما مرّ غير مرّة، ولفظ الكراهة بدل النهي في بعض الأخبار لا يصلح قرينة عليها بالمعنى المصطلح؛ لكونه في الأخبار أعم منها ومن الحرمة، والعام ليس فيه على الخاص دلالة. هذا مع قطع النظر عن الإجماعات المنقولة، وإلاّ فهي على المنع وترجيحه أقوى حجة.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۷۲- ۲۷۶.