نصاب المسروق في قطع اليد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ونصاب القطع ربع دينار، ذهبا خالصا، مضروبا بسكة المعاملة أو ما قيمته.
ومنها: اشتراط بلوغه نصاب القطع بلا خلاف، بل عليه إجماعنا في
المسالك وغيره
؛ وهو
الحجّة المخصِّصة لإطلاق
الآية والرواية بقطع السارق بقول مطلق، مضافاً إلى الأدلّة الآتية من الإجماعات المحكيّة والنصوص المستفيضة بل المتواترة.
وقدره ربع دينار، ذهباً خالصاً، مضروباً بسكّة المعاملة أو ما بلغ قيمته ذلك على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي
الخلاف والاستبصار والغنية والسرائر وكنز العرفان: أنّ عليه إجماع
الإماميّة؛ وهو
الحجّة، مضافاً إلى النصوص المستفيضة الخاصّية والعامّية.
ففي
الصحيح: «لا يقطع إلاّ في ربع دينار أو أكثر»
.
وفي آخر: «لا يقطع يد
السارق إلاّ في شيء تبلغ قيمته مِجَنّاً
، وهو ربع دينار»
.
وفي الخبرين: عن أدنى ما يقطع فيه السارق، فقال: «في بيضة حديد»، قلت: وكم ثمنها؟ قال: «ربع دينار»
.
وزيد
في أحدهما: وقال (علیهالسّلام): «لا يقطع يد السارق حتى تبلغ سرقته ربع
دينار».
وقول
الصدوق بالخُمس
،
والعماني بالدينار الكامل
، شاذّان ضعيفان، وإن دلّ على الأول منهما
الموثّق والصحيحان
: «أدنى ما يقطع فيه السارق خُمس دينار» كما في الأول وأحدهما، وفي الثاني: «يقطع السارق في كلّ شيء يبلغ قيمته خُمس دينار وإن سرق من زرع أو ضرع أو غير ذلك».
وعلى الثاني الصحيح: في كم يقطع السارق؟ فجمع كفّيه ثم قال: «في عددها من الدراهم»
بناءً على كونها قيمة الدينار في ذلك الزمان، كما يستفاد من كثير من الأخبار
وجمع من
الأصحاب.
ووجه ضعف القولين مع اعتبار
سند هذه
النصوص وكثرتها واعتضادها بغيرها أيضاً، مع اعتضاد ما دلّ منها على الأول بإطلاقات
الكتاب والسنّة بقطع كلّ سارق، خرج منها ما لو سرق أقلّ من الخمس بالإجماع، فيبقى الباقي:
أوّلاً: تعارض بعضها مع بعض، مع موافقة ما دلّ منها على اعتبار الدينار على تقدير تسليم دلالته لرأي جماعة من
العامّة، رأيهم إلى الآن مشتهرة، كالثوري وأصحاب الرأي
وأبي حنيفة.
وثانياً: بقصورها عن المقاومة لما مضى من الأدلّة جدّاً، من حيث الاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل
إجماع في الحقيقة؛ لندرة المخالف وشذوذه مع معلوميّة نسبه والإجماعات المحكيّة، والأوفقيّة بما دلّ على درء
الحدود بالشبهة؛ لحصولها باعتبار اختلاف
الفتوى والرواية في اعتبار الربع أو الخمس، وعدم القطع بالأخير أوفق بالاحتياط بلا شبهة.
لكن هذا المعاضد يدفع القول بالخمس دون كمال الدينار، بل ينعكس فيه، لكنّه في غاية من الضعف قليل الدليل، بل عديمه؛ لأن غاية ما دلّ عليه الصحيحة ثبوت القطع به لا نفيه فيما دونه، فتأمّل.. ومع ذلك تواترت النصوص في ردّه، وإن اختلفت في تعيين الربع أو الخمس كما في النصوص المتقدّمة، أو الثلث كما في صريح الموثّق
وظاهر آخر
، أو الدرهمين كما في النصّ الآتي إليه الإشارة.
وبالجملة: لا ريب في صحّة القول الأول، وضعف ما قابلة والنصوص الدالّة عليه، ويمكن حملها على
التقيّة كما ذكره
شيخ الطائفة، قال بعد حمل ما دلّ منها على الخمس عليها: لموافقتها لمذاهب كثير منهم
. ويظهر ذلك أيضاً من كلّ من ادّعى إجماعنا على الربع.
ويحكى في
الروضة قول بالقطع في درهمين
، كما في بعض النصوص
. وهو يوافق القول بالخمس؛ بناءً على البناء المتقدّم.
واعلم أنّه لا فرق فيه بين عين
الذهب وغيره، فلو بلغ العين ربع دينارٍ وزناً غير مضروب، ولم تبلغ قيمته المضروب، فلا قطع؛ لأنّ الدينار حقيقةٌ في المسكوك منه، فيحمل عليه إطلاقه الوارد في النصوص.
خلافاً للخلاف
والمبسوط، فقوّى عدم اشتراط السكّة. وهو شاذ.
ولو انعكس، بأن كان سدس دينار مصوغاً قيمته ربع دينار مسكوكاً، قطع على الأقوى.
وكذا لا فرق بين علمه بقيمته أو شخصه وعدمه، فلو ظنّ
المسروق فلساً فظهر ديناراً، أو سرق ثوباً قيمته أقلّ من النصاب فظهر مشتملاً على ما يبلغه ولو معه، قطع على الأقوى؛ لتحقّق
الشرط. ولا يقدح عدم
القصد إليه؛ لتحقّقه في
السرقة إجمالاً، مع عدم دليل على اعتبار قصد النصاب في القطع بسرقته أصلاً.
قيل: ولشهادة الحال بأنّه لو علمه لقصده
. وفي إطلاقها نظرٌ لا يخفى.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۹۸-۱۰۳.