المسروق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في بيان المسروق الذي يجب بسرقته القطع وشروطه: ونصاب القطع ربع
دينار، ذهبا خالصا، مضروبا بسكة المعاملة أو ما قيمته؛ ذلك، ولابد من كونه محرزا، بقفل أو غلق أو دفن؛ وقيل: كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه فهو حرز؛ ولا يقطع من سرق من المواضع المأذون في غشيانها،
كالحمامات،
والمساجد؛ وقيل إذا كان المالك مراعيا للمال كان محرزا؛ ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين؛ ولا يقطع في الثمر على الشجر، ويقطع سارقه بعد إحرازه؛ وكذا لا يقطع في سرقة مأكول، في عام مجاعة؛ ويقطع من سرق مملوكا، ولو كان حرا فباعه قطع لفساده، لا حدا؛ ويقطع
سارق الكفن لأن
القبر حرز له ويشترط بلوغه النصاب، وقيل: لا يشترط، لأنه ليس
حد السرقة، بل لحسم الجرأة؛ ولو نبش ولم يأخذ عزر ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا.
•
نصاب المسروق في قطع اليد، ونصاب القطع
ربع
دينار، ذهبا خالصا، مضروبا بسكة
المعاملة أو ما قيمته.
•
الحرز في المسروق، ولا بدّ من كون المسروق محرزاً
، بقفل أو غلق أو دفن
؛ وقيل
: كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه فهو حرز
؛ ولا يقطع من سرق من المواضع المأذون في غشيانها،
كالحمامات،
والمساجد؛ وقيل
إذا كان المالك مراعيا للمال كان محرزا
؛ ولا يقطع من سرق من جيب
إنسان أو كمه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين
؛ ولا يقطع في الثمر على الشجر، ويقطع سارقه بعد إحرازه
.
وكذا لا يقطع في سرقة مأكول عام سَنَة أي مجاعة سواء كان مأكولاً بالفعل أو بالقوّة، بلا خلاف ظاهر ومحكيّ في بعض العبائر
، ونسب إلى روايات الأصحاب في
الغنية والسرائر.
فمنها
القويّ: «لا يقطع
السارق في عام سنة» يعني: مجاعة
. ونحوه آخر
.
وإطلاقهما وإن شمل سرقة المأكول وغيره إلاّ أنّه مقيّد بالأول بالاتّفاق على الظاهر وظاهر الخبر: «لا يقطع السارق في سنة المجاعة في شيء ممّا يؤكل، مثل: الخبز واللحم وأشباه ذلك»
.
وأظهر منه آخر مرويّ في
الفقيه: «لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة» يعني: في المأكول دون غيره
، فتأمّل.
ولا فرق في ظاهر إطلاق
النصّ والفتوى بين كون السارق غنيّاً غير محتاج إلى المأكول، أو فقيراً محتاجاً إليه، وبه صرّح
شيخنا في
المسالك.
ويحتمل الاختصاص بالثاني باحتمال اختصاص الإطلاق به بحكم
التبادر، ولكن درء الحدّ بالشبهة يقتضي المصير إلى الأول.
ويقطع من سرق مملوكاً بلا خلاف منّا إذا كان صغيراً، بل ظاهر بعض العبارات
الإجماع عليه منّا
؛ لأنّه مالٌ فيلحقه حكمه وشروطه: من كونه محرزاً، وبلوغ قيمته النصاب.
ولو كان كبيراً مميّزاً فلا قطع بسرقته؛ لأنّه متحفّظ بنفسه. إلاّ أن يكون نائماً، أو في حكمه، أو لا يعرف سيّده عن غيره، كذا ذكره جماعة
، بل لم أجد فيه خلافاً إلاّ من إطلاق العبارة.
ولو كان المسروق حرّا، فباعه السارق قطع وفاقاً
للنهاية وجماعة
، بل ادّعى في
التنقيح عليه
الشهرة؛ والنصوص به مستفيضة:
منها القويّ: «أنّ
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) اتي برجل قد باع حرّا، فقطع يده»
.
ومنها: عن الرجل يبيع الرجل وهما حرّان، فيبيع هذا هذا، وهذا هذا، ويفرّان من بلد إلى بلد، فيبيعان أنفسهما ويفرّان بأموال الناس، قال: «يقطع أيديهما؛ لأنّهما سارقا أنفسهما وأموال الناس»
.
ومنها: عن رجل باع امرأته، قال: «على الرجل أن يُقطَعَ يده»
.
ومنها: عن رجل سرق حرّة فباعها، فقال: «عليه أربعة
حدود: أمّا أوّلها فسارق يُقطَعُ يده»
الخبر.
خلافاً للخلاف، فلا قطع عليه، قال: للإجماع على أنّه لا قطع إلاّ فيما قيمته ربع دينار فصاعداً، والحرّ لا قيمة له، وقال مالك: عليه القطع، وقد روى ذلك أصحابنا
.
ويضعّف بأنّ قطعه إنّما هو لفساده، لا حدّا بسرقته.
نعم، ربما يشكل بأنّ اللازم عليه تخيير الحاكم بين قتله وقطع يده ورجله من خلاف، إلى غير ذلك من أحكامه، لا يتعيّن القطع بخصوصه، إلاّ أن يدّعى خصوصيّة فيما نحن فيه، خارجة عن قاعدة
حدّ المفسد، تبعاً للنصوص المزبورة، فتأمّل.
ووجّه الحكم في
المختلف بأنّ وجوب القطع في سرقة المال إنّما جاء لحراسته وحراسة،
النفس أولى، فوجوب القطع فيه أولى
.
ويضعّف بأنّ الحكم معلّق على مال خاص يسرق على وجه خاص، ومثله لا يتمّ في الحرّ، ومطلق خيانة المال غير مقصود في هذا الباب، كما يظهر من الشرائط، وحمل النفس عليه مطلقاً لا يتمّ، وبشرائطه لا ينتظم؛ مع أنّ إلحاق النفس بالمال يقتضي القطع بسرقته على الإطلاق ولو تجرّد عن بيع، ولم يقولوا به.
وربما يشكل ما في العبارة من التعليل بوجهٍ آخر، وهو: أنّ العمدة في إثبات القطع هنا هو النصوص، وقد علّله جملة منها بكونه سارقاً، الظاهر في أنّه للسرقة لا غير، فالاعتذار بها أولى.
إلاّ أن تردّ بقصور أسانيدها، وعدم وضوح جابر لها عدا
الشهرة المحكيّة. وفي حصوله بها نوع مناقشة، سيّما مع رجوع
الشيخ الذي هو أصلها عمّا في النهاية.
ولكن عليه لا يتوجّه الحكم بالقطع بالتعليل في العبارة؛ لما يرد عليه ممّا عرفته. ودفعه بما قدّمناه من احتمال الخصوصيّة الخارجة بالنصوص بعد فرض ضعفها، غير ممكن.
ولذا أنّ ظاهر جماعة التردّد في المسألة،
كالماتن في
الشرائع،
والفاضل المقداد في التنقيح، والشهيدين في المسالك واللمعتين
. وبه يتّجه ما في الخلاف من عدم القطع؛ لحصول
الشبهة الدارئة.
وإطلاق العبارة والنصوص المتقدّمة بل ظاهر جملة منها عدم الفرق في المسروق بين الصغير والكبير، كما عن النهاية
وجماعة
.
ولكنّه قيّده في
المبسوط والخلاف وكثير بل الأكثر، كما في المسالك
بالأوّل؛ نظراً إلى أنّ الكبير متحفّظ بنفسه، فلا يتحقّق سرقته.
وهذا التعليل متوجّه على تقدير الاستناد في قطع سارق الحرّ إلى كونه سارقاً، وهو ينافي ما مضى من التعليل بأنّه لفساده لا حدّاً. وأمّا عليه فلا فرق بين الصغير والكبير، لوجوده في سرقتهما، فتأمّل جدّاً.
•
سرقة الكفن، ويقطع سارق
الكفن لأن
القبر حرز له
، ويشترط بلوغه النصاب
، وقيل: لا يشترط
، لأنه ليس حد
حد السرقة، بل لحسم الجرأة
؛ ولو نبش ولم يأخذ عزر
، ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۹۸-۱۲۰.