• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إبراء الضامن

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ولتفصيل أكثر انظر الإبراء (توضيح).
وهو إبراء الضامن المضمون عنه (الذي إشتغلت ذمته) قبل الأداء للدائن.




إذا أبرأ الضامن المدين قبل أن يسدّد دينه إلى دائنه، فهل يصح الإبراء ؟ وهل يكون من إبراء ما لم يجب أم لا؟
المسألة مبتنية على مسألة اخرى وهي: أنّ المدين متى تشتغل ذمّته تجاه الضامن؟
فهل أنّ الضمان بنفسه يوجب اشتغال ذمّة المدين تجاه الضامن، بحيث يصبح المدين مديناً للضامن بالدين من حين وقوع عقد الضمان ولو لم يكن الضامن قد أدّى شيئاً من الدين إلى الدائن بعدُ، أم أنّ نفس الضمان لا يسبّب الاشتغال وإنّما الأداء سبب للاشتغال؟
فيه وجهان رئيسيّان:

۱.۱ - الوجه الأوّل


أنّ الضمان في نفسه لا يوجب اشتغال ذمّة المدين تجاه الضامن بوجهٍ من الوجوه، وإنّما تشتغل ذمّته تجاهه من حين أداء الضامن الدين إلى الدائن. وهذا هو الظاهر من الفقهاء، بل هو المصرّح به في كلمات بعضهم.
وبناءً على هذا الوجه لا شي‌ء للضامن في ذمّة المدين قبل أن يسدّد دينه ويؤدّيه إلى الدائن، فلو أبرأه الضامن والحال هذه كان إبراءً عمّا لم يثبت، فتبتني صحّة هذا الإبراء على صحّة الإبراء عمّا لم يجب، وقد تقدّم الكلام عن ذلك، فلاحظ.

۱.۲ - الوجه الثاني


أنّ الضمان بنفسه ومن حيث وقوعه يوجب اشتغال ذمّة المدين تجاه الضامن، وذلك بأحد أنحاء ثلاثة كل واحد منها محتمل:

۱.۲.۱ - النحو الأوّل


أن يكون موجباً للاشتغال بنحو مستقرّ- أي غير متزلزل- وبنحو مطلق- أي غير مشروط بالأداء- فالمدين يصبح مديناً للضامن بالدين من حين وقوع عقد الضمان وبموجبه، ويبقى مديناً له وإن لم يسدّد الضامن شيئاً إلى الدائن أبداً.
فبناءً على هذا الاحتمال يصحّ للضامن أن يُبرئ المدينَ قبل أن يسدّد الدين إلى الدائن؛ لأنّه إبراء عن حق ثابت للمبرئ على المبرأ ، ويقع الإبراء بنحو مستقرّ غير متزلزل، كما يقع بنحو مطلق غير مشروط بالأداء.
إلّا أنّ هذا الاحتمال باطل، بل لا قائل‌ به عندنا عدا ما قد يستفاد من عبارة ابن الجنيد في باب الصلح لا الإبراء، وقد تقدم.

۱.۲.۲ - النحو الثاني


أن يكون موجباً للاشتغال بنحو متزلزل ومراعى بتسديد الضامن الدين إلى الدائن، فإن حصل التسديد والأداء استقرّ اشتغال ذمّة المدين تجاه الضامن، وإن لم يحصل بطل الاشتغال.
وبناءً على هذا الاحتمال يصحّ للضامن أن يُبرئ المدينَ قبل أن يسدّد الدين إلى الدائن؛ لأنّه إبراء عن حق ثابت للمبرئ على المبرأ، لكن نظراً إلى أنّ الحق ثابت بنحو متزلزل، فالابراء أيضاً يقع بنحو متزلزل وغير مستقرّ، فإن حصل التسديد من قبل الضامن استقرّ الإبراء، وإلّا فيبطل وينفسخ كما يبطل أصل الحق والاشتغال وينفسخ.

۱.۲.۳ - النحو الثالث


أن يكون موجباً للاشتغال بنحو مشروط بالتسديد والأداء على طريقة الشرط المتأخّر، بمعنى أنّ التسديد والأداء يكشف عن اشتغال ذمّة المدين تجاه الضامن من حين وقوع الضمان، كما أنّ عدم التسديد يكشف عن عدم الاشتغال من الأصل.
وبناءً على هذا الاحتمال يصحّ للضامن أن يُبرئ المدين قبل أن يسدّد دينه إلى دائنه؛ لأنّه إبراء عن حق ثابت له عليه، لكن بما أنّ الحق مشروط بالأداء فالابراء أيضاً مشروط بالأداء بنحو الشرط المتأخر، فإن حصل الأداء والتسديد كشف عن وقوع الإبراء في محلّه وصحّته، وإن لم يحصل انكشف بطلان الإبراء وعدم وقوعه في محلّه.
[۳] العروة الوثقى مع تعاليقها، ج۲، ص۷۶۷، م ۱۳.




المشهور أنّ الطبيب أو البيطار ضامن لما يفسده ولو كان خطأً وبلا تقصير إذا كان مباشراً للعلاج أو آمراً به بنحو يكون الافساد مستنداً إليه، فيضمن الدية في التطبيب وقيمة الدابة في البيطرة. وتفصيله متروك إلى بحث الضمان .
والمشهور بل المتسالم عليه أيضاً أنّه إذا أخذ الطبيب أو البيطار البراءة من المريض أو مالك الدابة قبل العلاج سقط عنه الضمان.
وقد نسب إلى بعض الفقهاء- كابن إدريس والشهيد الثاني - التشكيك في صحّة هذا الإبراء نظراً إلى أنّه من إبراء ما لم يجب حيث إنّ الضمان للدية أو لقيمة الدابة لا يتحقق إلّا بعد التلف، فلا يصح الإبراء والإسقاط قبل ثبوت سببه؛ لأنّه من إسقاط ما لا وجود له، فلا يكون إسقاطه تنجيزاً وبالفعل معقولًا والإسقاط أو الإبراء مشروطاً ومعلقاً على تقدير تحقق التلف تعليق مبطل للعقود والإيقاعات.
وقد ردّ هذا القول أو الاحتمال من قبل القائلين بالصحة وحصول البراءة بذلك بوجوه عديدة، أهمها:

۲.۱ - وجود النصّ في المسألة


وهو رواية السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلّا فهو له ضامن».
وهذا النصّ كما يثبت الضمان في خطأ الطبيب والبيطار في صورة عدم أخذ البراءة كذلك يثبت سقوط الضمان بأخذ البراءة من الولي قبل العلاج، ومع وجود النص في المسألة لا وقع لدعوى البطلان بقاعدة إسقاط ما لم يجب.
وقد نوقش في سند الحديث حيث وقع فيه النوفلي عن السكوني عن الامام عليه السلام.
واجيب: بأنّ السكوني موثق في كلام الشيخ الطوسي في العدّة، والنوفلي أيضاً يمكن توثيقه لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات أو غير ذلك من قرائن التوثيق المقررة في علم الرجال، على أنّ الرواية مشهورة معمول بها لدى الأصحاب، وهو كافٍ عند أكثر الفقهاء للعمل بالرواية.
ونوقش في دلالة الحديث‌ باحتمال أن يراد من أخذ البراءة فيه أخذها بعد العلاج وتحقق النقص والفساد، بل ادّعي أنّ هذا هو ظاهر الحديث، وذلك لقرينتين:

۲.۱.۱ - القرينة الأولى


أنّ البراءة بمعناها الحقيقي لا تصدق إلّا بعد ثبوت الحق في ذمّة الطبيب أو البيطار، وهو إنّما يثبت بعد تحقق التلف لا قبله، فإطلاق البراءة قبل ذلك استعمال في معنى مجازي وهو خلاف الظاهر.

۲.۱.۲ - القرينة الثانية


إضافة أخذ البراءة في الحديث إلى الولي لا المريض، فإنّ الولي لا حق له قبل حدوث الجناية على المريض، فلو كان النظر إلى أخذ البراءة قبل العلاج وقبل حدوث الجناية لكان المفروض أن يأمر بأخذها من المريض نفسه.
واجيب عن ذلك: بأنّ الحديث ظاهر في إرادة أخذ البراءة حين العلاج وقبل حصول الخطأ والتلف؛ لأنّه عبّر بقوله: «من تطبّب أو تبيطر فليأخذ»، وهو واضح في إرادة الأخذ من أوّل الأمر وقبل انتهاء العلاج كي لا يتحقق ضمان.

۲.۱.۳ - الرد على القرينتين


وما ذكر من القرينتين لا صحّة لهما:

۲.۱.۴ - الرد على الأولى


أمّا القرينة الاولى: فلأنّ إطلاق البراءة إنّما هو بلحاظ الزمان الذي يحصل فيه الضمان، وهو ما بعد الافساد والتلف، فلا مجازية في الاستعمال كما في سائر موارد استعمال المشتقات بلحاظ زمان الجري.
وبعبارة اخرى: الحديث لم يفترض أنّ البراءة المأخوذة إنّما هي براءة بلحاظ زمان أخذها، بل براءة عن الضمان الذي يحصل في زمانه بسببه، فكما أنّ الضمان ليس فعلياً حين التطبّب والتبيطر كذلك البراءة، وكما أنّ الضمان فعلي بعدهما إذا تحقق تلف فكذلك البراءة، فالاطلاق بلحاظ زمان الجري، فلا مجازية في الاستعمال.

۲.۱.۵ - الرد على الثانية


فلأنّ المراد بالولي في الحديث من يتولى الأمر ويرجع إليه سواء كان هو المريض في الطبابة للكبير أو وليه في القاصر أو المالك كما في البيطرة. فليس المراد به ولي الدم بالخصوص لكي يتخذ قرينة على إرادة البراءة بعد العلاج وبعد التلف.
بل دلالة الحديث على إرادة أخذ البراءة حين العلاج وقبل حصول التلف والنقص غير قابلة للتشكيك، فإنّه كالصريح في إرادة المنع عن تحقق الضمان واشتغال ذمّة الطبيب والبيطار، وأمّا إذا حصل الاشتغال‌ وتحقق الضمان بعد العلاج فقد تحقق المحذور لهما، حيث يكونان ملزمين بدفع الدية والغرامة حالهما حال أي مدين وضامن آخر، ولا يكون عندئذٍ معنى للبراءة إلّا المصالحة وجلب رضى الدائن والولي، الأمر الثابت في تمام موارد الضمان والديون، فالأمر في دلالة الحديث واضح.

۲.۲ - الإبراء قبل العلاج


وممّا استدلّ به على صحة الإبراء قبل العلاج ما يستظهر من بعض عبارات الجواهر . وتوضيحه: أنّ إبراء الطبيب أو البيطار قبل العلاج عن الضمان يرجع في الحقيقة إلى الاذن في الاتلاف والتصرف، وهو يقتضي عدم ثبوت الضمان، فكما أنّ المالك لو أذن لغيره في أكل ماله أو التصرف المتلف فيه لم يكن فيه ضمان، كذلك لو أبرأ المريض الطبيب عن الضمان، بمعنى أذن له في التصرف في بدنه للعلاج ولو أدّى إلى التلف؛ فإنّ الانسان مسلّط على ماله ونفسه بمقتضى السيرة العقلائية الممضاة شرعاً والأدلّة اللفظية المقررة في محلّها، فليس المقام من الإبراء والإسقاط قبل ثبوت الحق، بل هو من باب الاذن في الاتلاف المقتضي لعدم الضمان وارتفاعه موضوعاً.
وقد ذكر الفقهاء نظير ذلك في فرع آخر، وهو أنّ المجنيّ عليه إذا أذن في الجناية سقط ضمانها حتى إذا كان الفعل حراماً، وقد ذهب إلى ذلك جملة من الفقهاء كالشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع
[۱۰] الشرائع، ج۴، ص۲۰۰.
والعلّامة في التلخيص
[۱۱] تلخيص المرام، ج۱، ص۳۳۶.
والارشاد »، والشهيد في المسالك ، قال: إنّه الأشهر.
واستدلوا عليه بأنّ المجني عليه قد أسقط حقه بالاذن في الاتلاف، فلا يتسلّط عليه الوارث الذي هو فرع المقتول.
ونوقش فيه: بأنّ الانسان غير مسلّط على إتلاف نفسه ليكون إذنه بالاتلاف مسقطاً للضمان كما هو الحال في الأموال، فعمومات أدلّة القصاص والضمان محكمة.
وهذا النقاش إن تمّ فقد يتمّ في باب القصاص ونحوه لا في مثل المقام الذي لا إشكال في جواز أمر المريض الطبيب بالعلاج ولو أدّى إلى التلف؛ فإنّه جائز تكليفاً، ومن حقه وضعاً شرعاً وعقلائياً.
فتسلّط الإنسان على نفسه في مثل هذه الموارد لا إشكال فيه بمقتضى السيرة العقلائية الممضاة وبنصّ الأدلّة اللفظية الدالّة على أنّه لا يحل مال ودم امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه، وبذلك يرفع اليد عن إطلاق أدلّة الدية في الجنايات.
إلّا أنّ هذا الوجه يتوقف على أن يؤخذ الإذن في العلاج وإن أدّى إلى التلف، فلا يكفي مجرد الإذن في العلاج؛ لأنّ الإذن فيه ليس إذناً في الاتلاف.
وعلى أساس هذا الوجه لا يكون أخذ البراءة في المقام من باب الإبراء المصطلح، بل من باب أخذ الإذن في الاتلاف، والحديث المتقدم قابل للحمل على هذا الوجه حيث لم يصرّح فيه بالابراء، وإنّما عبّر بأخذ البراءة، وهو بمعنى أخذ عدم الضمان وعدم كونه مشغول الذمّة، وهذا التعبير ينسجم أيضاً مع أخذ الاذن وطيب نفس المريض ورضاه بالاتلاف المحتمل حصوله بالعلاج.

۲.۳ - الضرورة والحاجة


واستدل للصحة أيضاً بالضرورة والحاجة؛ لأنّ الناس مضطرّون إلى العلاج والاستعانة بالطبيب في ذلك ممّا قد يكون موجباً للتلف، فالحكمة تقتضي أن تسوّغ الشريعة صحّة الإبراء وسقوط الضمان به عن الطبيب، وإلّا فلو حكم الشارع بالضمان لحصل الضرر والضيق والعسر على المريض من خلال تعذّر العلاج عليه نتيجة امتناع الأطباء عن المعالجة خوفاً ممّا قد يتعقبه من الضمان.
[۱۶] الشرائع، ج۴، ص۲۴۸.
[۱۷] المختصر النافع، ج۱، ص۲۹۱.
[۱۸] النهاية ونكتها، ج۳، ص۴۲۰.
[۲۲] الايضاح، ج۲، ص۲۷۸.
[۲۳] التنقيح الرائع، ج۴، ص۴۷۰.
[۳۰] مفتاح الكرامة، ج۱۰، ص۲۷۳.
[۳۱] الرياض، ج۱۰، ص۴۰۱.

ونوقش: تارة كبروياً: بأنّ الحاجة والضرورة لا تكفي لاثبات حكم يخالف القواعد والأدلّة العامّة.
وتارة اخرى صغروياً: بأنّ الحاجة أو الضرورة ترتفع بامكان رفع الضمان بنحو آخر كالشرط في ضمن عقد لازم كاشتراط ذلك ضمن عقد الإجارة على الطبابة، فإنّه يمكن اشتراط سقوط الضمان فيها على تقدير التلف بنحو شرط النتيجة أو اشتراط إسقاطه بنحو شرط الفعل. ولا محذور في التعليق على أمر استقبالي في الشروط كشرط سقوط الخيار ونحوه على ما هو محقق في محله.
وهذا المعنى لأخذ البراءة أيضاً يمكن حمل الحديث المتقدم عليه، بل قد يقال بظهوره فيه بأن يكون أخذ البراءة بمعنى شرط البراءة عليه في عقد الاجارة على عمل الطبابة والبيطرة.
ومنه يعرف أنّ الحديث ليس دليلًا على صحّة إبراء ما لم يجب في المقام- كما ذكر في الوجه الأوّل وفسّره بذلك جملة من الأعلام كالسيد الخوئي
[۳۶] مستند العروة الوثقى (الاجارة)، ج۱، ص۲۵۰.
- وإنّما يدل على أفضل تقدير على معنى أعم صالح للانطباق على أخذ البراءة، بمعنى الاذن في الاتلاف أو شرط البراءة ضمن عقد الاجارة على العلاج أو أيّ طريق آخر صحيح شرعاً.
وقد يدّعى التمسك باطلاق عنوان «أخذ البراءة» لأخذها بنحو الإبراء قبل التلف، فيكون مقتضى إطلاق الحديث صحته بنحو الإبراء أيضاً.
ولكن يمكن القول بأنّه لا إطلاق كذلك في الحديث؛ لأنّه ليس ناظراً إلى تصحيح أسباب أخذ البراءة وأنحائها وكيفياتها، وإنّما يدلّ على أنّه من دون أخذها واشتراطها على الولي وإلزامه بها يكون الطبيب ضامناً، ومع أخذها لا ضمان، وأمّا كون ذلك من باب الإبراء وإسقاط ما لم يجب أو الشرط ضمن العقد أو الاذن في الاتلاف أو الشرط الابتدائي أو أيّ نحو آخر فلا يمكن أن يُعيّن بالحديث أحدها ولا صحتها جميعاً؛ إذ ليس في مقام البيان‌ من هذه الناحية، فإذا فرض أنّ بعض هذه الأسباب كانت باطلة بمقتضى القاعدة، فلا يمكن أن يستدل بهذا الحديث على صحته وتخصيص حكم القاعدة فيه، بل يبقى على حكم القاعدة من البطلان، ويحمل الحديث على أحد المعاني الصحيحة بمقتضى القاعدة.
نعم، لو كانت كل تلك الطرق على خلاف القاعدة استفيد من الحديث صحّة بعضها إجمالًا، بل قد يتم عندئذٍ الاطلاق فيه لجميعها بملاك آخر، إلّا أنّ المقام ليس كذلك؛ لصحة بعض الوجوه المتقدمة كما عرفت.
وقد يترتب على استفادة صحّة الإبراء قبل العلاج من الحديث أنّه بناءً عليه لا بدّ من أخذ الإبراء من قبل الولي أي الوارث للمريض لا نفس المريض فيما إذا كانت الجناية الحاصلة بالعلاج تلف النفس؛ لأنّه هو الولي للدية، ومن هنا اشترط ذلك بعضهم في المقام ولو احتياطاً.
قال السيد الإمام الخميني : «الظاهر براءة الطبيب ونحوه من البيطار والختّان بالابراء قبل العلاج، والظاهر اعتبار إبراء المريض إذا كان بالغاً عاقلًا فيما لا ينتهي إلى القتل والولي فيما ينتهي إليه وصاحب المال في البيطار والولي في القاصر، ولا تبعد كفاية إبراء المريض الكامل العقل حتى فيما ينتهي إلى القتل، والأحوط الاستبراء منهما».
[۳۷] تحرير الوسيلة، ج۲، ص۵۶۱، م ۶.

إلّا أنّ هذا التفريع إن كان من جهة ذكر عنوان الولي في الحديث فقد عرفت أنّ المراد منه من يتولى الأمر وبيده أمر العلاج وهو المريض نفسه إذا كان بالغاً عاقلًا.
وإن كان من جهة أنّ المبرأ منه إنّما هو الدية وهو حق للوارث لا للمقتول، فهذا صحيح بعد الموت لا قبله، بمعنى أنّ الدية في الأصل حق للميت ومنه ينتقل إلى الوارث، ولهذا تحسب من تركة الميت وتخرج منها ديونه، فمع فرض حياة المريض وقبل موته يكون هو الولي وله الحق في التصرّف وإسقاطه عن التلف، فإذا صحّ في المقام إسقاط ما لم يجب فليكن ذلك صحيحاً من قبل الولي الأوّل، وهو المريض نفسه.
وبذلك يظهر حكم فرع آخر في المقام، وهو أنّه هل يجب أخذ البراءة من الولي بمعنى الوارث أو المريض أو يكفي الأخذ من أحدهما؟ حيث ظهر أنّ الصحيح على جميع الوجوه المتقدّمة لتصحيح أخذ البراءة إنّما هو أخذها من المريض بالخصوص إذا كان بالغاً عاقلًا، فلا وجه للقول بأخذه من وليّه بمعنى الوارث.



صرّح بعض الفقهاء كالمحقّق النجفي بأنّ معلّم السباحة لو بادر- قبل التعليم- إلى أخذ البراءة عن ضمان ما قد يحدث للمتعلّم بسبب التعليم من غرق ونحوه، أمكن القول بسقوط الضمان عنه بذلك بناءً على البحث المتقدّم في الطبيب والبيطار.
وهذا يشبه إلى حدّ كبير البحث السابق عن إبراء الطبيب والبيطار قبل العلاج عن الضمان، فإنّ بعض الأدلّة والنكات المطروحة هناك جارٍ في المقام أيضاً.
وهذا بحث هام تترتب عليه ثمرات وفروع كثيرة، فإنّه إذا أمكن أخذ البراءة عمّا يقع على الانسان من الجناية والتلف خطأً في أمثال هذه الموارد سقط الضمان عن المدرّب والمباشر المستند إليه القتل أو النقص في موارد كثيرة، منها معلّم السباحة أو أيّة رياضة اخرى، ومنها المكاري والسائق للعربة أو أيّ مركوب آخر إذا اصطدم خطأ فقتل أو حصل نقص عضو بسبب ذلك لبعض الركّاب فيبرأ السائق عن ضمانه، وهكذا موارد اخرى من هذا القبيل.
هذا، ولكن مدرك الحكم بالبراءة في الطبيب، ومستنده إن كان رواية السكوني فهي مخصوصة بموردها وهو الطبيب والبيطار، فلا يمكن التعدّي إلى غير موردها حيث لم يبيّن ملاك الحكم فيها، فلعلّه لأهمية الطبابة والحاجة الماسّة اليها حكم بصحّة البراءة قبل العلاج بالخصوص.
نعم، الوجه الثاني والثالث المتقدّمان لو تمّا فهما لا يختصان بالطبيب والبيطار، بل يعمّان الموارد المشابهة أيضاً.


 
۱. المسالك، ج۴، ص۲۰۷- ۲۰۸.    
۲. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۵۳- ۱۵۴.    
۳. العروة الوثقى مع تعاليقها، ج۲، ص۷۶۷، م ۱۳.
۴. مستمسك العروة الوثقى، ج۱۳، ص۲۹۴- ۲۹۶.    
۵. مباني العروة الوثقى، (الضمان)، ج۱، ص۱۴۵- ۱۴۶.    
۶. الوسائل، ج۲۹، ص۲۶۰، ب ۲۴ من موجبات الضمان، ح ۱.    
۷. مباني تكملة منهاج الصالحين، ج۲، ص۲۲۲.    
۸. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۴۸.    
۹. المبسوط، ج۷، ص۴۱.    
۱۰. الشرائع، ج۴، ص۲۰۰.
۱۱. تلخيص المرام، ج۱، ص۳۳۶.
۱۲. الارشاد، ج۲، ص۱۹۶.    
۱۳. المسالك، ج۱۵، ص۸۹.    
۱۴. جواهر الكلام، ج۴۲، ص۵۳.    
۱۵. مباني تكملة منهاج الصالحين، ج۲، ص۱۶.    
۱۶. الشرائع، ج۴، ص۲۴۸.
۱۷. المختصر النافع، ج۱، ص۲۹۱.
۱۸. النهاية ونكتها، ج۳، ص۴۲۰.
۱۹. كشف الرموز، ج۲، ص۶۳۷.    
۲۰. القواعد، ج۳، ص۶۵۰- ۶۵۱.    
۲۱. التحرير، ج۵، ص۵۲۸.    
۲۲. الايضاح، ج۲، ص۲۷۸.
۲۳. التنقيح الرائع، ج۴، ص۴۷۰.
۲۴. المهذب البارع، ج۵، ص۲۶۲.    
۲۵. جامع المقاصد، ج۷، ص۲۸۱.    
۲۶. الروضة، ج۱۰، ص۱۱۰.    
۲۷. المسالك، ج۱۵، ص۳۲۷.    
۲۸. مجمع الفائدة والبرهان، ج۱۰، ص۷۸.    
۲۹. كشف اللثام، ج۲، ص۴۸۳حجري.    
۳۰. مفتاح الكرامة، ج۱۰، ص۲۷۳.
۳۱. الرياض، ج۱۰، ص۴۰۱.
۳۲. جواهر الكلام، ج۲۷، ص۲۹۳.    
۳۳. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۴۷.    
۳۴. جامع المدارك، ج۶، ص۱۸۸.    
۳۵. مباني تكملة منهاج الصالحين، ج۲، ص۲۲۲.    
۳۶. مستند العروة الوثقى (الاجارة)، ج۱، ص۲۵۰.
۳۷. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۵۶۱، م ۶.
۳۸. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۱۰۷.    




الموسوعة الفقهية، ج۲، ص۴۲۴-۴۳۲.    



جعبه ابزار