إجهاض البهيمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي أحكام التكليفي والوضعي لإسقاط الجنين البهيمة.
يحرم
إسقاط جنين البهيمة إذا كانت ملكاً للغير؛ لأنّه تصرّف في ملك الغير
واتلاف لماله من دون
إذنه، وهو حرام
ولو بالتسبيب.وكذلك الحكم إذا عدّ إسقاط جنينها تضييعاً لمال معتدٍّ به سواء كانت ملكاً للغير أو لم تكن،حيث قال: «نعم قد استفيد من الأدلّة العقلية والنقلية تحريم الاضرار بالنفس».
حيث قال: «إن كان (الماء أو الغسل) مضراً فالأولى الجمع بينه وبين التيمّم». وعلّق عليه بعض المحشين بأنّه إذا كان الضرر المترتب على الغسل مما يحرم ايجاده أو قلنا بحرمة الاضرار بالنفس مطلقاً، كما ربّما يظهر من المتن، ونُسب إلى المشهور، فلا وجه لأولوية الجمع كما هو ظاهر بل يتعيّن عليه
التيمم. أو عدّ
إيذاءً للبهيمة وتعذيباً وشيناً بها،
لاحترامه.ولعلّه المستفاد من مطاوي بعض الكلمات كحكمهم بلزوم
إنفاق البهيمة بل مطلق ما يملك من الحيوان ولزوم
الاجتناب عن تحميلها فوق طاقتها وما يشبه ذلك.
قال
السيد المرتضى : «اعلم أنّ
إدخال الضرر على البهائم المؤذي لنا منها وغير المؤذي لا يحسن إلّا باذن سمعي، إلّا أن يكون الضرر يسيراً أو النفع المتكفّل به لها عظيماً فيحسن من طريق العقل، فإنّ كثيراً من الناس أجازوا ركوب البهائم عقلًا من غير
افتقار إلى سمع،
والإذن السمعي في إدخال الضرر عليها مؤذن بأنّ المبيح لذلك هو التكفّل بالعوض عنه، فقتل البهائم الذي لا أذية منها لا يجوز على وجه؛ لأنّ السمع لم يُبحهُ، وكذلك ما يؤذي أذىً يسيراً متحمّلًا كالنحل وما أشبهه». ثمّ أباح قتل المؤذيات كالأفاعي والسباع.
وقال
المحقّق في
الشرائع : «لو خاط بها (أي الخيط المغصوب) جرح حيوان له حرمة لم ينتزع إلّا مع الأمن عليه تلفاً وشيناً».
وقال العلّامة في
التذكرة : «لو خاط بخيط مغصوب جرح حيوان محترم...وكان الحيوان المأكول اللحم للغاصب فقولان للشافعي: أحدهما أنّه يذبح ويردّ الخيط؛ لأنّه جائز للذبح، وأظهرهما المنع كما في غير المأكول؛ لأنّ للحيوان حرمة في نفسه، ولهذا يؤمر مالكه بالإنفاق عليه ويمنع من
إيلامه ».
وقال في
القواعد : «... وكذا تجب القيمة لو خاط بها جرح حيوان له حرمة إلّا مع الأمن من التلف والشين».
وقال
الفاضل الهندي في
كشف اللثام في مسألة كراهة أن يذبح حيوان وحيوان آخر ينظر إليه: «إلّا أن يدخل ذلك في تعذيب الناظر فيتجه التحريم، وليس ببعيد».
وقال في مسألة كراهة السلخ وقطع المذبوح قبل البرد: «الأقوى ما اختاره الشهيد من حرمة الفعل كما في النهاية؛ لأنّه إيلام للحيوان بلا فائدة، وقد نهي عن تعذيب الحيوان».
وقال
السيد العاملي في
مفتاح الكرامة :«قد صرّح بالحكم في المبسوط والشرائع والتذكرة والإرشاد والدروس وجامع المقاصد والمسالك ومجمع البرهان؛ لمكان حرمة ذي الروح...». ثمّ قال: «وتحرير المقام أن يقال: إذا خيط به جرح حيوان فهو إمّا محترم أو غير محترم، وكلّ منهما إمّا
آدمي أو غير آدمي...وأمّا غير الآدمي المحترم فإن كان غير مأكول اللحم فالحكم فيه كالآدمي (في عدم جواز ذبحه لرد الخيط إلى مالكه)؛ لأنّه لا ينتفع به مع ذبحه ومنه
كلب الصيد والزرع والماشية، وإن كان مأكول اللحم لغير الغاصب (أي غاصب الخيط) فكذلك لاحترام روحه، وإن كان للغاصب فظاهر الكتاب (أي القواعد) والمبسوط والشرائع والتحرير والإرشاد والدروس وصريح المسالك وكذا التذكرة أنّه كذلك؛ لأنّ للحيوان حرمة في نفسه ولهذا يؤمر بالإنفاق عليه ويمنع من إيلامه، فإذا لم يقصد بالذبح الأكل منه منع منه. وقد روي أنّه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذبح الحيوان إلّا لأكله، وهو أظهر قولي الشافعي.
والقول الآخر أنّه يذبح ويردّ الخيط؛ لأنّه جائز الذبح، وكأنّه قال به المولى الأردبيلي...وأمّا غير الآدمي الغير المحترم
كالكلب العقور والخنزير فانّه ينزع منه (الخيط) من غير مبالاة كما في المبسوط وغيره».
وقال
السيد السيستاني : «لا يجوز حبس الحيوان- مملوكاً كان أم غيره- وتركه من دون طعام وشراب حتى يموت».
ولعلّ المستفاد من مجموع ما ذكر وغيرها أنّ إيذاء الحيوان المحترم بلا وجه شرعي أو غرض عقلائي في الجملة غير جائز، وكأنّه لم يستشكل فيه إلّا المحقّق النجفي.
وعلى هذا
الأساس قد يمكن استفادة الحكم في
إجهاض الحيوان المحترم وانّه إذا عدّ إيذاءً وتعذيباً له أو قتلًا لجنينه الذي قد ولجته الروح من دون غرض شرعي أو عقلائي فانّه غير جائز.
لا خلاف بين الفقهاء في ضمان الجنين إذا أجهض البهيمة المملوكة للغير؛ لأنّه إتلاف
لمال الغير المحترم فيجب جبرانه. والمشهور أنّه مقدّر شرعاً وهو عُشر قيمة امّه.قال في
المقنعة : «في جنين الأمة إذا ألقت عشر قيمتها، وكذلك في جنين البهيمة».
وقال في
النهاية : «في جنين البهيمة عشر قيمتها».
ومثله في المراسم
والمهذب
والمختصر النافع
والتبصرة.
واستدلّوا عليه برواية
الكليني والشيخ عن
السكوني عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «في جنين البهيمة إذا ضربت فأزلقت عشر قيمتها».
وهي معتبرة.
وفي قبال هذا القول قول العلّامة في التحرير فانّه أنكر التقدير الشرعي فيه، ولم يعتمد بالرواية، وحكم فيه بمقتضى القاعدة، قال: «لا دية لجنين الدابّة مقدرة بل أرش ما نقص من امّها فتقوّم حاملًا وحائلًا، ويلزم الجاني بالتفاوت، وفي رواية يلزمه عشر قيمة الامّ والمعتمد الأوّل».
واحتاط
السيد الخميني بالتزام أكثر الأمرين، قال: «لو قطع بعض أعضائه ( الحيوان) أو كسر شيئاً من عظامه مع
استقرار حياته فللمالك
الأرش ، ومع عدم الاستقرار فضمان الإتلاف، لكن الأحوط فيما إذا فقئت عين ذات القوائم الأربع أكثر الأمرين من الأرش وربع ثمنها يوم فقئت، كما أنّ الأحوط في
القاء جنين البهيمة أكثر الأمرين من الأرش وعشر ثمن البهيمة».
وتفصيل ذلك في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۴۱۲-۴۱۵.