إقرار الموصي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
أمّا
الإقرار للأجنبي بدين فإن كان متّهماً على الورثة فهو من الثلث، وإلاّ فمن
الأصل و الإقرار للوارث بذلك من الثلث على التقديرين ومنهم من سوّى بين القسمين.
(أمّا الإقرار للأجنبي) بدين (فإن كان متّهماً على الورثة) مريداً
الإضرار عليهم بالإقرار بذلك، ويظهر ذلك من القرائن الخارجة (فهو من الثلث، وإلاّ فمن الأصل).
(و) الإقرار (للوارث) بذلك (من الثلث على التقديرين) أي مع التهمة وعدمها.
استناداً في القسم الأوّل إلى الصحيح : عن
امرأة استودعت رجلاً مالاً، فلمّا حضرها الموت قالت له : إن المال الذي أودعته إليك لفلانة، وماتت المرأة وأتى أولياؤها الرجل فقالوا له : إنه كان لصاحبتنا مال ولا نراه إلاّ عندك فاحلف لنا ما لنا قبلك شيء، أيحلف لهم؟ فقال : «إن كانت مأمونة فيحلف لهم، وإن كانت متّهمة فلا يحلف، ويضع
الأمر على ما كان، فإنّما لها من مالها ثلثه».
وفي الثاني إلى الصحيح : عن رجل أقرّ لوارثٍ له وهو مريض بدين عليه، قال : «يجوز عليه إذا أقرّ به دون الثلث».
(ومنهم من سوّى بين القسمين) وهم الأكثرون، وإن اختلفوا من وجه آخر، فبين من حكم بنفوذ
الإقرار من الأصل فيهما مطلقاً، ومن فصّل بين صورتي التهمة فمن الثلث، وعدمها فمن الأصل.
ونسب الأوّل إلى الديلمي،
وعليه الحلّي
مدّعياً
الإجماع عليه. لعموم : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز».
وأنه بإقراره يريد إبراء ذمّته من حقٍّ عليه في حال الصحة، ولا يمكن التوصّل إليه إلاّ به، فلو لم يقبل إقراره بقيت ذمّته مشغولة وبقي المقرّ له ممنوعاً من حقّه، وكلاهما مفسدة، فقبول قوله أوفق بمقتضى
الحكمة الإلهية . وفيهما نظر؛ لوجوب تخصيص الأوّل بما سيأتي، وما مرّ من النص المعتبر. ومنع التعليل الآخر بأن الإقرار كما يحتمل القصد إلى
الإبراء كذا يحتمل مجرّد حرمان الورثة مع عدم كون ذمّته بشيء مشغولة، كما يشير إليه الأخبار الآتية المصرّحة باشتراط نفي التهمة.
ونسب الثاني إلى الشيخين والقاضي،
واختاره الماتن في
الشرائع ،
وشيخنا في شرحه،
وسبطه في شرح الكتاب، كما حكاه عنه بعض الأصحاب،
ونسبه الشهيدان وغيرهما
إلى الأكثر. واستندوا في الشقّ الأوّل إلى الصحيح المتقدم. وفي الشق الثاني إلى الصحيح : عن رجل أوصى لبعض ورثته أن له عليه ديناً، فقال : «إن كان الميت مرضيّاً فأعطه الذي أوصى له»
ونحوه الموثق.
وليس في مفهومهما كما ترى جواز إخراج الإقرار من الثلث مع التهمة، وكذلك الصحيح المتقدم في الشقّ الأوّل، بل ظاهره عدم
الإخراج مطلقاً؛ لقوله : «وإن كانت متّهمة فلا يحلف ويضع الأمر على ما كان» ووضع الحق على ما كان ظاهر في عدم نفوذ الإقرار من شيء مطلقاً. ولا ينافيه التعليل بقوله : «فإنما لها من مالها ثلثه» لعدم تصريح فيه، بل ولا ظهور في النفوذ من الثلث. نعم، ربما كان فيه
إشعار ما به، إلاّ أنه لا يعترض به القول السابق مما هو في غاية الظهور في عدم النفوذ مطلقاً، فلم أفهم وجه حكمهم بنفوذه مع التهمة من الثلث.
إلاّ أن يقال بانعقاد الإجماع على النفوذ من الثلث مطلقاً، لأجنبي كان الإقرار أو لوارثٍ، كان هناك تهمة أم لا، كما يستفاد من الأقوال المحكيّة في المسألة البالغة سبعة، كما في
نكت الإرشاد وغيره،
وشيء منها لم يتضمّن الحكم بحرمان المقرّ له عن الحق المقرّ به مع التهمة مطلقاً، بل اتّفقت على إعطائه من الثلث، وإن اختلفت في الزيادة عليه على أقوال شتّى، هذا. مع أن الصحيح المتقدم سنداً لمختار الماتن هنا في الشق الثاني مطلق في إخراج الإقرار للوارث إذا كان دون الثلث، فتأمّل. وبالجملة العمدة في تتميم هذا القول هو الإجماع. مع إمكان أن يقال أيضاً بأن الإقرار يتضمن الحكم
بالإعطاء ، فهو كالأمر به منجّزاً أو وصية لا بُدَّ من إخراجه من الثلث جدّاً. واعلم أن مختار الماتن هنا من متفرّداته، كما صرّح به جملة من أصحابنا.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۳۹۲- ۳۹۵.