اشتراط التقابض في المجلس في الصرف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويشترط فيه) صحةً زيادة على ما يشترط في مطلق
البيع والربا (
التقابض في المجلس) المراد به الأعمّ من مجلس العقد، كما يأتي، ولذا عبّر بالتقابض، قبل
التفرق (ويبطل لو افترقا قبله على) الأظهر (الأشهر) بل لعلّه عليه عامة من تقدّم وتأخّر، عدا من شذّ وندر،
وفي
الغنية والسرائر والمسالك وغيره أن رواية الجواز متروكة ونحوهما في التنقيح
وفي
التحرير بلا خلاف وفي الدروس
الإجماع عليه، نصّاً في الأوّلين وظاهراً في الباقي؛ وهو الحجة.
مضافاً إلى الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، ففي الصحيح «إذا اشتريت ذهباً بفضّة أو فضّة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه، وإن نزا حائطاً فانزل معه».
وفيه : «لا يبتاع رجل فضّة بذهب إلاّ يداً بيد، ولا يبتاع ذهباً بفضة إلاّ يداً بيد».
وفيه : عن الرجل يشتري من الرجل الدراهم فيزنها وينقدها ويحسب ثمنها كم هو ديناراً، ثم يقول : أرسل غلامك معي حتى أُعطيه الدنانير، فقال : «ما أُحبّ أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير» فقلت : إنّما هم في دار واحدة وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض، وهذا يشقّ عليهم، فقال : «إذا فرغ من وزنها
وانتقادها فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورق ويقبض منه الدنانير حيث يدفع إليه الورق».
وفي الخبر : عن الرجل يبتاع الذهب بالفضة مثلاً بمثلين، قال : «لا بأس به يداً بيد».
والمناقشة بقصور سنده كغيره،
ودلالتهما كالصحاح بعدم الدلالة على
البطلان ، بل غايتهما ثبوت البأس مع عدم التقابض، وهو كلا أُحبّ أعمّ من البطلان. وغاية الصحاح
الأمر بالتقابض والنهي عن التفرق قبله، اللذين مقتضاهما وجوبها شرعاً، ولم يقولوا به إلاّ من شذّ منهم، كالفاضل في
التذكرة والشهيد في الدروس،
حيث أطلقا الوجوب عليه، مع
احتمال كلامهما الشرطي دون الشرعي. ومع ذلك فالوجوب غايته
الإثم بالمخالفة، لا بطلان المعاملة، بناءً على الأظهر الأشهر بين الطائفة من
اختصاص اقتضاء النهي للفساد بالعبادة.
مدفوعة
بانجبار الجميع بعمل الطائفة، والإجماعات المحكية ، وهما أقوى قرينة وأمارة على صحة السند وبيان الدلالة، مع أنّ حمل الأمر والنهي على حقيقتهما غير ممكن، بناءً على تبادر
الإرشاد منهما دون الوجوب والحرمة في أمثال موارد الأخبار المزبورة، ولعلّه لذا قال بالوجوب الشرطي دون الشرعي معظم الطائفة، بل عامّتهم، كما احتمله جماعة، ولا وجه للإرشاد في الظاهر سيّما بمعونة ضمّ فهم الطائفة سوى بطلان المعاملة مع عدم التقابض قبل المفارقة، مع أنّ كلّ مَن أوجب التقابض ومنع من دونه قال بالفساد مع عدم حصوله، وكلّ من قال بالصحة من دونه لم يوجب التقابض لا شرعاً ولا شرطاً.وكيف كان فلا ريب في المسألة.
خلافاً للمحكي عن
الصدوق خاصّة،
فلم يشترط الشرط المتقدّم إليه الإشارة؛ للمستفيضة، منها الموثق : عن الرجل يحلّ له أن يسلف دنانير كذا بكذا درهماً إلى أجل؟ قال : «نعم، لا بأس به» وعن الرجل يحلّ له أن يشتري دنانير بالنسيئة؟ قال : «نعم، إنّما الذهب وغيره في الشراء والبيع سواء».
وهي مع ضعف أكثرها وقصور سند باقيها ضعيفة التكافؤ لما مضى من وجوه شتّى، فطرحها أو تأويلها بما ذكره الشيخ ; في الكتابين
وغيره من أصحابنا
متعيّن جدّاً، وإن خالفت التقيّة، على ما ذكره بعض الأجلّة؛
لعدم
بلوغ هذا المرجّح المرجّحات المتقدّمة النصّية والاعتباريّة.ثم مقتضى
الأصل والعمومات واختصاص المثبت للشرط من النص والفتوى بالبيع خاصّة عدمه فيما عداه من مطلق المعاوضة، وليس كالربا في ظاهر الجماعة.
(و) ذكر الفاضلان والشهيدان
أنّه (لو قبض البعض) خاصّة قبل التفرّق (صحّ فيما قبض) وبطل في الباقي، وتخيّرا معاً في إجازة ما يصحّ فيه وفسخه إذا لم يكن من أحدهما تفريط في تأخير
القبض ، ولو كان تأخيره بتفريطهما فلا خيار لهما، ولو اختصّ به أحدهما سقط خياره خاصّة.وهو كذلك؛
استناداً في الأوّل إلى الأصل والعمومات، ووجود الشرط المصحّح لبيع الصرف فيه. وفي الثاني إلى فقده فيه الموجب لفساده.
وفي الثالث إلى تبعّض الصفقة الذي هو عيب وموجب للخيار عند الجماعة، وساعدته قضيّة نفي الضرر المتّفق عليها فتوًى ورواية.وفي الرابع بقسميه إلى استناد الضر الموجب
للخيار إلى المفرّط، فيكون بالتفريط قادماً عليه، فلا موجب لخياره، مع اقتضاء الأصل والعمومات عدمه.وأمّا ما ربما يستشكل به في الأوّل مما في الصحيح : في رجل يبتاع من رجل بدينار.. هل يصلح له أن يأخذ بنصفه ورقاً أو بيعاً ويترك نصفه حتى يأتي بعد فيأخذه منه ورقاً أو بيعاً؟ قال : «ما أُحبّ أن أترك شيئاً حتى آخذه جميعاً، فلا تفعله».
فليس بصحيح؛ لمنع الدلالة على المنع أوّلاً، واحتمال
انصرافه على تقديره إلى صحة المجموع من حيث المجموع ولا كلام فيه، ثانياً.
رياض المسائل، ج۸، ص۴۴۳-۴۴۷.