الأرحام وأحكام الميت
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تجهيز الميّت من تغسيله وتكفينه وكذا الصلاة عليه ودفنه فرض على الكفاية على جميع المكلّفين، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، إلّا أنّ أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أنّ الولي لو أراد القيام به أو عيّن شخصاً لذلك لا يجوز مزاحمته. هذا كلّه مضافاً إلى ثبوت حقّ الميّت عليه بالرحم و
الإرث ، فمن
أداء حقوقه وصلته قيامه بأحكامه، فإنّ ذلك
إكرام له و
إعانة ، ولأنّه لمّا كان أخصّ به من غيره كان أشدّ
اجتهاداً في فعل ما ينبغي على الوجه الأكمل وأكثر
احتراماً وإكراماً له، ولأنّه أبصر بعيوبه وأستر لها.
تجهيز الميّت من تغسيله وتكفينه وكذا الصلاة عليه ودفنه فرض على الكفاية على جميع المكلّفين، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، إلّا أنّ أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أنّ الولي لو أراد القيام به أو عيّن شخصاً لذلك لا يجوز مزاحمته. صرّح بذلك الفقهاء
مستدلّين عليه ببعض الروايات:
ما رواه
جعفر عن
أبيه عن
علي عليهم السلام أنّه قال: «يغسّل الميّت أولى الناس به».
قول
الإمام الصادق عليه السلام في مرسل
ابن أبي عمير و
البزنطي : «يصلّي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر من يحبّ».
ونحو ذلك من الأخبار المتضمّنة لذكر
الأولوية والأحقّية في التلقين و
إدخال القبر ونحوها، معتضدة بظاهر قوله تعالى: «وَ أُولُوا
الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ».
هذا كلّه مضافاً إلى ثبوت حقّ الميّت عليه بالرحم و
الإرث ، فمن
أداء حقوقه وصلته قيامه بأحكامه، فإنّ ذلك
إكرام له و
إعانة ، ولأنّه لمّا كان أخصّ به من غيره كان أشدّ
اجتهاداً في فعل ما ينبغي على الوجه الأكمل وأكثر
احتراماً وإكراماً له، ولأنّه أبصر بعيوبه وأستر لها.
والمشهور أنّ المراد بالولي هنا الوارث، بمعنى أنّه أولى ممّن لا يرث، ويترتّب بحسب طبقات الإرث، فالطبقة الاولى مقدّمة على الثانية وهكذا.
وقيل: إنّه خصوص المحرم من الوارث، كما نسب إلى بعض علماء
البحرين .
واحتمل
المحقّق النجفي أنّه مطلق
الأرحام والقرابة، لا خصوص طبقات الإرث، لكنّه اعترف بأنّه لم يصرّح به أحد.
وفي
المدارك : «لا يبعد أن يراد بالأولى بالميّت أشدّ الناس به علاقة؛ لأنّه المتبادر».
وأرجع
السيد الخوئي في التنقيح المسألة إلى العرف، فتثبت الأولوية لمن يتصدّى لتلك الامور وله
الزعامة فيها عرفاً وهو المعزّى والمسلّى،
وإن وافق المشهور في المنهاج.
وتفصيل ذلك في محالّه.
ذكر الفقهاء
أنّه يكره أن ينزل ذو الرحم إلى قبر رحمه، إلّا أن يكون الميّت
امرأة ، فانّه لا ينزل معها إلّا زوجها أو ذو رحم لها. نعم، إن لم يمكن ذلك جاز لبعض المؤمنين النزول.
واستدلّ له بأنّ ذلك يقسي القلب، وبما روي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «يكره للرجل أن ينزل في قبر ولده».
وما روي عن
الإمام الكاظم عليه السلام أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «... يا أيّها الناس إنّه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم، ولكنّي لست آمن إذا حلّ أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط
أجره ...»،
وغير ذلك ممّا دلّ على كراهيّة نزول الوالد قبر ولده.
إلّا أنّها لا عموم فيها للقرابة والأرحام، بل موردها خصوص نزول الوالد في قبر ولده، بل في بعضها نفي البأس عن نزول الولد في قبر والده: فعن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الرجل ينزل في قبر والده، ولا ينزل الوالد في قبر ولده».
وعن
عبد الله العنبري قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: الرجل يدفن ابنه، فقال: «لا يدفنه في التراب»، قال: قلت:
فالابن يدفن أباه، قال: «نعم، لا بأس».
وغير ذلك.
فاستفادة كراهة نزول مطلق الرحم من هذه الأخبار لم يظهر وجهها، كما نبّه على ذلك بعض الفقهاء.
نعم، قد يستدلّ له بفحوى ما ورد من النهي عن
إهالة التراب على الولد وذي الرحم؛ معلّلًا بأنّ ذلك يورث القسوة في القلب كما ستسمع، ولعلّه لذا علّل بعضهم الكراهة هنا بذلك،
وتفصيل ذلك في محلّه.
أمّا
استثناء المرأة فقد استدلّ له- مضافاً إلى أنّها عورة- بالروايات:
منها: ما رواه
السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : مضت السنّة من
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ المرأة لا يدخل قبرها إلّا من كان يراها في حياتها».
ومنها: ما رواه
إسحاق بن عمّار عنه عليه السلام أيضاً قال: «الزوج أحقّ بامرأته حتى يضعها في قبرها».
وهو ممّا لا خلاف
فيه بينهم، بل ادّعي عليه
الإجماع .
قال الفقهاء: يكره أن يهيل ذو الرحم التراب على رحمه،
بل ظاهر بعضهم
الاتّفاق عليه حيث نسبه إلى الأصحاب؛
لما رواه
عبيد بن زرارة قال: مات لبعض أصحاب أبي عبد اللَّه عليه السلام ولد فحضر أبو عبد اللَّه عليه السلام، فلمّا الحد تقدّم أبوه، فطرح عليه التراب فأخذ أبو عبد اللَّه عليه السلام بكفّيه وقال: «لا تطرح عليه التراب، ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب، فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميّته التراب»، فقلنا: يا ابن رسول اللَّه أ تنهانا عن هذا وحده؟ فقال: «أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم، فإنّ ذلك يورث القسوة في القلب، ومن قسا قلبه بعد من ربّه».
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۴۴۹-۴۵۲.