الإبراد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو انكسار شدة
الحرارة وتأخير
صلاة الظهر عند شدة الحر.
إبراد: من البرد وهو انكسار حدّة الوهج والحرّ، وأبرَد أي دخل في البرد. وأَبرد القوم: دخلوا في آخر
النهار.
قال
النووي: يُبرِد بها... أي يؤخّرها ليبرد
الوقت .
تأخير
صلاة الظهر في
الصيف عند شدّة الحرّ عن أوّل
وقت الفضيلة إلى وقت البَرد، أي إذا صار
الظلّ مثل القائم ،
وهو مأخوذ عن
المعنى اللغوي.
وعرّف
الشيخ الصدوق الإبراد بالاستعجال والتسريع من التبريد .
وهو غير ثابت
لغة وعرفاً، كما أنّه على خلاف ما تقتضيه
قرائن الأحوالوالأقوال في
الأخبار الواردة في
المسألة .
تعرّض
الفقهاء لحكم الإبراد وتأخير الصلاة في جملة
الأعذار التي يجوز أو يستحب تأخير الصلاة لأجلها عن وقت الفضيلة ،
فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة، فإنّ الحرّ من فيح
جهنم» .
وروى
معاوية بن وهب عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «كان
المؤذن يأتي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحرّ في صلاة الظهر، فيقول له
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبرد أبرد» .
وروى
الكشّي عن
حمدويه عن
محمّد بن عيسى عن
القاسم بن عروة عن
ابن بكير، قال: دخل
زرارة على أبي عبد اللَّه عليه السلام فقال: إنّكم قلتم لنا: في الظهر
والعصر على
ذراع وذراعين، ثمّ قلتم: أبردوا بها في الصيف، فكيف الإبراد بها؟ وفتح
ألواحه ليكتب ما يقول، فلم يجبه أبو عبد اللَّه عليه السلام بشيء، فأطبق ألواحه وقال: إنّما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم وخرج، ودخل
أبو بصير على أبي عبد اللَّه عليه السلام فقال: «إنّ زرارة سألني عن شيء فلم اجبه، وقد ضقت من ذلك، فاذهب أنت رسولي
إليه، فقل: صلّ الظهر في الصيف إذا كان ظلّك مثلك، والعصر إذا كان مثليك». وكان زرارة هكذا يصلّي في الصيف، ولم أسمع أحداً من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير .
ولكن اختلفوا في أنّ
الأمر الوارد بالإبراد في هذه الأخبار هل هو على نحو
الرخصة أو
الاستحباب...
فذهب بعض إلى الأوّل منهم
الشيخ رحمه الله ،
واحتمله
العلّامة أيضاً .
ولازمه بقاء الصلاة في أوّل الوقت وعدم الإبراد بها وتأخيرها إلى زمان انكسار وهج الحرّ على الاستحباب.
قال في
كشف اللثام: احتمل في
النهاية ما يعطيه
الوسيلة و
الجامع من كون التأخير لها رخصة، فإن احتملها وصلّى في أوّل الوقت كان أفضل .
وذهب غير واحد إلى الاستحباب كما في
الجواهر، مدّعياً أنّ
حمل الأمر على
الندب أولى وإن استلزم
التخصيص -
أي في حكم فضل أوّل الوقت- وقال
الشهيد الأول: يستحبّ تأخير صلاة الظهر إذا اشتدّ الحرّ إلى وقوع الظلّ الذي يمشي الساعي فيه إلى
الجماعة .
وهناك اختلاف في جهات اخرى أيضاً أشار إليها الشهيد الأوّل، فإنّه- بعد نقل كلام الشيخ في
المبسوط: فإن كان الحرّ شديداً في بلاد حارّة وأرادوا أن يصلّوا جماعة في
مسجد جاز أن يبردوا بصلاة الظهر قليلًا، ولا تؤخّر إلى آخر الوقت
- قال: فقد اشتمل كلامه على قيود:
أحدها: شدّة الحرّ، وهو
مصرّح الخبر.
وثانيها: في
البلاد الحارّة، ويفهم من
فحوى الخبر؛ لقلّة
أذى الحرّ في البلاد
المعتدلة، ولعلّ الأقرب عدم اعتباره؛ أخذاً بالعموم، وقد يحصل التأذّي
بإشراق الشمس مطلقاً.
وثالثها: التقييد بالجماعة، فلو صلّى منفرداً في بيته فلا إبراد؛ لعدم
المشقة المقتضية للإبراد. ولو أراد المنفرد الصلاة في المسجد حيث لا جماعة فالأقرب الإبراد؛ لظاهر الخبر.
ورابعها: المسجد، فلو صلّوا في موضع هم فيه مجتمعون فلا إبراد، ولو اتّفق اجتماعهم في المسجد ولا يأتيهم غيرهم، فعلى فحوى
كلامه يجوز الإبراد، وعلى اعتبار المشقّة لا إبراد. ولو أمكنهم
المشي إلى المسجد في كنٍّ أو ظلٍّ فهو كاجتماعهم في المسجد.
وخامسها: التقييد بالظهر، ولا ريب في انتفاء الإبراد في الأربع الاخر.
أمّا
الجمعة فهل تنزّل منزلة الظهر؟ فيه وجهان: نعم؛ لإطلاق الخبر، ولا؛ لشدّة الخطر في فواتها، وعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أوّل الوقت
رضوان اللَّه، وآخر الوقت عفو اللَّه» ،
خرج عنه الظهر فبقي ما عداها، ويؤيّده قول
الباقر عليه السلام: «وقت
صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس» .
وسادسها: قوله: جاز أن يبردوا، ظاهره أنّ الإبراد رخصة، فلو تحمّلوا المشقّة وصلّوا في أوّل الوقت فهو أفضل...
والأصحّ:
الاستحباب؛ لأنّه أقلّ مراتب
الأمر، وتكراره في الخبر مشعر بتأكّده.
وسابعها: تقييده بالقليل، والظاهر أنّه ما قدّرنا به - حصول الظلّ بالمقدار الذي يمشي الساعي فيه إلى الجماعة-؛ لدفع الأذى بهذا القدر. وفي قوله: ولا تؤخّر إلى آخر الوقت
إيماء إلى جوازه إلى آخر النصف الأوّل من الوقت- أعني:
وقت الفضيلة، كما قاله بعض
العامة -
ولا بأس به» .
ولكن قال
المحقق النجفي في حدّ مقدارالإبراد: والظاهر تحديد غاية الإبراد بها إلى المثل- كما في صحيح
زرارة - لا أنّ ذلك هو الحدّ، بمعنى أنّ فاعلها قبله لم يأت بوظيفة الإبراد كما فهمه زرارة
وابن بكير وتفرّدا به من بين
الشيعة.
وقال في اختصاصه بالظهر: وكأنّ اختصاص الظهر بذلك في
الفتاوى دون العصر- مع أنّ في
صحيح زرارة الإبراد بهما معاً- لتعارف التفريق في ذلك
الزمان المقتضي لحصول الإبراد بها، بل لعلّ الإبراد بالظهر مقتضٍ لحصوله فيها أيضاً، ومن هنا اقتصر عليه .
۱- في الحدود امر بتأخير
الحدّ عن وقت الحرّ الشديد في الصيف إلى طرفي النهار .
۲- إبراد
الذبيحة قبل
سلخها .
۳- كراهة
الجلوس في المكان الذي جلست فيه
المرأة الأجنبيّة قبل أن يبرد .
۴-
كراهة أكل الطعام قبل برده .
الموسوعة الفقهية ج۳، ص۱۱-۱۴.