الإثخان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو تثخين الشيء و
تغليظه اي جعله ذات غلظة و ثخونه كثيفة.
ثخُن الشيء ثخَناً وثَخانة وثُخونة كثُف وغلُظ و
صلُب فهو ثخين.
والإثخان- وزان إفعال- من أثخن مشتقّ منه اضيفت الهمزة إليه للتعدية، فأثخن الشيء جعله كثيفاً وغليظاً، وهو فعل متعدٍّ.
وربّما استعمل لازماً أيضاً فيقال: أثخن
الرجل: إذا اتّخذ شيئاً ثخينا.
وقد يستعمل الإثخان
مجازاً للمبالغة في الشيء والإكثار منه فيقال: أثخنته الجراحة: أوهنته وأضعفته، ويقال: أثخن في
الأرض قتلًا: إذا أكثر
القتل، وأثخن في
العدو: بالغ في قتلهم وغلّظ، وأثخن في
الأمر: بالغ فيه.
وفي التنزيل العزيز: «حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ».
وعن
أبي العبّاس: «معناه حتى إذا غلبتموهم وقهرتموهم وكثر فيهم الجراح فأعطوا بأيديهم». ونقل عن ابن الأعرابي قوله: «أثخن: إذا غلب وقهر».
وعن أبي إسحاق: «في قوله تعالى:
«حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ»
معناه حتى يبالغ في قتل أعدائه، ويجوز أن يكون حتى يتمكّن في الأرض. والإثخان في كلّ شيء قوّته وشدّته».
وقال ابن فارس: «الثاء والخاء والنون يدلّ على رَزانة الشيء في ثِقَل».
وقد استعمل
الفقهاء لفظ (إثخان) بالمعنى المعروف له عند أهل اللغة، فليس لهم فيه اصطلاح خاصّ.
تعرّض الفقهاء
لأحكام الإثخان في ثلاثة مواضع:
وذكرت فيه عدّة فروع نستعرضها كما يلي:
لا يجوز
للإمام أن
يأسر أحداً من جيش
العدو ما دامت الحرب قائمة، ولم تظهر له الغلبة فيها، وأمّا إذا ظهرت له الغلبة على العدوّ فالمشهور عدم جواز
قتل الأسير حينئذٍ
؛ لقوله تعالى: «فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ
الْحَرْبُ أَوْزارَها»
، وقوله عزّ وجلّ: «ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ»
حيث فُسّر بعدم جواز الأسر حتى يُبالغ في قتل
المشركين.
وقيل: المراد من الإثخان الغلبة على البلدان، وإذلال أهلها، والتمكّن في
الأرض.
لكنّ
الشيخ الطوسي نسب إلى الأصحاب أنّهم رووا أنّ
الإمام مخيّر بين القتل وبين
المنّ و
الفداء و
الاسترقاق بعد الإثخان.
لا يجوز للمقاتل
المسلم إيقاع
نفسه أسيراً بيد الأعداء إلّا إذا لم يعُد قادراً على
الدفاع عن
نفسه أو أثخنته
الجراح.
إذا أثخن المسلم أحد
مقاتلي جيش
العدو فقتله آخر كان
السلب للمثخن دون القاتل.
إذا توقف دفع شرّ الخارج على
الإمام على قتله وجب
إجماعاً من المسلمين، ولو أمكن دفعه بالإثخان أو بغيره وجب أيضاً، ولم يجز التعدّي عنه إلى
التذفيف.
يحرم الإجهاز على
الجريح والمثخن من جيش العدوّ ما لم يخَف منه على المسلمين.
ذكر بعض
الفقهاء أنّ
الصيد يملك بعدّة أسباب عدّ من جملتها إثخانه بالجراح
، وأرجعه بعضهم إلى الإثبات وإبطال المنعة.
وحينئذٍ فلو رماه شخص فقتله كان
ميتة وضمن قيمته مثخناً إن لم يكن الأوّل صيّره في
حكم المذبوح.
قال ابن سعيد: «إن رمى شخص صيداً فأثخنه فرماه آخر فقتله برميه لم يحلّ
أكله؛ لأنّه صيد بفعل الأوّل كالشاة، وخرج من كونه صيداً، وضمن قيمته مثخناً».
وإن كان رمي الأوّل قد صيّره في حكم المذبوح لم يحرم بقتل الآخر وتذفيفه عليه، بل لم يحرم وإن كان الرامي الثاني
كافراً.
قال
المحقّق الحلّي: «لو أثخنه المسلم فلم تعد حياته مستقرّة ثمّ ذفّف عليه الآخر حلّ؛ لأنّ
القاتل المسلم، ولو انعكس الفرض لم يحلّ، ولو اشتبه الحالان حرم تغليباً للحرمة».
اتّفق
الفقهاء على أنّ المعتدي على
النفس أو العرض أو
المال يجوز دفعه بما أمكن، لكن لو أثخنه وعطّله لم يجز له
الإجهاز عليه، بل لو أمكن دفع شرِّه بغير الإثخان لم يجُز التعدّي عنه إلى غيره.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۴۴۷-۴۴۹