الإعناف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى أخذ الشيء
بالشدة .
الإعناف لغة: ضدّ الرفق من عنف يعنف عنفاً بالضم،
الشدّة والمشقّة . وأعنف الشيء: أخذه بشدّة.
وقد استعمله
الفقهاء بنفس المعنى اللغوي.
ذكر الفقهاء للإعناف أحكاماً نشير إليها إجمالًا فيما يلي مع إحالة تفصيلها إلى محلّه:
۱- لا يجوز
ممارسة العنف في حق الآخرين بما يفضي إلى
أذيتهم أو
إضرارهم أو
إهانتهم أو ما أشبه ذلك، من عناوين
محرّمة ، سواء كان الطرف الآخر
رحماً أو غيره، زوجةً أو زوجاً، أو غيرهم، ما لم يكن هناك موجب لذلك يعطي حقّاً في استخدام العنف،
كالقصاص والحدود والجهاد والدفاع ونحوها من العناوين التي رخّص
الشارع في الإعناف فيها.
وقد حثّت الكثير من
الآيات والروايات على تعامل
المؤمنين مع بعضهم في كل امورهم
بالرفق دون
القسوة والعنف، قال سبحانه وتعالى: «مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ»،
والرحمة تستدعي عدم تداول العنف في علاقاتهم، سواء كان عنفاً جسدياً أم نفسياً.
بل ورد في بعض النصوص
والفتاوى ما يذمّ الإعناف والقسوة
والخشونة حتى مع
الحيوانات .
۲- يستحبّ في
غسل الميت أن يمسح
بطنه مسحاً رقيقاً ولا يعنف به، بل يغسله غسلًا ناعماً.
۳- ينبغي للساعي- الذي بعثه
الإمام لتحصيل
الصدقات من أربابها- أن لا يدخل
ملك الرعيّة دخول متسلّط عليه ولا عنف به.
۴- إذا أعنف مستأجر
الدابة بها في
السير وخرج عن
العادة في تسييرها وضربها فهلكت كان
ضامناً لقيمتها .
۵- يستحبّ أن لا يكون
الحاكم جبّاراً متكبّراً ، ولا يكون
ضعيفاً مهيناً، بل ينبغي أن يكون
قويّاً من غير عنف، وليناً من غير ضعف.
۶- من اغتصب امرأة فرجها عنفاً يقتل، محصناً كان أو غير محصن.
۷- إذا أعنف الرجل على امرأته
جماعاً - في
قبل أو
دبر - أو ضمّها إليه بعنف أو المرأة على زوجها فقتل أحدهما صاحبه فإنّه لايخرج عن حالين:
إمّا أن يقصدا
القتل أو ما يؤدّي إليه غالباً فهما عامداه،
ويترتّب عليه آثار
قتل العمد من القصاص
والدية والكفارة .
وإمّا أن لا يكونا
قاصدين القتل، بل قصد الفعل فقط مع عدم كون الفعل ممّا يقتل غالباً فالمشهور أنّ عليهما الدية؛
وذلك لحصول تلف نفس معصومة من فعله فيكون مضموناً وليس قاصداً للقتل لأنّه الفرض فلا يكون عمداً، وأصل الفعل مقصود فيكون
الخطأ في القصد خاصّة، وهو يقتضي كونه شبه عمد فتلزمه الدية في ماله.
ولصحيحة
سليمان بن خالد عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: أنّه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنّها ماتت من عنفه، قال: «الدية كاملة، ولا يقتل الرجل».
ولرواية زيد عن
أبي جعفر عليه السلام: في رجل نكح امرأة في دبرها فألحّ عليها حتى ماتت من ذلك، قال: «عليه الدية».
وفصّل
الشيخ الطوسي في كتاب
النهاية بين ما إذا كانا مأمونين وعدمه، فقال: «إن كانا مأمونين لم يكن عليهما شيء».
وأمّا إذا كانا
متّهمين فيمكن القول
بالقسامة وإلزام القاتل
بالقود ، كما ذهب إليه
الصدوق والمحقّق الحلّي ،
وقطع به
ابن إدريس حيث قال: «والأولى
وجوب الدية على المعنف منهما كيف ما دارت القضيّة، إلّاأنّ الحكم إذا كانا متّهمين فقد حصل لوليّ المقتول
تهمة ، وهو اللوث، فله أن يقسّم ويستحقّ القود».
واستند في التفصيل بالتهمة وعدمها إلى
مرسلة يونس عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر، قال: «لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين، فإن اتّهما الزما
اليمين باللَّه أنّهما لم يريدا
القتل ».
لكن صرّح عدّة من
الفقهاء بضعف الرواية للإرسال وجهالة بعض الرواة، وأنّهما يمنعان من العمل بمقتضاها، مع مخالفتها للأصل.
وكذلك الحكم فيما إذا أعنف الرجل بأجنبيّة فماتت فإنّه يضمن الدية.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۷۱-۱۷۳.