الإلتقاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو إستقبال التقاء شيء أو أشياء مع بعضها البعض.
مصدر التقى، من لقي، وكلّ شيء استقبل شيئاً أو صادفه فقد لقيه.
واللقاء: نقيض
الحجاب .
والتقى
الختانان ، إذا حاذى أحدهما الآخر، سواء تلامسا أو لم يتلامسا، ويقال: التقى الفارسان، إذا تحاذيا وتقابلا.
ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
استعمل الالتقاء في كلمات
الفقهاء في عدّة موارد، نشير إلى بعضها إجمالًا فيما يلي:
ذكر الفقهاء أحكاماً لالتقاء الختانين- والمراد به في النص والفتوى تحاذي محلّ القطع من الرجل والمرأة، ويعلم بغيبوبة الحشفة، سواء أنزل أو لم ينزل
- من
الغسل والمهر والعدّة والحدّ ، والكلام فيها إجمالًا كما يلي:
يجب الغسل على الرجل والمرأة عند التقاء الختانين،
وهو ممّا لا خلاف فيه
ولا إشكال،
بل ادّعي عليه الإجماع.
وذلك لما ورد في صحيحة
محمّد بن إسماعيل ، قال: سألت
الرضا عليه السلام عن الرجل
يجامع المرأة قريباً من الفرج فلا ينزلان، متى يجب الغسل؟ فقال: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»، فقلت: التقاء
الختانين هو غيبوبة الحشفة؟
قال: «نعم».
ثمّ إنّه لا فرق بعد التأمّل في كثير من الروايات الدالّة على حصول
الجنابة بالالتقاء المذكور بين كون الواطئ مكلّفاً أو غير
مكلّف .
وكذا الحال في الموطوءة، فيجب الغسل وإن كانت مجنونة أو صبيّة أو ميّتة مع اجتماع شرائط الوجوب.
والتفصيل في محلّه.
ذكر الفقهاء أنّ التقاء الختانين- أي الدخول- يوجب
المهر كملًا
والعدّة .
وادّعي عدم الخلاف فيه،
بل هو مقطوع به في كلام الأصحاب،
بل ادّعي الإجماع عليه.
واستدلّ لذلك بروايات
:
منها: ما رواه
الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة، قال: «إذا التقى الختانان وجب المهر والعدّة».
والتفصيل في محلّه.
المشهور
بين الفقهاء أنّه إذا التقى الختانان من رجل وامرأة محرّمة أصالة من غير عقد ولا شبهة
عقد ولا ملك، وجب عليه
الحدّ أو
الرجم مع توفّر شرائط الإحصان
بلا خلاف فيه،
بل الإجماع عليه.
واستدلّ لذلك بعدّة أخبار منها: صحيح
محمّد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال: سألته متى يجب
الغسل على الرجل والمرأة؟ فقال: «إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم».
ومنها: ما رواه
داود بن سرحان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا
أولجه فقد وجب الغسل والجلد والرجم، ووجب المهر»،
وغيرهما.
والتقاء الختانين في هذه النصوص هو الدخول كما تقدّم.
ذكر الفقهاء أنّه يكره الكلام عند التقاء الختانين-
الوطء - لأنّه يورث
الخرس ، إلّا بذكر اللَّه سبحانه وتعالى
والصلاة على محمّد وآله عليهم السلام؛
وذلك للروايات الواردة منها: ما رواه
أبو سعيد الخدري في وصيّة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم
لعلي عليه السلام أنّه قال: «يا علي، لا تتكلّم عند
الجماع ؛ فإنّه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس».
ومنها: قول
الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أتى أحدكم أهله فلم يذكر اللَّه عند الجماع وكان منه
ولد كان شرك شيطان، ويعرف ذلك بحبّنا وبغضنا».
ومنها: ما عن
فضيل بن يسار ، قال: قلت
لأبي جعفر عليه السلام: إنّ الناس يكرهون
الصلاة على محمّد وآله في ثلاثة مواطن: عند العطسة، وعند الذبيحة، وعند الجماع، فقال أبو جعفر عليه السلام: «ما لهم ويلهم نافقوا لعنهم اللَّه».
المشهور
بين الفقهاء أنّه إذا خاف المصلّي أن يلاقي سبعاً أو حيّة أو غير ذلك جاز أن يصلّي صلاة شدّة الخوف، فيقصر حينئذٍ عدداً وكيفيّة؛ لعدم الفرق في أسباب الخوف المجوّزة لذلك.
ولما رواه
علي بن جعفر حيث سأل أخاه
موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل يلقاه السبع وقد حضرت
الصلاة ، فلم يستطع المشي مخافة السبع، فقال: «يستقبل الأسد ويصلّي ويومئ برأسه إيماء وهو قائم، وإن كان الأسد على غير القبلة».
صرّح الفقهاء
باستحباب الدعاء عند التقاء الصفّين بالمأثور
عن
الأئمّة عليهم السلام، ومنه: ما رواه
السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام: اغتنموا
الدعاء عند أربع: عند قراءة
القرآن ، وعند
الأذان ، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفّين للشهادة».
وقريب منه خبر
السكوني الآخر،
ولعلّهما خبر واحد.
ومنه: قول
الإمام علي عليه السلام: «إنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم دعا
يوم الأحزاب : اللهمّ منزل الكتاب، منشر السحاب، واضع الميزان، سريع الحساب، اهزم الأحزاب عنّا، وذلّلهم».
صرّح الفقهاء بأنّه إذا التقى الزحفان وتقابل الصفّان حرم على من حضر الانصراف وتعيّن عليه الثبات إلّاالمتحرّف لقتال، وهو الذي ينصرف ليكمن في موضع ثمّ يهجم، أو يكون في مضيق فيتحرّف حتى يتبعه العدوّ إلى موضع واسع ليسهل القتال فيه، أو ينصرف على قصد أن يذهب إلى طائفة ليستنجد بها في القتال، أو عجز عن الحرب بعد التقاء الصفّين؛
لقوله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ».
وقوله سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا».
صرّح الفقهاء باستحباب
التصافح بين المؤمنين عند اللقاء، كما يستحبّ التسليم؛
لما ورد في أخبار الأئمّة المعصومين عليهم السلام.
منها: ما عن
مالك بن أعين الجهني ، قال: أقبل إليّ
أبو عبد اللَّه عليه السلام فقال: «أنتم واللَّه
شيعتنا - إلى أن قال-: إنّ المؤمنين ليلتقيان فيصافح كلّ واحد منهما صاحبه، فما يزال اللَّه ناظراً إليهما بالمحبّة والمغفرة، وإنّ الذنوب لتحاتّ عن وجوههما وجوارحهما حتى يفترقا، فمن يقدر على صفة اللَّه وصفة من هو هكذا عند اللَّه؟!».
ومنها: ما رواه
جابر عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا
بالاستغفار ».
ومنها: ما عن
أبي عبيدة ، قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: «إذا التقى المؤمنان فتصافحا أقبل اللَّه بوجهه عليهما وتحاتت الذنوب عن وجوههما حتى يفترقا».
وفي مقابل ذلك ورد في خبر
أبي البختري عن
جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام: «أنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإن سلّموا عليكم فقولوا: عليكم، ولا تصافحوهم ولا تكنّوهم إلّاأن تضطرّوا إلى ذلك».
ذكر الفقهاء أنّ الابتداء بالسلام على
الكافر غير جائز إلّالضرورة؛ وذلك لمقتضى بعض الأخبار والروايات الواردة في ذلك.
ولكن يمكن حمل هذه الأخبار على إرادة الكراهة؛ لأنّه إذا لم ينفعه
الدعاء والسلام لا وجه للحرمة.
نعم، حيث إنّ السلام نحو من الاعتناء
بالمسلَّم عليه، والاعتناء بمن يعادي اللَّه سبحانه ورسوله مرجوح يمكن القول بالمرجوحية إذا لم تكن جهة راجحة في البين.
وإن سلّم
الذمّي على
مسلم فالأحوط الردّ بقوله: (عليك).
وأمّا الأخبار الواردة: فمنها: ما رواه
غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبدؤوا
أهل الكتاب بالتسليم، وإذا سلّموا عليكم فقولوا: وعليكم».
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۲۶-۳۳۱.