الإلحاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو الإصرار
والمواضبه على الشيء.
هو الإقبال على الشيء مواظباً».
والإلحاح مثل
الإلحاف ، تقول: ألحّ عليه بالمسألة، وألحّ في الشيء، أي كثر سؤاله إيّاه كاللاصق به.
ورجل ملحاح: مديم للطلب.
ولا يخرج استعمال
الفقهاء عن المعنى اللغوي.
وهو حبس النفس في حالة الفقر عن السؤال وإظهار الحاجة لغير أهلها،
فيكون مبايناً للإلحاح في بعض موارده وهو الإلحاح بالسؤال.
تعرّض الفقهاء لعدّة أحكام تتّصل بالإلحاح، نذكر أهمّها إجمالًا فيما يلي:
يستحبّ الإلحاح بالدعاء،
خصوصاً في أماكن وأوقات معيّنة، كمشاهد ومراقد الصالحين والأولياء من
الأنبياء والمرسلين
والأئمّة عليهم السلام،
وكيوم الجمعة
ويوم عرفة وعند زوال الشمس وعند نزول الغيث وغير ذلك من الأمكنة والأزمنة؛
لأنّ اللَّه تعالى يحبّ إلحاح الملحّين في الدعاء.
ورد النهي عن السؤال وطلب الحاجة من الناس، فمن ذلك ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال أبو جعفر عليه السلام: يا محمّد، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في
العطية ما ردّ أحد أحداً»، ثمّ قال: «يا
محمّد ، إنّه من سأل وهو بظهر غنى لقي اللَّه مخموشاً وجهه يوم القيامة».
وإذا كان السؤال من الناس وطلب الحاجة منهم مرجوحاً فمن باب أولى يكون الإلحاح مرجوحاً أيضاً.
وقد دلّ على ذلك قوله تعالى:
«يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَايَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً»،
فإنّ عدم التعفّف وعدم سؤال الناس إلحافاً معناه مرجوحية السؤال والإلحاح فيه بالملازمة العرفية.
المستفاد من بعض الروايات النهي عن الإلحاح في السؤال من
العالم ، فعن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كان
أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه السؤال».
وعلّله بعضهم بأنّ ذلك قد يؤذيه ويؤلمه.
نعم، إذا علم أنّه يريد ذلك، فلا بأس.
ذكر بعض الفقهاء أنّ
الصبيّ إذا بلغ سبع سنين أو
راهق ،
فإنّه يؤمر
بالصوم تأديباً وليس بفرض؛
لما ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: «وأمّا صوم التأديب فإنّه يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديباً وليس بفرض...»،
فإذا ألحّ عليه الجوع والعطش أفطر.
إذا ألحّ المدين على غريمه بالمطالبة وأحضره مجلس الحكم فخاف من الإقرار الحبس، فله الإنكار عليه والتورية فيها بما تخرج به عن
الكذب ،بشرط العزم على قضائه متى تمكّن، وإعلامه بذلك قبل
اليمين وبعدها؛
لقوله سبحانه وتعالى: «وَإِن كَانَ ذُوعُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ».
واستقرب
العلّامة الحلّي في
المختلف عدم شرطية الإعلام في الجواز.
ولعلّ المستند في أصل الحكم بجواز ذلك هو دفع الضرر عن نفسه مع إحرازه واقعاً أنّه لا يستحقّ الحبس لفرض كونه معسراً.
ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على كراهة الإلحاح في
نكاح المتعة ومداومتها متى ما أغنى اللَّه تعالى الإنسان
بالزوجات .
فعن
ابن شمّون ، قال: كتب
أبو الحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: «لا تلحّوا على المتعة، إنّما عليكم إقامة السنّة، فلا تشتغلوا بها عن فُرُشِكُم وحرائركم فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك، ويلعنونا».
ذكر بعض الفقهاء في آداب الطعام أنّ الإنسان لابدّ له أن يتعهّد ضيفه باللطف على مائدة الطعام، لا سيّما
المحتشم والخجول، فإن رأى منه رغبة في
الأكل ، وإلّا حثّه عليه مرّتين أو ثلاث، فلا يزيد على الثلاث؛ لأنّه من الإلحاح المذموم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۴۲-۳۴۴