الإمامة بغير رداء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وأن يؤمّ بغير رداء) على المشهور، على الظاهر، المصرح به في المدارك وغيره،
بل عليه
الاتّفاق في الذكرى،
وهو الحجة.مضافا إلى الصحيح : عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء، فقال : «لا ينبغي إلّا أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها».
وأخصّيته من المدعى ـ بدلالته على كراهة
الإمامة من دون رداء في القميص وحده لا مطلقا ـ مجبورة بعدم القول بالفرق بين جمهور أصحابنا، وإن توهّمه شاذّ من متأخّري متأخرينا،
مع أنّ المقام مقام كراهة
يتسامح في دليله بما لا يتسامح في غيره، فيكتفي في
إثباتها بفتوى فقيه واحد، فما ظنك بفتاوى جمهور أصحابنا؟! وأما قول
أبي جعفر عليه السلام لمّا أمّ أصحابه في قميص بغير رداء : «إن قميصي كثيف، فهو يجزي أن لا يكون عليّ إزار ولا رداء».
فليس فيه تأييد لما توهّمه الشاذ المتقدم : من
اختصاص الكراهة بمورد الصحيحة،
لاحتمال الإجزاء في هذه الرواية
الاكتفاء بأقل الواجب من ستر العورة، لا
الإجزاء عن
الاستحباب ، وإلّا لنافي إطلاق الصحيحة المتقدمة، بل عمومها الناشئ عن ترك
الاستفصال عن القميص هل هو كثيف أم رقيق؟فحكمه حينئذ ب «لا ينبغي» يعم الصورتين.مع أنّ الرواية السابقة على التقدير الثاني قد نفت استحباب الرداء في الصورة الاولى، وهذا الشاذّ لا يقول به، فكيف يجعل قوله عليه السلام في هذه الرواية مؤيّدا؟! وإن هو إلّا غفلة واضحة.
وظاهر الشهيدين وغيرهما
استحباب الرداء لمطلق المصلي ولو لم يكن إماما، للصحاح الدال بعضها على أنّ أدنى ما يجزيك أن تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف،
والباقي على استحباب ستر المنكبين لمن يصلّي في إزار أو سراويل.
ولا ذكر للرداء في الرواية الأولى، والبواقي خارجة عما نحن فيه جدّا، فلا وجه للاستدلال بها لما ذكروه أصلا.
ولا بأس بالقول باستحباب ما فيها، وفي الخبر : «عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي في قميص واحد أو قباء واحد؟ قال : ليطرح على ظهره شيئا».
وعن الرجل هل يصلح له أن يؤم في ممطر وحده أو جبّة وحدها؟ قال : «إذا كان تحته قميص فلا بأس».
وعن الرجل يؤم في قباء وقميص، قال : «إذا كان ثوبين فلا بأس».
والمعتبر في الرداء ما يصدق عليه
الاسم عرفا، قيل : ويقوم التكة ونحوها مقامه مع الضرورة.
ولم أقف على ما دلّ على إقامتها مقامه، حيث يكون هو المعتبر، كما في
أصل البحث.نعم، النصوص المتقدمة في المصلّي في
الإزار والسراويل دلّت على استحباب نحو التكة له، ولكنه غير قيامه مقام الرداء حيث يكون مستحبّا.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۵۸-۳۶۱.