الإيذاء (الوالدين)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإيذاء (توضيح).
لا ريب في حرمة إيذاء
الوالدين في الجملة،
وقد صرّح به بعض الفقهاء.
ويدلّ عليها-
مضافاً إلى عمومات
تحريم إيذاء المؤمن- ما ورد من
النهي عن إيذائهما بالخصوص، كقوله سبحانه وتعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا».
وفي رواية
حديد بن حكيم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «أدنى
العقوق افّ، ولو علم اللَّه شيئاً أهون منه لنهى عنه».
وإنّما
الخلاف و
الإشكال في
إطلاق الحرمة وعدمها، فلعلّ
الظاهر من بعضهم الإطلاق
كالسيّد اليزدي ، حيث قال في شروط
الاعتكاف : «(ويعتبر)
إذن الوالد أو
الوالدة بالنسبة إلى ولدهما إذا كان
مستلزماً لإيذائهما، وأمّا مع عدم
المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم وإن كان
أحوط ، خصوصاً بالنسبة إلى
الزوج والوالد».
لكنّ الظاهر من
السيّد الخوئي التفصيل في حرمة الإيذاء بين ما يرجع إلى شؤون الوالدين فيحرم، وبين ما يرجع إلى شؤون الولد ولكن يستلزم أذيّتهما فلا يحرم، حيث قال: «لا ريب في عدم
جواز إيذاء الوالدين فيما يرجع إليهما ويكون من شؤونهما
كالسبّ و
الهتك و
التعدي ونحو ذلك، بل أنّ الإيذاء بهذا
المعنى حرام بالإضافة إلى كلّ مؤمن، غايته أنّه فيهما آكد و
العقوبة أغلظ وأشدّ.
وأمّا الإيذاء فيما يرجع إلى
الشخص نفسه بأن يعمل فيما يعود إلى نفسه ويتصرّف في شأنٍ من شؤونه ولكن يترتّب عليه الإيذاء، فلا ريب- أيضاً- في عدم حرمة هذا الإيذاء بالإضافة إلى غير الوالدين، كمن يفتح حانوتاً في محلّ يتأذّى منه رقيبه
لمزاحمته له في جلب
المشتري بطبيعة الحال... وهل الحال كذلك بالإضافة إلى الوالدين أيضاً، كما لو أراد الولد أن يتزوّج
بامرأة ولكن الامّ تتأذّى؛ لعدم
تلاؤم أخلاقها معها خصوصاً أو عموماً، أو أنّه أراد
تحصيل العلوم الدينيّة و
الأب يتأذّى؛ لرغبته في تحصيل العلوم الحديثة، كما يتّفق ذلك في هذه الأزمنة كثيراً، فهل يحرم مثل هذا الإيذاء؟
الظاهر العدم كما في غير الوالدين حسبما عرفت؛ لعدم
الدليل على ذلك بوجه، وإنّما
الواجب المعاشرة الحسنة و
المصاحبة بالمعروف على ما نطقت به
الآية الكريمة وغيرها، مثل: أن لا يجادل معهما في
القول ، ولا يقول لهما: افّ، وأمّا
ارتكاب عمل عائد إلى شأن من شؤون نفسه وإن ترتّب عليه إيذاؤهما من غير أن يكون ذلك من قصده، فلم تثبت حرمته بدليل...نعم، تستحبّ
إطاعتهما من باب
البرّ إليهما و
الإحسان ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۸۶-۲۸۸.