الارتفاق(حكم الطرق ومقاعد الأسواق)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الارتفاق(توضيح) .
الغرض من الطرق وفائدتها هو
الاستطراق والناس فيها شرع سواء، فلا يجوز
الانتفاع فيها بغيره إلّا بما لا يفوّت معه منفعة الاستطراق،
كالوقوف والجلوس للاستراحة والمعاملة ونحوهما، إذا لم يتضيّق على المارّة؛ لأنّها وضعت لذلك،
وقد ادّعي على جواز ذلك
الإجماع في جميع الأمصار والأعصار.
وكذلك يجوز
الارتفاق بها بغير الاستطراق ممّا يستلزم للمستطرق من
المرافق .
قال
المحقّق النجفي : «بل قد يقال: إنّ
السيرة تقتضي جواز الارتفاق بالطرق بغير الاستطراق، كوضع الأحمال، ووقوف الدواب، فضلًا عن وقوف الشخص نفسه لأغراض تتعلّق له بذلك، فيتّجه حينئذٍ عدم تسلّط المستطرق على ما كان كذلك؛ لاشتراك الجميع في حقّ الارتفاق- إلى أن قال:- فيتجه أن يقال: إنّ جميع ما يعرض للمستطرق من المرافق التي يحتاجها في استطراقه من جلوس ووقوف ونحوهما لا فرق بينها وبين الاستطراق- ثمّ قال:- ومنه ما يحتاج إليه من كانت باب داره إلى الطريق من
ادخال الأحمال والدواب ونحوها باعتبار أنّ ذلك كلّه من توابع استطراقه، أمّا إذا لم يكن كذلك بل كان موقفاً لا من حيث الاستطراق كالجلوس للبيع ونحوه فلا ريب في تقدّم حقّ الاستطراق عليه عند
التعارض ».
وحينئذٍ يكون الارتفاق بالطرق والانتفاع به على ثلاثة أنواع:
===النوع الأوّل===
مجرد الاستطراق فيها، وهذا لا
إشكال في جوازه؛ لأنّ الغرض من وضعها هو ذلك.
===النوع الثاني===
ما يعرض للمستطرق من المرافق التي يحتاجها إليه في استطراقه من جلوس ووقوف ووضع الأحمال ووقوف الدواب ونحو ذلك. وهذا أيضاً جائز لما ادّعاه من السيرة على جواز الارتفاق بالطرق بغير الاستطراق ممّا يعرض للمستطرق، بلا فرق بينها وبين الاستطراق، وليس للمستطرق تسلّط على المرتفق بما يستلزم الاستطراق؛ لاشتراك الجميع في حقّ الارتفاق.
===النوع الثالث===
الارتفاق بالطرق بالجلوس في موضع
للبيع والمعاملة، فهذا يجوز بشرط أن لا يضرّ بالمارّة؛ فلهذا يقدّم عليه حقّ الاستطراق عند
التزاحم .ولكن قال
المحقّق الحلّي : «ولو جلس للبيع أو
الشراء فالوجه المنع، إلّا في المواضع المتّسعة كالرحاب؛ نظراً إلى العادة».
وذكر
العلّامة الحلّي في
التحرير نظير هذه العبارة، إلّا أنّه قال: «احتمل المنع» مكان قوله: «فالوجه المنع».
وقال في
القواعد : «ولو جلس للبيع والشراء في الأماكن المتّسعة فالأقرب الجواز».
وقال في
الإرشاد : «ولو كان (أي الجلوس) للبيع أو الشراء في الرحاب فكذلك».
وقد اعترض على هذه التعبيرات بالاجمال، فإنّه إن اريد بالرحاب المتّسعة الأماكن التي ليست طرقاً فهو- مع أنّه خارج عن مفروض البحث فلا يصح استثناؤه- أنّه لا يناسبه ذكر الوجه والأقرب
والاحتمال فيه؛ ضرورة عدم المانع من ذلك فيها.وإن اريد خصوص ما زاد على النصاب مما هو مستطرق فكذلك أيضاً، بناءً على عدم جريان حكم الطريق على الزائد المزبور.
وقد اعترض أيضاً على ما ذكر من حمل المواضع المتّسعة والرحاب من تلك العبارات على المواضع الغير المضرّ بالاستطراق، فكأنّه قيل: لا يجوز الجلوس في الطرق للبيع والشراء إلّا في المواضع غير المضرّة بالمارّة بأنّ هذا تكرار، حيث ذكر أوّلًا: أنّه لا يجوز الانتفاع فيها (أي الطرق) بغيره إلّا ما لا يفوت به منفعة الاستطراق كالجلوس غير المضرّ بالمارّة.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۴۷۸-۴۸۰.