الاقتداء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاقتداء (توضيح) .
وهو بمعنى
المتابعة .
الاقتداء لغةً:
المتابعة ، يقال: اقتدى به، إذا فعل مثل فعله؛
تشبّهاً وتأسّياً به، وفلان قدوة، أي يقتدى به ويتأسّى به.
واستعمله
الفقهاء في نفس معناه اللغوي.
ويأتي بمعنى
السير وراء الغير، ومنه اتّباع
الجنائز ، وبمعنى
الائتمام ، يقال: اتّبع
القرآن ، أي ائتمّ به وعمل بما فيه، وبمعنى
المطالبة بالحقّ، كما في
الآية : «فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ»،
فهو أعمّ من الاقتداء.
وهو في
الاصطلاح عبارة عن قبول قول الغير من دون دليل عليه بخصوصه،
ويفترق عن الاقتداء في أنّه محاكاة للرأي بالعمل، بخلاف الاقتداء فإنّه العمل على طبق رأي الغير أو فعله، فالاقتداء أعمّ من
التقليد .
وهو بمعنى اتّخاذ الشخص [[|إماماً]] يقتدى به،
فالائتمام بمعنى الاقتداء، إلّا أنّ الاقتداء في
استعمال الفقهاء أعمّ من الائتمام؛ لأنّه يكون في
الصلاة وغيرها كما يأتي.
وهو- لغة- من الاسوة بمعنى القدوة، يقال: تأسّيت به، أي اقتديت،
فالتأسّي بمعنى الاقتداء.
وأكثر ما يكون الاقتداء في الصلاة، أمّا التأسّي فيستعمل في غير ذلك، كالتأسّي
بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام في أقوالهم وأفعالهم.
تعرّض الفقهاء لحكم الاقتداء تارة في الصلاة واخرى في غيرها، وإليك بيان ذلك:
ومعناه متابعة
المأموم للإمام في أفعاله، وقصد ربط فعله بفعل الإمام.
وقد اختلف الفقهاء في المراد من المتابعة هنا على قولين، فذهب بعضهم إلى أنّها بمعنى
تأخّر المأموم في أفعاله عن الإمام، فلا تتحقّق المتابعة مع
المقارنة ،
لكن لا مع التأخّر الفاحش والطويل، فيقدح ذلك في المتابعة، خصوصاً إذا أدّى ذلك إلى فراغ الإمام عن فعله قبل فعل المأموم.
وذهب المشهور
إلى أنّ المراد منها عدم تقدّم المأموم على الإمام في أفعاله وعدم سبقه فيها، ومقتضاه
جواز المقارنة؛
نظراً إلى صدق اسم
الجماعة والمتابعة.
والبحث في حكم الاقتداء في الصلاة يقع في موارد:
•
شروط الاقتداء .
•
اقتداء الحاوي لشروط الصحّة أو الكمال بفاقدها .
لا ريب في أنّ
الرسول وأهل بيته هم
أئمة المسلمين وقادتهم وقدوتهم في امور الدنيا
والدين ، فلابدّ من اتّباعهم والاقتداء بهم
والاهتداء بهديهم؛ إذ لا معنى
لإمامتهم إلّا ذلك؛ لأنّ الإمامة مشتقة من الائتمام والائتمام هو الاتّباع والاقتداء.
وقد دلّ على ذلك من الآيات ما دلّ على التأسي بهم
ومسألتهم وطاعتهم
واتّباعهم
والردّ إليهم
والكون معهم
ونحو ذلك، بل
وطهارتهم ،
فإنّ اللَّه تبارك وتعالى طهّرهم وعصمهم ليكونوا قدوة للمسلمين يجب عليهم
حبّهم والاقتداء بهم حتى ينالوا
السعادة والكمال في الدنيا
والآخرة .
ومن الروايات كثير في مقدّمتها ما تواتر بين
العامة والخاصة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا:
كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ
الحوض »،
فإنّه نصّ في لزوم اتّباع الكتاب والعترة؛ إذ لا معنى للتمسّك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه
والتمسّك بالعترة إلّا الاتّباع والاقتداء.
وروى
أبو خالد الكابلي قال: دخلت على سيدي
علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام فقلت له: يابن رسول اللَّه أخبرني بالذين فرض اللَّه عزّوجلّ طاعتهم
ومودّتهم وأوجب على
عباده الاقتداء بهم بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال لي: «يا كنكر إنّ
أولي الأمر الذين جعلهم اللَّه عزّوجلّ أئمة للناس وأوجب عليهم طاعتهم:
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثمّ
الحسن ثمّ
الحسين ابنا علي بن أبي طالب، ثمّ انتهى الأمر إلينا»، ثمّ سكت....
ومحلّ هذه البحوث علوم اخرى
كعلم الكلام والعقائد
وعلم اصول الفقه كالبحث فيه عن
حجية قول المعصوم وفعله وتقريره وما أردنا الإشارة إليه هنا هو
وجوب الاقتداء بهم في امور الدين والدنيا.
هذا وقد أثبت الفقهاء الكثير من
المستحبات - خصوصاً في
الحج - من جهة الاقتداء
بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كاستحباب
التحصيب وهو: النزول في المحصب
والاستراحة فيه قليلًا،
وأفضلية
الوقوف بعرفة راكباً اقتداء برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم،
وأن يتولّى
الحاج ذبح أضحيته بنفسه،
وأن ينزل الجائي من المدينة
بالمعرَّس والاستراحة فيه
والصلاة وغير ذلك.
وفي غير الحج كثير مثل استحباب أن يعتمد
إمام الجمعة على شيء حال
الخطبة من
سيف أو عكاز أو قضيب أو غير ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وأن يوضع
المنبر على يمين
القبلة وهو الموضع الذي على يمين الإمام إذا توجّه إلى القبلة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم،
واستحباب الصلاة في النعل العربية،
واستحباب
الدفن في
المقبرة وغير ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۴۰۴-۴۲۴.