الاكتساب بما لا ينتفع به
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الرابع : (ما لا ينتفع به) أصلاً، أو ينتفع لكن نادراً يعدّ بذل الثمن لأجله سفاهة عرفاً، إجماعاً؛ وهو الحجة.مضافاً إلى عموم أدلّة منع المعاملة مع السفيه، وحرمة تصرفاته لسفهه المستلزم
للإعانة على
الإثم لو عومل معه.وهو (كالمسوخ) مطلقاً (بريّة كانت، كالدبّ والقِرْد، أو بحرية، كالجِرّيّ والسلاحف، وكذا
الضفادع والطافي) -الطافي : سمك.
وهو الذي يموت في الماء ثم يعلو فوق وجهه..
وقد أطلق المنع عن جميع ذلك أكثر المتقدّمين. ووجهه غير واضح فيما ينتفع به نفعاً بيّناً، كالفيل ونحوه؛
للانتفاع بعظمه والحمل عليه، فيشمله
الأصل والعمومات.مضافاً إلى الخبر في الأول : عن عظام الفيل يحلّ بيعه أو شراؤه للذي يجعل منه الأمشاط؟ فقال : «لا بأس، قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط».
والخبرين في
العاج ، في أحدهما : رأيت أبا الحسن عليه السلام يتمشّط بمشط عاج واشتريته له.
وفي الثاني : عن العاج، فقال : «لا بأس به، وإنّ لي منه لمشطاً».
مضافاً إلى دعوى الخلاف
الإجماع على جواز التمشّط به، وجواز استعماله،
والحلّي ذلك في الأوّل.
فمع ذلك لا وجه
لإطلاق المنع عن المسوخ، بل ينبغي تقييده بما عداهما، بل بما لا نفع له يعتدّ به عند العقلاء، إلاّ أن يقال بنجاسة المسوخ. وما هنا يدفعه، مضافاً إلى ما تقدّم في كتاب
الطهارة .فالقول بجواز التكسّب بها مع الانتفاع المعتدّ به قويّ جدّاً، وفاقاً لأكثر متأخّري أصحابنا.
والخبر الوارد بالمنع عن
البيع والشراء بالقرد مطلقاً
ضعيف جدّاً،لا بأس بتقييده بعدم الانتفاع المعتدّ به، أو المحرّم
كالإطافة به للّعب، كما هو الغالب في نفعه، أو حمله على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ الذي هو أقوى منه بمراتب شتّى.
(ولا بأس بسباع الطير) كالصقر (والهرة، والفهد) وفاقاً لأكثر المتأخّرين، تبعاً للحلّي والقاضي في الثلاثة،
والمفيد فيما عدا
الهرة ،
وللنهاية فيها وفي الفهد خاصّة؛
لطهارتها، والانتفاع بها نفعاً معتدّاً به، فيشمله الأُصول المتقدّمة.
مضافاً إلى الصحيحين فيما عدا الثاني : عن الفهود وسباع الطير هل يلتمس التجارة فيها؟ قال : «نعم»
والصحيح فيه : «لا بأس بثمن الهرّ».
ولا معارض لهذه النصوص مع صحتها،
واعتضادها بالأُصول والشهرة العظيمة، بل
الاتّفاق ، كما يشعر به العبارة، وحكي عن ظاهر التذكرة في الهرة.
(وفي بقية
السباع ) كالأسد والذئب والنمر ونحوها (قولان، أشبههما) وأشهرهما بين المتأخّرين، وفاقاً للقاضي والحلّي
(الجواز) تمسّكاً بما مرّ؛ مضافاً إلى النصوص : منها : عن بيع جلود النمر، فقال:«مدبوغة هي؟» قلت : نعم، قال : «ليس به بأس».
ومنها الخبر المروي عن
قرب الإسناد : عن جلود السباع وبيعها وركوبها أيصلح ذلك؟ قال : «لا بأس ما لم يسجد عليها».
وقريب منهما النصوص الدالّة على جواز
اتّخاذ جلودها وركوبها؛
لدلالتها على كونها قابلة للتذكية،
لإفادتها جواز الانتفاع بجلودها لطهارتها، فيجوز بيعها وشراؤها.خلافاً لمن تقدّم، فخصّوا الجواز بما مرّ، وإن اختلفوا في المختصّ به، فبين من جعله الفهد خاصّة، وهو الخلاف والنهايةولم نجده في الخلاف وحكاه عنه في المهذب البارع،،
لكن بزيادة الهرّة، ومن ألحق به سباع الطير، وهو المفيد.
وهنا قولان آخران، أحدهما المنع عن السباع مطلقاً، كما عن
العماني والديلمي.
والآخر
إباحة الجميع إلاّ ما لا ينتفع به، كالسبع والذئب، كما عن المبسوط.
ومستند كلّ ذلك غير واضح، وعلى تقديره فلما مرّ غير مكافئ، ودعوى عدم الانتفاع بنحو السبع والذئب مطلقاً ممنوعة.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۴۷-۱۵۰.