البسر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو الغضُّ الطريّ من كل شيء أو تمر
النخل قبل أن يُرْطِبَ .
البَسر- لغة-: ضرب الفحل
الناقة قبل أن تطلب، يقال: بَسَر الفحل الناقة، أي ضربها قبل
الضَبعة .
والبُسر: الغضّ من كلّ شيء، وكلّ شيء أخذته غضّاً فقد بسرته.والبُسر والبَسر: الماء الطريّ
الحديث العهد بالمطر ساعة ينزل من
المُزن .
والبُسر:
التمر قبل أن يُرطِب لغضاضته، وقيل: هو ثمر
النخل إذا أخذ في الطول والتلوّن إلى
الحمرة أو
الصفرة ، وثمر النخل أوّله طَلع، الطلع: ما يطلع من النخل فيصير بسراً، هذا في الانثى، وأمّا الذكر منه فطلعه لا يتحوّل إلى بسر، بل يبقى أيّاماً حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق ذو رائحة زكيّة، فيلقّح به الانثى.
ثمّ خلال، ثمّ بلَح، ثمّ بُسر، ثمّ رطب، ثمّ تمر، وهو اليابس من ثمر النخل. واستعمله الفقهاء في
المعنى اللغوي الأخير، أي بمعنى ثمر النخل.
تعرّض الفقهاء للأحكام المترتّبة على البُسر في مواطن مختلفة، نذكرها إجمالًا فيما يلي:
اختلف الفقهاء في تعلّق
الزكاة بالبسر، فذهب جمع منهم إلى وجوب الزكاة فيه- بل نسب هذا القول إلى
المشهور - لأنّ الحدّ الذي يتعلّق به الوجوب هو بدوّ الصلاح، وبدوّ صلاح ثمر النخل إنّما يكون عند اصفراره واحمراره، وهو صيرورته بسراً، وقد نصّ
أهل اللغة على أنّ البُسر نوع من التمر، والرطب نوع من التمر.
ولصحيحة
سعد بن سعد الأشعري عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام- في حديث- قال:سألته عن الزكاة في
الحنطة والشعير والتمر
والزبيب ، متى تجب على صاحبها؟ قال:«إذا صُرم أي: قُطع.
وإذا خُرص، خرصت النخل: حززت تَمرهِ.
،
فإنّ
الخرص إنّما يكون في حال كون التمر بسراً وعنباً.
لكن ذهب بعض آخر إلى عدم تعلّق الزكاة بالبسر؛ للأصل وتعليق
الوجوب في الأخبار العديدة على التمر والزبيب والحنطة والشعير، ونفيه عمّا سوى ذلك، ولا شكّ أنّ البسر والرطب
والحصرم والعنب ما سوى الأجناس الأربعة.
مضافاً إلى تعقيب الحنطة والشعير في جميع
الروايات بالتمر والزبيب، ولو تعلّقت بالرطب
والعنب لما كان وجه لتركهما وعدم ذكرهما.
صرّح الفقهاء بعدم جواز
بيع الثمار قبل ظهورها، وجوّزوه بعد بدوّ الصلاح في الجملة؛ لأنّ البيع قبله بيع غرر وبيع معدوم غير معلوم ولا موصوف، وليس معه شيء يصلح كون
الثمن مقابلًا له، والبُسر يكون من
الثمرة قبل بدوّ الصلاح.
وقيل: في ثمرة النخل تغيّر اللون من الخضرة التي هي لون البلح إلى الحمرة أو الصفرة؛ لما فهم من بعض الأخبار أنّ حدّ جواز البيع هو الحمرة أو الصفرة،
وبالاتّفاق يجوز بعد البدوّ فلا يكون بدوّ قبله.
ولما رواه
علي بن أبي حمزة - في حديث- قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه غير بُسر أخضر، قال: «لا، حتى يزهو».قلت: وما الزهو، قال: «حتى يتلوّن».
وفيه: «غيره» بدل «غير».
لا يجوز بيع البسر بالتمر متفاضلًا وإن اختلف جنسه، ولا بيع نوع من تمر بأكثر منه من غير ذلك
النوع ؛ لأنّ ما يكون من النخل في حكم النوع الواحد.
إذا حلف شخص أن لا يأكل رطباً فأكلالمنصّف- وهو الذي نصفه رطب ونصفه بسر- أو حلف لا يأكل بسراً فأكل المنصّف، حنث؛ لأنّه قد أكل البسر وإنّما أكل معه شيئاً آخر.
وقال
العلّامة الحلّي : «على إشكال».
ولكن قال
ابن إدريس : «والذي يقوى في نفسي أنّه لا يحنث للعرف؛ لأنّ الإنسان إذا قال لغلامه: اشتر لنا رطباً، فاشترى له منصّفاً لم يمتثل أمره، وكذلك إن أمره بشراء البسر، فاشترى له المنصّف لم يكن ممتثلًا أمره؛ لأنّ في عرف العادة الرطب هو الذي جميعه قد نضج، وكذلك في البسر الذي جميعه لم ينضج منه شيء».
صرّح الفقهاء بحرمة أكل الفضيخ- وهو
شراب يعمل من تمر وبسر- ويقال: هذا أسرع إدراكاً.
واستدلّ لحرمته بخبر
أبي الجارود عن
أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: «إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ»
الآية: «أمّا
الخمر فكلّ مسكر من الشراب إذا اخمر فهو خمر، وما أسكر كثيره وقليله فحرام، وذلك أنّ أبا بكر شرب قبل أن تحرّم الخمر فسكر- إلى أن قال-: فأنزل اللَّه تحريمها بعد ذلك، وإنّما كانت الخمر يوم حرّمت بالمدينة فضيخ البُسر والتمر، فلمّا نزل تحريمها خرج
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقعد في
المسجد ، ثمّ دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفاها كلّها، وقال: هذه كلّها خمر حرّمها اللَّه، فكان أكثر شيء أكفى في ذلك اليوم الفضيخ...».
وأمّا غير
العصير من التمر أو البُسر ما لم يسكر فلا بأس به
بإجماع الفقهاء.
وأمّا شرب الخليطين- وهو
نبيذ يعمل من لونين: تمر وزبيب أو تمر وبسر- فلا بأس به إذا كان حلواً غير مسكر.
وقال بعضهم: إنّه
مكروه ؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن شرب الخليطين،
والنهي عن ذلك نهي كراهة إذا كان حلواً قبل أن يشتدّ.
الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۲۸۱-۲۸۴.