• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

التعفير بالتراب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لقد ورد عنوان التعفير في كلمات الفقهاء، ولم يرد في شي‌ء من الروايات، وإنّما الوارد في صحيح البقباق هو الغسل بالتراب. وقد اختلف في ما هو المراد بذلك، وتبعاً لذلك اختلفت كلماتهم:
قال ابن إدريس : «وكيفيّة ذلك: أن يجعل الماء فيه ويترك التراب أو يترك فيه التراب ويصبّ الماء عليه، بمجموع الأمرين ، لا بانفراد أحدهما عن الآخر». وقال العلّامة في التذكرة: «الأقرب أنّ التراب لا يفتقر إلى الماء، خلافاً لابن إدريس» ومضمونه ورد في القواعد والتحرير. وقال في نهاية الإحكام : «وهل يفتقر إلى مزجه (التراب‌) بالماء أم يكفي ذرّه على المحلّ؟ إشكال ينشأ من افتقاره إلى إيصال التراب إلى جميع أجزاء المحلّ، ولافتقار صدق الغسل إليه، ومن أصالة البراءة ؛ فإن قلنا بالأوّل لم يقتصر على غير الماء... وإن قلنا بالثاني وجب مسحه بالتراب ودلكه به بحيث تقلع الأجزاء اللعابية من الاناء». وقال السيد اليزدي: «يجب في الأواني... إذا تنجّست بالولوغ التعفير بالتراب مرّة وبالماء بعده مرّتين. والأولى أن يطرح فيها التراب من غير ماء ويمسح به، ثمّ يجعل فيه شي‌ء من الماء ويمسح به. وإن كان الأقوى كفاية الأوّل فقط، بل الثاني أيضاً».




والحاصل إنّ للفقهاء في ذلك أقوالًا رابعة:

۱.۱ - القول الأوّل


اشتراط مزج التراب بالماء، وهو المحكي عن الراوندي وصرّح به ابن إدريس وقوّاه في المنتهى بعد ما تنظّر فيه، وتبعه الاصبهاني في كشف اللثام واختاره من المعاصرين كل من السيد الحكيم والسيد الخوئي والشهيد الصدر.
[۱۱] منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۱، ص۱۶۴، م ۵.
[۱۳] الفتاوى الواضحة، ج۱، ص۳۴۵.

والمستند لذلك هو استظهار كون المراد من قوله: «اغسله بالتراب» الغسل بالماء بالاستعانة بشي‌ء آخر، وهو التراب، فالباء في قوله: «اغسله بالتراب» للاستعانة، كما هو الحال في قولهم: اغسله بالصابون أو الاشنان أو الخطمي ونحوها؛ فإنّ معناه ليس هو مسح الثوب بالصابون، وإنّما هو بمعنى غسله بالماء ولكن لا بوحدته، بل بضمّ شي‌ء آخر إليه. وعليه فمعنى الغسل بالتراب جعل مقدار من الماء في الاناء مع‌ مقدار من التراب وغسله بالماء بإعانة التراب، أعني مسح الاناء بالماء المخلوط به التراب- كما هو الحال في الغسل بالصابون ونحوه- ثمّ يزال أثر التراب بالماء؛ وبذلك يتحقق الغسل بالتراب عرفاً.
وهذا هو المتعارف في غسل الاناء وإزالة الأقذار العرفية، وعليه لا يعتبر في تطهير الاناء سوى غسله ثلاث مرات اولاهنّ بالتراب؛ وذلك لأنّ الغسل بالتراب أمر غير مغاير للغسل بالماء، بل هو هو بعينه بإضافة أمر زائد وهو التراب؛ لأنّ الغسل معناه إزالة الوسخ بمطلق المائع، وإنّما خصّصناه بالماء؛ لانحصار الطهور به في الأخباث. وقد ناقش بعضهم في ذلك.
[۱۵] غنائم الأيّام، ج۱، ص۴۴۵.


۱.۲ - القول الثاني


اشتراط العدم ولزوم المسح بالتراب، وصرّح به العلّامة الحلي في التذكرة والقواعد والتحرير واختاره المحقق الكركي . والمستند فيه هو استظهار كون المراد بالغسل في قوله: «اغسله بالتراب» مسح الاناء بالتراب، وإنّما استعمل فيه الغسل مجازاً بنكتة إزالة الوسخ به؛ لأنّه كما يزول بالغسل بالماء كذلك يزول بالمسح بالتراب. وعلى ذلك فالغسل بالتراب معنى مغاير للغسل بالماء، وهذا هو مبنى القول الثاني.
واستبعد البعض هذا الاحتمال بأن مقتضى ذلك انّه يعتبر في تطهير الاناء حينئذٍ الغسل أربع مرّات إحداها الغسل بالمعنى المجازي؛ وذلك لأنّ موثقة عمّار دلّت على لزوم الغسل ثلاث مرّات، وصحيحة البقباق اشتملت على لزوم الغسل بالتراب، وقد فرضنا أنّه أمر مغاير للغسل حقيقة، ومقتضى هاتين الروايتين أنّ الاناء يعتبر في تطهيره الغسل أربع مرّات إحداها المسح بالتراب.

۱.۳ - القول الثالث


التخيير بين الأمرين وعدم اشتراط شي‌ء منهما على الخصوص، كما ذهب إليه الشهيد الأوّل
[۲۲] البيان، ج۱، ص۹۳.
والسيد اليزدي. والمستند في ذلك هو التمسك باطلاق النص حيث لم يقيّد بكونه بالتراب الخالص فقط أو الممزوج، واشتراط تحصيل إحدى الحقيقتين- الغسل والتراب- يوجب ترك الأخرى، فلا ترجيح؛ فإنّ تحصيل حقيقة الغسل وهو إجراء الماء أو المائع على المحل النجس يوجب خروج التراب عن كونه تراباً، وأيضاً تحصيل حقيقة التراب يستلزم عدم تحقق الغسل حقيقة، فإنّ المسح بالتراب لا يسمّى غسلًا حقيقة ولا مرجّح لإحداهما. مع انّ إزالة اللعاب حاصلة بأيّ واحد منهما.
وقد أجيب على ذلك بتقديم أقرب المجازات،
[۲۶] غنائم الأيّام، ج۱، ص۴۴۴.
مضافاً إلى أنّه قد اتضح إمكان تحصيل حقيقة الغسل بالتراب؛ فإنّ المفهوم عرفاً هو المزج على نحو يكون التراب مائعاً بالعرض.

۱.۴ - القول الرابع


الجمع بين الأمرين، واختاره الوحيد البهبهاني
[۲۸] مصابيح الظلام، ج۱، ص۴۶۷.
والسيد علي الطباطبائي.
[۲۹] الرياض، ج۱، ص۵۴۹.
وذلك لتوقّف يقين الطهارة من تلك النجاسة اليقينية على الجمع بينهما. ويمكن الجواب بأنّه مع ظهور النصّ وعدم إجماله لا تصل النوبة إلى الاحتياط .وبناء على القول باشتراط مزج التراب بالماء لا يشترط بقاء الماء على إطلاقه.قال في الجواهر: «لم أعرف أحداً اعتبر بقاء الماء على إطلاقه من القائلين بالمزج، بل صريح بعضهم- كما عرفت- اشتراط عدم خروج التراب عن اسمه بالمزج».
بل صرّح بعض القائلين بالمزج بأنّه لا بدّ من خروج الماء عن الاطلاق. بل احتمل العلّامة الاجتزاء بالمضاف، قال: «إن قلنا بمزج الماء والتراب، فهل يجزي لو صار مضافاً؟ إشكال. وعلى تقديره، هل يجوز عوض الماء ماء الورد وشبهه؟ إشكال». وقال السيد الحكيم: «من المحتمل جواز المزج بغير الماء من المائعات؛ لصدق الغسل بالتراب، فتأمّل».


 
۱. السرائر، ج۱، ص۹۱.    
۲. التذكرة، ج۱، ص۸۵.    
۳. القواعد، ج۱، ص۱۹۸.    
۴. التحرير، ج۱، ص۱۶۷.    
۵. نهاية الإحكام، ج۱، ص۲۹۳- ۲۹۴.    
۶. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۲۹، م ۵.    
۷. الذكرى، ج۱، ص۱۲۵.    
۸. السرائر، ج۱، ص۹۱.    
۹. المنتهى، ج۳، ص۳۳۹.    
۱۰. كشف اللثام، ج۱، ص۴۹۵.    
۱۱. منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۱، ص۱۶۴، م ۵.
۱۲. منهاج الصالحين (الخوئي)، ج۱، ص۱۱۹، م ۴۵۶.    
۱۳. الفتاوى الواضحة، ج۱، ص۳۴۵.
۱۴. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۵۳- ۵۴.    
۱۵. غنائم الأيّام، ج۱، ص۴۴۵.
۱۶. التذكرة، ج۱، ص۸۵.    
۱۷. القواعد، ج۱، ص۱۹۸.    
۱۸. التحرير، ج۱، ص۱۶۷.    
۱۹. جامع المقاصد، ج۱، ص۱۹۴.    
۲۰. الذكرى، ج۱، ص۱۲۵.    
۲۱. الدروس، ج۱، ص۱۲۵.    
۲۲. البيان، ج۱، ص۹۳.
۲۳. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۲۹، م ۵.    
۲۴. مستند الشيعة، ج۱، ص۲۹۶- ۲۹۷.    
۲۵. الذكرى، ج۱، ص۱۲۵.    
۲۶. غنائم الأيّام، ج۱، ص۴۴۴.
۲۷. مستمسك العروة الوثقى، ج۲، ص۲۵- ۲۶.    
۲۸. مصابيح الظلام، ج۱، ص۴۶۷.
۲۹. الرياض، ج۱، ص۵۴۹.
۳۰. جواهر الكلام، ج۶، ص۳۶۲.    
۳۱. جواهر الكلام، ج۶، ص۳۶۲- ۳۶۳.    
۳۲. مستمسك العروة الوثقى، ج۲، ص۲۶.    
۳۳. التذكرة، ج۱، ص۸۷.    
۳۴. مستمسك العروة الوثقى، ج۲، ص۲۶.    




الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۴۳۷-۴۴۱.    



جعبه ابزار