التغرير في قصاص الطرف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويثبت
القصاص فيما لا تغرير فيه بالنفس أو الطرف، ولا يتعذّر فيه
استيفاء، ويسقط فيما فيه التغرير أو يتعذّر أن يكون المثل فيه مستوفى.
ويثبت
القصاص فيما لا تغرير فيه بالنفس أو الطرف، ولا يتعذّر فيه
استيفاء المثل كالخارصة والباضعة والسمحاق والموضحة وسيأتي تفسيرها مع ما بعدها، وكذا كل جرح يمكن استيفاء المثل فيه من دون تغرير بأحدهما.
ويسقط فيما فيه التغرير أو يتعذّر أن يكون المثل فيه مستوفى كالهاشمة، والمنقّلة، والمأمومة، والجائفة، وكسر الأعضاء ولا خلاف في شيء من ذلك أجده إلاّ فيما سيأتي إليه الإشارة.
والحجّة بعده العموم فيما ليس فيه تغرير.
والأصل، مع لزوم صيانة النفس أو الطرف المحترمين عن التلف، واعتبار المماثلة في غيره.
ولو قيل فيه بجواز الاقتصار على ما دون الجناية من الشجّة التي لا تغرير فيها وأخذ التفاوت بينها وبين ما استوفاه، فيقتصّ من الهاشمة بالموضحة ويؤخذ للهشم ما بين ديتهما، وعلى هذا القياس كان وجهاً.
ولكن ظاهر الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في
المسالك الاقتصار على
الدية مطلقا، ويشهد لهم النصوص، منها: «الجائفة ما وقعت في الجوف ليس لصاحبها قصاص إلاّ
الحكومة، والمنقّلة تنقل منها العظام وليس فيها قصاص إلاّ الحكومة، وفي المأمومة ثلث الدية ليس فيها قصاص إلاّ الحكومة»
.
ومنها: «في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق دون الموضحة أربع من الإبل، وفي المنقّلة خمس عشرة من الإبل، وفي الجائفة ما وقعت في الجوف ليس فيها قصاص إلاّ الحكومة، والمنقّلة تنقل منها العظام وليس فيها قصاص إلاّ الحكومة، وفي المأمومة تقع ضربة في الرأس إن كان سيفاً، فإنّها تقطع كل شيء وتقطع العظم فتؤمّ المضروب، وربما ثقل سمعه، وربما اعتراه اختلاط، فإن ضرب بعمود أو بعصا شديدة فإنّها تبلغ أشدّ من القطع يكسر منها القِحف، قِحف الرأس»
.
ومنها: «لا قصاص في عظم»
.
لكنّها مع قصور
السند الخبران الأوّلان منها مقطوعان لم يسند إلى
إمام، والأخير منها معارض بالصحيح: عن السنّ والذراع يكسران عمداً ألهما
أرش، أو قود؟ فقال: «قود» قلت: فإن أضعفوا الدية؟ قال: «إن أرضوه بما شاء فهو له»
.
وظاهر
الشيخين العمل به مقيّداً بما إذا كان المكسور شيئاً لا يرجى صلاحه.
وفي
الموثّق كالصحيح: «وأمّا ما كان من الجراحات في الجسد فإنّ فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها»
.
واعلم أنّ عدّ الهاشمة وما بعدها ممّا لا قصاص فيه للتغرير أو غيره هو المشهور بين
الأصحاب.
خلافاً
للنهاية والمقنعة والديلمي، فلم يعدّوا منه ما عدا المأمومة والجائفة، بل صرّحوا بثبوت القصاص في الجراح مطلقا عداهما؛ معلّلين نفي القصاص فيهما بأنّ فيه تغريراً بالنفس.
وهذا التعليل كما ترى لا يختصّ بهما، بل جارٍ في نحو الهاشمة والمنقّلة، ولذا اعترض
الحلّي على الشيخ في النهاية، فقال بعد نقل كلامه فيها: إلاّ أنّه رجع في مسائل خلافه ومبسوطه إلى ما اخترناه، وهو الأصح؛ لأنّ تعليله في نهايته لازم له في الهاشمة والمنقّلة
.
ولنعم ما ذكره، ولذا اعتذر في
المختلف عن الشيخين، فقال: كأنّهما لم يصرّحا بثبوت القصاص في الهاشمة والمنقّلة، بل بتعميم القصاص في الجراح، والهشم والنقل كأنّهما خارجان عن الجراح
.
وعليه فيرتفع الخلاف، لكن عن
ابن حمزة التصريح بثبوت القصاص في الهاشمة والمنقّلة، وهو ضعيف في الغاية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۲۴-۳۲۷.