السكوت والنطق في العقد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يكفي في
الإجازة سكوت البكر و مقتضاها كالأصل والصحيح الأوّل أنّه يعتبر في إجازة الثيّب وإذنها كغير الباكرة مطلقاً النطق به.
(ويكفي في
الإجازة سكوت البكر) عند عرضه عليها، إن كانت هي المعقود عليها، كما يكفي في
الإذن ابتداءً ، على الأشهر الأظهر، بل لم يُنقل فيه خلاف إلاّ عن الحلّي،
وهو محجوج بالنصّ الجلي، كالصحيح : «في
المرأة البكر إذنها صُماتها، الثيّب أمرها إليها».
ونحوه : في الرجل يريد أن يُزوّج أخته، قال : «يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت فلا يزوّجها»
ونحوه الخبر.
وفي النبويّ : «لا تُنكح
الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن، وأنّ سكوتها إذنها».
ولعلّ الحكمة فيه : أنّها تستحيي من الجواب باللفظ في ذلك، فاكتفي منها بالسكوت.
(و) مقتضاها كالأصل والصحيح الأوّل أنّه (يعتبر في) إجازة (الثيّب) وإذنها كغير الباكرة مطلقاً (النطق) به. ولا ريب في ذلك مع حصول الثيبوبة بالوطء مطلقاً، وأمّا مع حصولها بغيره من أسباب زوال البكارة فإشكال، والأصحّ أنّه كالأوّل، لا لإطلاق النصّ في الثيّب؛ لعدم تبادر مثلها منه، بل للشكّ في صدق كلّ من البكارة و
الثيبوبة عليها؛ لكونها غير متبادرة منهما عند
الإطلاق ، فلا يمكن دعوى دخولها في أحدهما، فيتعيّن المصير في مثلها إلى حكم
الأصل ، وهو يقتضي إلحاقها بالثيّب في اعتبار النطق بالإذن. ومنه يظهر حكم الموطوءة دبراً وإنْ لم تصدق عليها الثيّب؛ للشكّ في دخولها في البكر المطلق، فتلحق بالثيّب؛ للأصل.
وبالجملة : حيث كان
الاكتفاء بالسكوت عن التصريح بالإذن مخالفاً للأُصول ولذا أنكره الحلّي رأساً يجب
الاقتصار فيه على القدر المجمع عليه والمتيقّن دخوله في النصّ، والرجوع في غيره إلى
الإذن الصريح، وليس ما ذكر منه. ثم إنّ الاكتفاء بالسكوت حيث يكتفى به مشروط بالتجرّد عن القرينة المعربة عن عدم الرضاء، وأنّ محلّه إنّما هو صورة الشكّ في رضاها وعدمه، لا مطلقاً. هذا ما يقتضيه القواعد المرعية. ولكن المستفاد من بعض المعتبرة الاكتفاء في
الإجازة بالسكوت ولو في غير الباكرة، كالصحيح المتقدّم في الفضولي،
المتضمّن لصحّة عقد العبد بدون إذن مواليه بسكوتهم، وأنّ سكوتهم إقرارهم.
ونحوه خبر آخر قريب منه في عدم
اعتبار النطق بالإجازة فيه : «أنّه أتاه رجل بعبده، فقال : إنّ عبدي تزوّج بغير إذني، فقال
عليّ عليه السلام لسيّده : فرّق بينهما، فقال السيّد لعبده : يا عدوّ الله طلّق، فقال عليه السلام: كيف قلت له؟ فقال : قلت له : طلّق، فقال عليّ عليه السلام للعبد : أمّا الآن فإن شئت فطلّق، وإن شئت فأمسك، فقال السيّد : يا
أمير المؤمنين ، أمرٌ كان بيدي فجعلته بيد غيري!! قال : ذلك لأنّك حيث قلت له : طلّق، أقررت بالنكاح».
وحيث إنّهما لم يُرَ مفتياً بمضمونهما، يشكل التعويل على ظاهرهما في تخصيص الأصل المتيقّن، مع
إمكان حملهما على وجود قرينة دالّة على الرضاء سوى السكوت و
الأمر بالطلاق.
رياض المسائل، ج۱۱، ص۱۰۶- ۱۰۸.