الشك في فعل بعد الدخول في غيره في الصلاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ولو كان)
شك المصلي في شيء من الأفعال (بعد انتقاله) عن موضعه ودخوله في غيره (مضى في صلاته، ركنا كان) المشكوك فيه (أو غيره)
إجماعا إذا لم يكن من الركعتين الأوليين، وكذلك إذا كان منهما على الأشهر الأقوى كما مضى.
للصحاح المستفيضة وغيرها، ففي الصحيح : رجل شك في
الأذان وقد دخل في
الإقامة ، قال : «يمضي»، قلت : رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبّر، قال : «يمضي»، قلت : رجل شك في
التكبير وقد قرأ، قال : «يمضي»، قلت : رجل شك في
القراءة وقد ركع، قال : «يمضي»، قلت : رجل شك في
الركوع وقد سجد، قال : «يمضي»، ثمَّ قال : «إذا خرجت من شيء ثمَّ دخلت في غيره فشكك ليس بشيء».
وفي صريحه كإطلاق البواقي بل عمومها حجة على الشيخ كما مرّ. وعلى الفاضل في
التذكرة حيث وافقه إذا تعلق الشك بالركن دون غيره.
وهو ـ مع عدم وضوح مستنده عدا أمر اعتباري ـ ضعيف.
واعلم : أنّ المتبادر من «غيره» الذي حكم في الصحيح المتقدم ونحوه بالمضيّ بعد الدخول فيه : ما كان من أفعال الصلاة المفردة بالترتيب في كتب
الفقهاء من النية والتكبير والقراءة ونحو ذلك من الأمور المعدودة فيها أيضا، لا ما كان من مقدمات تلك الأفعال كالهويّ للسجود والنهوض للقيام ونحوهما، فيعود للركوع في الأول وللسجود في الثاني، وفاقا للشهيدين وغيرهما؛
لذلك.
مضافا إلى مفهوم الصحيح فيهما : «وإن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض، كل شيء شك فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه».
وخصوص الموثق كالصحيح في الثاني : «رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل أن يستوي جالسا فلم يدر أسجد أم لم يسجد، قال : «يسجد»، قلت : فرجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد، قال : «يسجد».
خلافا لبعض المتأخرين في الأول فكما لو دخل في السجود فلا يعود للركوع؛
للموثق الآخر كالصحيح : رجل أهوى إلى السجود فلا يدري أركع أم لم يركع، قال : «قد ركع».
وهو محمول على حصول
الشك في السجود، وليس فيه ما ينافيه بصريحه ولا بظاهره، لأنّ غايته إفادة وقوع الشك بعد الهوي إلى السجود، وهو أعم من وقوعه قبل الوصول إليه وبعده لو لم ندّع الأخير وظهوره، نعم لو كان بدل «إلى
السجود » : «للسجود» أمكن دعوى الأول وظهوره.
ولو سلّم فهو معارض بما مرّ سيّما الصحيح في الثاني، فإنه بحسب الدلالة أظهر، ومورده وإن اختلف مع مورد الأول إلاّ أنهما من باب واحد، لاشتراكهما في كونهما من مقدمات أفعال الصلاة، فإن عمّمنا الغير لها دخلا وإلاّ خرجا. فالتفصيل بينهما وتخصيص كل منهما بحكمه لا يجتمع مع إطلاق النص والفتوى بل عمومهما بأنه متى شك وقد دخل في غيره فلا يلتفت وإلاّ فإنه يرجع، لظهورهما في أن مناط الرجوع وعدمه إنما هو الدخول في ذلك الغير وعدمه، والغير إمّا الأفعال خاصة أو ما يعمها ومقدّماتها، وعلى أيّ تقدير فلا وجه للتفصيل بين الموردين والعمل في كل منهما بما ورد في الصحيحين وإن اختاره بعض المتأخرين المتقدم.
فلا بدّ من الجمع بينهما بما يدفع تنافيهما، وهو ما ذكرنا من حمل ثانيهما على صورة وقوع الشك في حال السجود. ويحتمل الحمل على وقوعه كثيرا، ولكن الأول أولى إن لم يكن منه ظاهرا كما ذكرنا.
ثمَّ إنّ إطلاق «غيره» يعمّ جميع أفعال الصلاة بل وأجزائها، فلو شك في السجود وهو يتشهد، أو فيه وقد قام فلا يلتفت، وفاقا للأكثر.
خلافا للنهاية فيهما، فيرجع ما لم يركع.
وهو بعيد جدا، بل ادّعى الإجماع على خلافه في
السرائر صريحا،
وحكاه عنه في سائر كتبه
كالجمل والعقود والاقتصاد والمبسوط.
ويردّه مع ذلك الصحيح المتقدم : «إن شك في السجود بعد ما قام فليمض».
وللذكرى، فأوجب الرجوع في الأول؛
لعموم مفهوم هذا الصحيح، ومنطوق الموثق بعده.
وفيه : أنّ المتبادر منهما وقوع الشك في السجود الذي لا تشهّد بعده كما يقتضيه عطف الشك على النهوض في الثاني بالفاء المقتضية للتعقيب بلا مهلة، ويلزمه عدم تخلل التشهد، كذا قيل،
وفيه نظر.
والأولى إسناد ظهور عدم تخلل
التشهد إلى تبادره من النهوض من السجود؛ إذ مع تخلله لا يقال ذلك، بل يقال : من التشهد، فتأمل.
ولو شك في الحمد وهو في السورة لم يلتفت، وفاقا للحلّي
والمفيد فيما حكاه عنه والماتن في ظاهر المعتبر،
وهو خيرة كثير من أفاضل المتأخرين؛
لظهور الغيرية بينهما، بل وبين أجزاء كل منهما، فلو شك في بعضها ودخل في الأخرى قوي عدم الالتفات أيضا.
خلافا لجماعة
لحجة ضعيفة، بل واهية. ولكن الأحوط ما ذكروه، سيّما في الشك في أجزاء القراءة، لكن ربما يتردد فيه لو كانت من الفاتحة وكان شكه فيها بعد الفراغ من السورة، فإنّ الرجوع لتدارك الأجزاء يستلزم
إعادتهما مراعاة للترتيب الواجب إجماعا، وفيها احتمال القران بين السورتين المنهي عنه إذا قرأ غير السورة الاولى بل يحتمل مطلقا، أو قراءة زيادة أكثر من سورة للنهي عنها أيضا مطلقا، فتأمل جدّا.
ثمَّ في شمول الغير لما استحبّ من أفعال الصلاة
كالقنوت والتكبيرات ونحوهما وجهان، أجودهما ذلك؛ للعموم المؤيد بذكر الأذان
والإقامة وتعدادهما من الأفعال المشكوك فيها المنتقل عنها إلى غيرها في الصحيح الأول الذي هو العمدة في هذا الأصل، فتأمل.
وقد ظهر ممّا مرّ حكم الشك في الأفعال والأعداد من الفريضة مطلقا عدا أخيرتي الرباعية.
رياض المسائل، ج۴، ص۱۲۵-۱۲۹.