• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الشك في ولوغ الكلب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



قال الشيخ جعفر الكبير: «ولو شكّ في الولوغيّة أو الكلبيّة جرى فيه حكم الولوغ في وجه قويّ».
[۱] كشف الغطاء، ج۲، ص۷۹۳.
وهو يشتمل على فرعين من الشك والشبهة، وقد حكم فيهما معاً بجريان حكم الولوغ من لزوم التعفير والتعدّد على القول به.




وتفصيل البحث في كلّ منهما:

۱.۱ - الشك في الولوغية


أ- أمّا الفرع الأوّل وهو الشك في الولوغية، أي في تحقّق الولوغ فقد يقال بأنّه تارة يكون الشك بنحو الشبهة المفهومية بأن يشك في صدق الولوغ على هذا المقدار من التماسّ مع الاناء ، وأخرى بنحو الشبهة الموضوعية بأن يعلم بوقوع شي‌ء من الكلب في الاناء ولكن لا يعلم انّه من عرقه مثلًا أو من لعابه أو فضل شرابه.إلّا أنّ الصحيح كون الشك في هذا الفرع بنحو الشبهة الموضوعية ؛ إذ ليس موضوع الحكم عنوان الولوغ ليكون الشك في مفهومه موجباً للشك في حكمه، وإنّما الموضوع عنوان فضل شرب الكلب، أي ما باشره من الاناء بفمه أو لعابه، ومثله لا يشك في مفهومه عادة، وإنّما يشك في تحقّقه خارجاً وعدمه.ومبنى القول بجريان حكم الولوغ في هذا الفرع هو عدم إمكان الرجوع إلى مطلقات الأمر بالغسل؛ لأنّه شبهة مصداقية لمخصّصه، وقد تقرّر في محله عدم صحة الرجوع فيها إلى العام،
[۳] المحاضرات في اصول الفقه، ج۵، ص۱۹۱.
فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل العملي ، وليس هو البراءة ؛ لأنّها تجري عن التكليف لا الحكم بالنجاسة. بل الأصل الجاري هو استصحاب بقاء النجاسة في الاناء ما لم يتحقق تعفيره أوّلًا بالتراب ثمّ غسله بالماء، وهو معنى جريان حكم الولوغ فيه.
إلّا أنّ هذا البيان لو تمّ فهو يقتضي زائداً على إجراء حكم الولوغ- وهو التعفير- إجراء حكم التعدّد بالغسل ثلاث مرات بالماء بعد التعفير أيضاً إذا كان الغسل بالماء القليل والوجه فيه ظاهر؛ لأنّه يحتمل أن يكون القذر غير الولوغ، وقد تقدم أنّ اللازم عندئذٍ غسله بالماء القليل ثلاث مرّات، فمع الغسل مرّتين بعد التعفير فضلًا عن المرّة الواحدة- على القول بكفايتها- لا يقطع بحصول الطهارة، فيجري استصحاب بقاء النجاسة.نعم، لو قلنا بكفاية غسل الاناء عن مطلق القذارة مرّة واحدة لم يجر هذا الاستصحاب.
والصحيح عدم جريان حكم الولوغ في هذا الفرع، بل يجري حكم مطلق القذارة في الاناء من كفاية غسله بالماء من غير تعفير.والوجه فيه جريان استصحاب موضوعي حاكم على استصحاب النجاسة المتقدم الذي هو استصحاب حكمي- على ما هو مقرر في محله من تقدم الأصل الموضوعي على الحكمي- وهو استصحاب عدم الولوغ، أي عدم مباشرته بفمه وعدم كونه فضل فم الكلب؛ لأنّ موضوع الحكم الذي قيّد به مطلقات الأمر بالغسل عنوان الولوغ أو فضل الكلب الوجودي، وبعد تقييد المطلقات بدليل الولوغ يكون موضوع المطلقات مركّباً من جزءين: إصابة قذر للاناء، ولم يكن ولوغ الكلب، أي لم يكن فضل شربه. والأوّل محرز بالوجدان، والثاني بالاستصحاب، فيتنقح موضوع دليل مطهرية الغسل من غير تعفير.
وهذا الاستصحاب عدمي نعتي، أي له حالة سابقة إذا كان عنوان فضل الكلب مضافاً إلى ذات ما في الاناء، وأمّا إذا كان مضافاً إلى القذر في الاناء بما هو قذر فهو من العدم الأزلي، لأنّ القذر الموجود فيه لا يعلم منذ وجوده انّه من فم الكلب أم لا.

۱.۲ - الشك في الكلبية


ب- وأمّا الفرع الثاني، وهو الشك في الكلبية، أي في كون الحيوان الذي ولغ كلباً، فهذا ينبغي تقسيمه إلى ثلاث صور:

۱.۲.۱ - الصورة الاولى


أن يشك في كون الحيوان كلباً أو حيواناً آخر طاهر العين كالسبع مثلًا- سواء بنحو الشبهة المفهومية أو المصداقية- وفي هذه الصورة لا يحرز أصل ملاقاة الاناء مع القذارة، فيكون الجاري أصالة الطهارة أو استصحاب عدم الملاقاة مع الكلب، فلا يجب أصل الغسل.
وهذا لعلّه خارج عن كلام الشيخ كاشف الغطاء.

۱.۲.۲ - الصورة الثانية


أن يكون الدوران بين الكلب والخنزير، وهنا إذا كانت الشبهة مصداقية جرى حكم الولوغ وهو التعفير أوّلًا بالتراب والغسل سبعاً بالماء؛ لجريان استصحاب بقاء النجاسة في الاناء ما لم يتحقق كلا الأمرين. ولا يجري هنا استصحاب عدم الكلبية أو عدم ولوغ الكلب؛ لأنّه معارض باستصحاب عدم الخنزير أو عدم ولوغ الخنزير للعلم إجمالًا بتحقق أحدهما، ولكل منهما أثر زائد في التطهير.
وإذا كانت الشبهة مفهومية؛ فاذا كان يعلم بأنّه إمّا كلب مفهوماً وإمّا خنزير، فأيضاً يجب الجمع بين حكم ولوغ الكلب وولوغ الخنزير معاً. ولا يمكن الرجوع إلى إطلاقات الأمر بالغسل رغم كون الشبهة مفهومية للمخصِّص؛ لأنّه يعلم بخروج المورد عن المطلقات ودخوله تحت أحد المخصصين، فيكون من قبيل دوران العام بين المتباينين الذي لا يصح فيه الرجوع إلى العام، كما حقق في محله.وإن احتمل انّه جنس ثالث غير الكلب والخنزير وغير محكوم بالنجاسة جرى فيه حكم الصورة الاولى؛ إذ لا يحرز أصل ملاقاة الاناء مع النجاسة حينئذٍ.

۱.۲.۳ - الصورة الثالثة


أن يكون الدوران بين الكلب وبين حيوان آخر نجس عرضاً كالجلال بناءً على نجاسته أو حيوان يعلم بنجاسة فمه ولو عرضاً لكونه ملوّثاً بالدم أو الميتة مثلًا، وهذا لا يكون إلّا بنحو الشبهة المصداقية.وفي هذه الصورة يحرز نجاسة الاناء لملاقاته مع القذر على كل حال ولكن يشك في كونه ولوغ الكلب لكي يجري فيه حكمه أو لا فيكفي غسله مرّة أو ثلاث مرّات. والحكم هنا ما تقدم في الفرع الأوّل من جريان الأصل الموضوعي المنقح لموضوع مطلقات الأمر بغسل الاناء من كل قذر مرّة أو ثلاث مرّات، وهو استصحاب عدم ولوغ الكلب في الاناء، فلا يجري هنا حكم الولوغ أيضاً.



 
۱. كشف الغطاء، ج۲، ص۷۹۳.
۲. أجود التقريرات، ج۲، ص۳۲۱.    
۳. المحاضرات في اصول الفقه، ج۵، ص۱۹۱.
۴. فرائد الأصول، ج۳، ص۴۰۵.    
۵. أجود التقريرات، ج۲، ص۲۶۲.    
۶. دراسات في علم الأصول، ج۴، ص۲۵۳.    




الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۴۵۹-۴۶۱.    



جعبه ابزار