الصلاة في الثياب السود
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويكره) الصلاة (في الثياب السود عدا
العمامة والخفّ) والكساء،
لإطلاق المستفيضة بكراهة لبسها عدا المستثنيات الثلاثة،
مع تصريح جملة من النصوص بكراهة الصلاة في خصوص القلنسوة، معلّلة بأنها لباس أهل النار،
والتعليل عام لا يخصّ المورد، كما يستفاد من النصوص، ففي الخبر : «كنت عند
أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة، فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه، فدعا بممطر-الممطر والممطرة بكسرهما ثوب صوف يتوقى به من المطر.
أحد وجهيه أسود والآخر أبيض فلبسه، ثمَّ قال : «أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار».
مضافا إلى عموم المرسل : «لا تصلّ في ثوب أسود، فأما الخفّ والكساء والعمامة فلا بأس».
فلا
إشكال في كل من حكمي المستثنى والمستثنى منه، إلّا في
استثناء الكساء، لعدم وقوعه في العبارة ونحوها من عبائر كثير من الجماعة كالحلي في السرائر والماتن في (الشرائع)
والفاضل في الإرشاد والقواعد
وكذا المفيد والديلمي وابن حمزة فيما حكي عنهم،
بل قيل
: إنهم لم يستثنوا غير العمامة.وبالجملة أكثر الأصحاب على عدم استثناء الكساء، بل قيل
: كلهم لم يستثنوه إلّا ابن سعيد في الجامع.
وفيه نظر، فقد استثناه جماعة ممن تأخّر
تبعا للمستفيضة، ولا يخلو عن قوّة وإن كان عدم الاستثناء أيضا لا بأس به، مسامحة في أدلّة الكراهة بناء على حصول الشبهة، لعدم استثناء الأكثر
واقتصارهم على ما في العبارة، ومنهم الفاضل في المنتهى مدعيا عليه
إجماع الإمامية ،
مع عموم بعض النصوص
ككلام الصدوق
بكراهة مطلق السود، خرج المجمع على استثنائه ويبقى الباقي.
وظاهر العبارة ـ كغيرها من عبائر الجماعة ـ اختصاص الكراهة بالسود وعدم كراهة غيرها، مع أن في الموثق : «يكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المقدم»
ثوب مفدم ـ ساكنة الفاء ـ : إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا..
وفي الخبر : «يكره الصلاة في المشبع بالعصفر-العصفر : نبت معروف يصبغ به. - والمضرّجثوب مضرّج : مصبوغ بالحمرة أو الصفرة.
بالزعفران».
وبهما أفتى الفاضلان في
المعتبر والتحرير والمنتهى،
وغيرهما.
بل عن الشيخ وجماعة ـ ومنهم الحلي والإسكافي ـ كراهية الصلاة في الثياب المفدمة بلون من الألوان،
ولعل مستندهم الموثق المتقدم، بناء على تفسير المفدم بالخاثر المشبع بقول مطلق من دون تقييد بالحمرة. وأما على التفسير الآخر المقيد بها فلا يعم كل لون، بل يخصّ المشبع بالحمرة خاصة، ولذا اقتصر الفاضلان على كراهيته للموثقة، وكراهة المضرج
بالزعفران والمعصفر أيضا لما بعدها. والتعميم أولى
بالمسامحة في نحو محل البحث، كما مر.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۴۴-۳۴۷.