الصيد في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
صيد البرّ أي مصيدة، اصطياداً أي حيازةً و إمساكاً وأكلاً ولو صاده محلّ بلا أمر منه ولا دلالة ولا إعانة وإشارةً لصائده إليه ودلالةً له عليه بلفظ وكتابة وغيرهما وإغلاقاً لباب عليه حتى يموت وذبحاً، ولو ذبحه المحرم كان ميتة.
(صيد
البرّ ) أي مصيدة،
اصطياداً أي حيازةً و (
إمساكاً و
أكلاً ولو صاده محلّ) بلا أمر منه ولا دلالة ولا
إعانة (وإشارةً) لصائده إليه (ودلالةً) له عليه بلفظ وكتابة وغيرهما (و
إغلاقاً ) لباب عليه حتى يموت (وذبحاً) كلّ ذلك بالكتاب
وإجماعنا الظاهر، المصرَّح به في جملة من العبائر،
بل عن المنتهى إجماع
أهل العلم،
وفي غيره إجماع المسلمين في الأوّل، وإجماعنا في البواقي.
خلافاً للثوري وإسحاق في
الأكل مطلقاً.
ولأبي حنيفة إذا ذبحه وصاده المحلّ.
والسنّة من طرقنا مضافاً إلى عموم الكتاب بردّ هؤلاء، و
إثباتتحريم الصيد مطلقاً مستفيضة، بل متواترة. ففي الصحيح : «لا تستحلّنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام، ولا تدلّنّ عليه محلا ولا محرماً فيصطاده، ولا تشر إليه فيستحلّ من أجلك، فإن فيه فداءً لمن تعمّده».
وفيه : «واجتنب في إحرامك صيد
البرّ كلّه، ولا تأكل ممّا صاده غيرك، ولا تشر إليه فيصيده».
وفيه : «ولا تأكل من الصيد وأنت حرام وإن كان أصابه محلّ».
إلى غير ذلك من الصحاح وغيرها.
وهل يحرم
الإشارة والدلالة لمن يرى الصيد بحيث لا يفيده ذلك شيئاً؟ الوجه العدم، وفاقاً لجمع؛
للأصل، و
اختصاص النص بحكم التبادر وغيره بما تسبّب للصيد، والدلالة عرفاً بما لا يعلمه المدلول بنفسه. وإن ضحك، أو تطلّع عليه ففطن غيره فصاده، فإن تعمّد ذلك للدلالة عليه أثم، وإلاّ فلا.
وكما يحرم الصيد يحرم فرخه وبيضه بلا خلاف يعرف، كما في
الذخيرة ، قال : ونقل المصنف في التذكرة
الإجماع عليه، ويدلُّ عليه الروايات المتضمنة لثبوت
الكفارة فيه.
وسيأتي ذكرها، وتحقيق معنى الصيد، والخلاف الواقع فيه، في بحث الكفّارات إن شاء الله تعالى.
(ولو ذبحه) المحرم (كان ميتة) كما في
الشرائع والإرشاد والقواعد وغيرها،
وعن الخلاف و
السرائر والمهذّب والجامع،
وفيه : أنه كذبيحة المجوسي. للحسن أو الموثق : «إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محرم ولا مُحلّ».
وعن
التذكرة والمنتهى
الإجماع عليه.
وعن النهاية والمبسوط و
التهذيب والوسيلة والجواهر
أنه كالميتة، وفي الأخير الإجماع عليه؛ للخبر.
ومرجعه هنا إلى شيء واحد، وهو كونه (حراماً على المحلّ والمحرم) وإن اختلفا في نحو النذر. ولا ريب في شهرة هذا الحكم كما اعترف به جماعة من المتأخرين،
بل ظاهر جماعة ممن دأبهم نقل الخلاف حيث كان عدم الخلاف فيه؛ لعدم نقلهم له هنا،
وقد مرّ نقل الإجماع عليه صريحاً.
وبجميع ذلك يجبر قصور الخبرين سنداً، مع
اعتباره في أحدهما، وتأيدهما بالأخبار الآمرة بدفنه : منها المرسل كالصحيح : قلت له : المحرم يصيد فيفديه، أيطعمه أو يطرحه؟ قال : «إذاً يكون عليه
فداء آخر» قلت : فما يصنع به؟ قال : «يدفنه»
وقريب منه الخبر.
وأخبارِ تعارض الميتة والصيد للمحرم المضطرّ ، سيّما ما رجّح منها الميتة على الصيد وإن كان العكس لعلّه أظهر، فتدبّر وتأمّل.
خلافاً للمحكي عن الصدوق في
المقنع والفقيه والإسكافي والمفيد والمرتضى،
فلا يحرم مذبوح المحرم في غير الحرم على المحلّ؛ للأصل، والصحاح المستفيضة:
أظهرها دلالةً قول
الصادق علیه السلام في أحدها : «إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، ويتصدّق بالصيد على مسكين».
وقوله عليه السلام في آخر : «إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فإنه ينبغي له أن يدفنه ولا يأكله أحد، وإذا أصابه في الحلّ فإنّ الحلال يأكله وعليه هو الفداء».
و
الإصابة في ذيله وإن احتمل ما عدا القتل كما في باقي الصحاح، إلاّ أن المراد بها في صدره خصوصه بقرينة الدفن، فيتعدّى إلى الذيل بشهادة السياق.
والمسألة محل إشكال وإن كان الأوّل أرجح؛ للشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة المرجحة لأخباره وإن ضعفت، على أخبار الثاني وإن صحّت، مع قصور أكرهها دلالةً، لما عرفته، والباقي سنداً عند الأكثر، لكونه من الحسن عندهم بإبراهيم، بل ودلالةً، لاحتمال الباء في «بالصيد» في الخبر الأوّل للسببية، والصيد المصدرية، وضعف القرينة في الثاني بعد
اختلاف النسخة كما قيل
في «يدفنه» فإن بدلها «يفديه» في أُخرى. وحملهما الشيخان على ما إذا قتله برميه إياه، ولم يكن ذبحه، جمعاً.
ولا بأس به.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۶۰- ۲۶۴.