القصاص في العين
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويقلع عين الأعور أي ذي العين الواحدة خلقةً، أو بآفة، أو
قصاص، أو جناية بعين ذي العينين المماثلة لها محلا وإن عمي بذلك الأعور وبقي بلا بصر؛ وكذا يقتصّ له أي للأعور منه أي من ذي العينين بعين واحدة؛ وحيث اقتصّ له بالعين الواحدة ففي ردّ الجاني عليه نصف
الدية دية النفس قولان، والمروي في
الصحيح وغيره: الردّ. ولو جنى على العين بما أذهب النظر والبصر منها خاصّة مع سلامة الحدقة اقتصّ منه أي من الجاني بما يمكن معه المماثلة بإذهاب البصر وإبقاء الحدقة.
ويقلع عين الأعور أي ذي العين الواحدة خلقةً، أو بآفة، أو
قصاص، أو جناية بعين ذي العينين المماثلة لها محلا وإن عمي بذلك الأعور وبقي بلا بصر، بلا خلاف يظهر، وبه صرّح جمع ممن تأخّر
، بل عليه
الإجماع عن
الخلاف، وهو
الحجة.
مضافاً إلى عموم الأدلة «وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ»
وخصوص المعتبرة، ففي الصحيح والقريب منه
بفضالة عن أبان اللذين قد أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنهما العصابة: أعور فقأ عين صحيح، فقال: «تفقأ عينه» قال: قلت: يبقى أعمى، فقال: «الحقّ أعماه»
.
ومقتضى
الأصل وإطلاقها كالفتاوي وصريح جماعة من أصحابنا
عدم ردّ شيء على الجاني، مع أنّ دية عينه ضعف دية عين المجني عليه في ظاهر الأصحاب، كما يأتي.
وكذا يقتصّ له أي للأعور منه أي من ذي العينين بعين واحدة بلا خلاف أجده إلاّ من
الإسكافي، فجوّز الاقتصاص له منه بعينيه أيضاً مع ردّ نصف
الدية.
وهو مع شذوذه، وعدم وضوح مستنده، ومخالفته لظاهر
النص الآتي مضعّف بأنّ العينين إن تساويا عينه فلا ردّ، وإلاّ فلا قلع.
وما يقال: من أنّ عدم المساواة لا يمنع الاقتصاص، فإنّ الأُنثى يقتصّ لها من الذكر مع الردّ في موضعه مع أنّها غير مساوية له.
مضعّف بأنّ الاقتصاص بين الذكر والأُنثى إنّما هو في شيء واحد بواحد مثل النفس بالنفس، لا اثنين بواحد كما هنا، وأنّ نفس الأُنثى نصف الذكر، فهو ضعفها، بخلاف عين الأعور، فإنّها إمّا واحدة مثل أُخرى أو مثلهما، وهو ظاهر، ولذا لا يقتصّ لعين الرجل الواحدة عيني المرأة مع التساوي، ويقتصّ لعيني المرأة عيني الرجل مع الردّ.
وبالجملة: لا ريب في ضعف هذا القول، كالمحكي عن كثير من
الأصحاب من إطلاقهم تخيّر الأعور بين الاقتصاص بالعين الواحدة وأخذ الدية كاملة، مع أنّ موجب العمد ليس إلاّ الأوّل، وإنّما يثبت الثاني صلحاً، كما مرّت إليه الإشارة، وبهذا هنا صرّح جماعة
.
وحيث اقتصّ له بالعين الواحدة ففي ردّ الجاني عليه نصف الدية
دية النفس قولان، والمروي في الصحيح وغيره: الردّ.
ففي الأوّل: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في رجل أعور أُصيبت عينه الصحيحة ففقئت: أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ ديةً كاملةً ويعفى عن عين صاحبه»
.
وفي الثاني: عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال: «عليه الدية كاملة، فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتصّ من صاحبه ويأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل؛ لأنّ له الدية كاملة، وقد أخذ نصفها بالقصاص»
.
وهو خيرة
الشيخ في
النهاية وأتباعه
والفاضل في
المختلف والشهيدين في
النكت والمسالك والروضة، وغيرهم
.
ولا يخلو عن قوة؛ لصحة
سند الرواية، واعتضادها بغيرها من الرواية الأُخرى، وما اتفقوا عليه من أنّ دية عين الأعور خلقةً أو بآفة دية النفس كاملةً، كما هو ظاهر الروايتين، وبه صرّح في الثانية وغيرها من المعتبرة الآتية هي مع نقل الإجماعات المحكية على ذلك حدّ الاستفاضة في كتاب الديات إن شاء الله تعالى.
خلافاً لجماعة ومنهم
المفيد والشيخ في
المبسوط والحلّي والفاضلان في الشرائع والتحرير
، فلم يوجبوا الردّ؛ لقوله تعالى «وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ»
فلو وجب معها شيء آخر لم يتحقّق ذلك، خصوصاً على القول بأنّ الزيادة على النص نسخ،
وأصالة البراءة من الزائد.
ويضعّف الأصل بلزوم العدول عنه بما مرّ، وبه يضعّف أيضاً ما قبله على تقدير تسليم عمومه، وإلاّ فلا عموم له؛ لأنّ العين مفرد محلّى باللاّم، وغايته الإطلاق الغير المعلوم الانصراف إلى نحو المقام؛ لندرته، مع أنَّ موجب إكمال الدية إنّما هو من حيث البصر أي المنفعة، لا من حيث العين والجارحة، ولذا مع التراضي على الدية تجب الدية كاملةً اتفاقاً، فتوًى وروايةً.
وأمّا ما يقال في الجواب: من أنّ
الآية حكاية عن
التوراة فلا يلزمنا، فمدفوع بإقرارها في شرعنا اتفاقاً، فتوًى ونصّاً، مع أنّ الأصل بقاء ما كان، فتأمّل جدّاً.
ثم إنّ
إطلاق العبارة ونحوها يقتضي عدم الفرق في الحكم على الجاني بردّ نصف الدية على الأعور إن قلنا به بين كون عورة خلقةً أو بآفة أو غيرهما، وخصّه جماعة بالأوّلين، وتحقيق الكلام فيه يأتي إن شاء الله تعالى.
ولو جنى على العين بما أذهب النظر والبصر منها خاصّة مع سلامة الحدقة اقتصّ منه أي من الجاني بما يمكن معه المماثلة بإذهاب البصر وإبقاء الحدقة.
قيل
: بذرّ
كافور ونحوه، أو بأن يوضع على أجفانه القطن المبلول حذراً من الجناية عليها ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة بالنار مقابلة للشمس حتى يذهب النظر كما فعله مولانا
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) على ما دلّ عليه بعض النصوص
.
وهو مع ضعف سنده ليس فيه ما يومئ إلى تعيّنه بعد احتمال كونه أحد أفراد
الواجب التخييري، فما يظهر من العبارة هنا وفي التحرير
والقواعد من تعيّنه لا وجه له، ولذا نسبه
الماتن في الشرائع والشهيد في
اللمعة إلى القيل المشعر بالتمريض، وهو حسن.
لكن في الروضة
أنّ القول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب.
ووجهه غير واضح، ولا ريب أنّ الاستيفاء على هذا الوجه
أحوط، وإن كان تعيّنه محل بحث.
ثم إنّ ظاهر العبارة وغيرها مواجهة الجاني للمرآة المواجهة للشمس لا لها نفسها، والظاهر من
الرواية غيره وأن النظر في المرآة بعد استقبال العين بالشمس، فإنّ متنها هكذا:
«دعا
علي (علیهالسّلام) بمرآة محماة ثم دعا بكرسف فبلّه، ثم جعله على أشفار عينيه على حواليها، ثم استقبل بعينه عين الشمس» قال: «وجاء بالمرآة، فقال: انظر، فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة وذهب البصر»
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۳۰-۳۳۴. رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۳۸-۳۳۹.