المصاهرة بنكاح الامرأة في العدة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
من تزوّج
امرأة في عدّتها جاهلاً فالعقد فاسد ولو دخل حرمت عليه مؤبّداً، ولحق به الولد، ولها
المهر بوطء الشبهة، و يجب عليها أن تُتِمّ العدّة للأول، وتستأنف عدّة أُخرى للثاني؛ ولو كان عالماً حرمت بالعقد.
من تزوّج امرأة دائماً أو منقطعاً في عدّتها
بائنة كانت أو
رجعيّة، أو
عدّة وفاة، أو
عدّة شبهة، فيما قطع به الأصحاب؛ لإطلاق الأدلّة جاهلاً بالعدّة، أو
التحريم، أو بهما معاً؛ للصحيح الآتي وغيره
. فالعقد فاسد بالضرورة، وصرّحت به بعض الأخبار الآتية.
و لكن لا تحرم عليه إلاّ فيما لو دخل بها قبلاً كان أو دبراً، في
العدّة أم خارجها؛ لإطلاق الأخبار كالنصوص، وربما اشترط في الدخول وقوعه في العدّة، وهو ضعيف في الجملة، فإنّها حينئذٍ حرمت عليه مؤبّداً إجماعاً فيهما.
للمعتبرة، منها
الصحيح: « إذا تزوّج الرجل
المرأة في عدّتها ودخل بها، لم تحلّ له أبداً، عالماً كان أو جاهلاً، وإن لم يدخل بها حلّت للجاهل ولم تحلّ للآخر »
.
والصحيح: عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة، أهي ممّا لا تحلّ له أبداً؟ فقال: « لا، أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها، وقد يُعذَر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك » فقلت: بأيّ الجهالتين أعذر: بجهالته أنّ ذلك محرّم عليه؟ أم بجهالته أنّها في عدّة؟ فقال: « إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى، الجهالة بأنّ الله تعالى حرّم ذلك عليه، وذلك أنّه لا يقدر على الاحتياط معها » فقلت: فهو في الأُخرى معذور؟ قال: « نعم، إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها » فقلت: فإن كان أحدهما متعمّداً والآخر بجهالة؟ فقال: « الذي تعمّد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبداً »
.
وإطلاقه الحلّ مع الجهالة مقيّدٌ بعدم الدخول، كما استفيد من سابقه.
ولحق به الولد مع الإمكان بلا إشكال؛ لأنّه
وطء شبهة يلحق به
النسب، مع إمكان كونه منه بأن تأتي به لأقلّ
الحمل فما زاد إلى أقصاه من حين
الوطء.
وبه صرّح في
الخبر: في المرأة تتزوّج في عدّتها، قال: « يفرّق بينهما، وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً، فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر فهو للأخير، وإن جاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأول »
.
ولها المهر إن جهلت بوطء الشبهة الموجب له. وللخبرين
، أحدهما
الموثّق: عن رجل تزوّج امرأة في عدّتها، قال: « يفرّق بينهما، فإن كان دخل بها فلها
المهر بما استحلّ من فرجها، ويفرّق بينهما، ولا تحلّ له أبداً، وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها من مهرها ». وهو كفتوى الأصحاب صريحٌ في اشتراط الدخول في استحقاق المهر، وفي رواية: عدم الاشتراط واستحقاقها النصف
، وهو شاذّ لا يُعبَأ به.
وهل المراد به المسمّى، أم المثل؟ قولان، أقواهما: الثاني؛ لتوقّف الأول على صحّة
العقد المنفيّة هنا، فتعيّن
المثل؛ لأنّه
عوض البضع. وربما كان في الموثّق المتقدّم إشعارٌ بالأول، فتأمّل.
و يجب عليها أن تُتِمّ العدّة للأول، وتستأنف عدّة أُخرى للثاني في قول مشهور، بل عليه
الوفاق كما عن بعض الأصحاب
.
لتعدّد السبب، المقتضي لتعدّد المسبّب.
وللمعتبرة المستفيضة، منها الموثّق: المرأة الحبلى يتوفّى عنها زوجها، فتضع وتتزوّج قبل أن تعتدّ أربعة أشهر وعشراً، فقال: « إن كان الذي يتزوّجها دخل بها فُرّق بينهما، ولم تحلّ له أبداً، واعتدّت بما بقي عليها من عدّة الأول، واستقبلت عدّة اخرى من الآخر ثلاثة قروء، وإن لم يكن دخل بها، فرّق بينهما، وأتمّت ما بقي من عدّتها، وهو خاطب من الخطّاب »
.
ونحوه الموثّق الآخر
، و
الحسن، وما يقرب من الصحيح المرويّ في كتاب
عليّ بن جعفر.
وقيل: وهو
الإسكافي كما حكي
تجزئ عدّة واحدة منهما.
للمعتبرة، منها الصحيح: في امرأة تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها، قال: « يفرّق بينهما، وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً »
.
وحملها على عدم الدخول بها بعيدٌ عن سياقها، كحملها على صورة الدخول و
العلم؛ بناءً على أنّه لا عدّة للزناء. ويمكن الحمل على الوحدة في المقدار، لا الاكتفاء بالواحدة.
ولو لا
الشهرة المرجّحة لحُمِلَت الأخبار المتقدّمة على
التقيّة؛ للخبرين:
في أحدهما: قال
زرارة: وذلك أنّ الناس قالوا: تعتدّ عدّتين، من كلّ واحد عدّة، فأبى ذلك
أبو جعفر (علیهالسّلام) وقال: « تعتدّ ثلاثة قروء وتحلّ للرجال »
.
وفي الثاني: في امرأة نعي إليها زوجها، فتزوّجت، ثم قدم الزوج الأول فطلّقها، وطلّقها الآخر، قال: فقال:
إبراهيم النخعي: عليها أن تعتدّ عدّتين، فحملها زرارة إلى أبي جعفر (علیهالسّلام)، فقال: « عليها عدّة واحدة »
.
ولكنّهما ضعيفان؛ لوجود موسى بن بكر في الأول، والإرسال مع القطع في الثاني.
ولا ريب أنّ الأول
أحوط، بل ربما حُمِلَ الأخبار الأخيرة على التقيّة.
ولو كان في تزويجها عالماً بالأمرين معاً حرمت عليه بمجرّد العقد ولو خلا عن الدخول إجماعاً ونصوصاً، منها: الصحيحان المتقدّمان وغيرهما
.
ولا يلحق به الولد؛ إذ لا حرمة لمائه. وليس لها مهر مع علمها مطلقاً، وإلاّ فلها المثل مع الدخول؛ لما مرّ. وفي إلحاق مدّة
الاستبراء بالعدّة، فتحرم بوطئها فيها، وجهان، أجودهما: العدم؛ للأصل، وعدم تبادرها من العدّة المطلقة في الأخبار. وكذا الوجهان في العقد عليها مع الوفاة المجهولة ظاهراً للمرأة خاصّة قبل العدّة، مع وقوعه بعد الوفاة في نفس الأمر، أو الدخول مع
الجهل.
قيل: والأقوى عدم التحريم؛ لانتفاء المقتضي له وهو كونها معتدّة، أو مزوّجة سواء كانت المدّة المتخلّلة بين
الوفاة والعدّة بقدرها، أم أزيد، أم أنقص، وسواء وقع العقد أو الدخول في المدّة الزائدة عنها، أم لا؛ لأنّ العدّة إنّما تكون بعد العلم بالوفاة أو ما في معناه، وإن طال الزمان
.
وفيه مناقشة؛ لأنّه لو تزوّجها بعد هذا الزمان في زمان العدّة لاقتضى التحريم البتّة، ففيه أولى؛ لأنّه أقرب إلى زمان الزوجيّة.
والمناقشة في هذه الأولويّة كما في سابقتها ممنوعة، فالتحريم لا يخلو عن قوّة، مع أنّه أحوط البتّة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۲۲۹-۲۳۳.