الوصية للأقرباء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وإذا أوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه وقيل لمن يتقرّب إليه بآخِرِ
أبٍ في
الإسلام ولو أوصى لأهل بيته دخل الآباء والأولاد ولعشيرة والجيران والسبيل و
البرّ والفقراء كما مرّ في الوقف.
(وإذا أوصى لقرابته) وأطلق (فهم المعروفون بنسبه) مطلقاً، على الأشهر الأقوى، بل عليه كافّة متأخّري أصحابنا تبعاً للمبسوط والخلاف والحلّي والقاضي،
وعليه في
نهج الحق إجماعنا؛
عملاً بالعرف، فإنّه المحكّم فيما لم يرد به تقدير من الشرع.
وربما يومئ إليه الصحيح : ما حدّ القرابة، يعطى من كان بينه وبينه قرابة، أو لها حدّ تنتهي إليه؟ رأيك فدتك نفسي، فكتب عليه السلام : «إن لم يسمّ اعطي قرابته».
(وقيل) كما في
الغنية وعن المفيد والنهاية
: إنه (لمن يتقرّب إليه بآخِرِ أبٍ) وأُم له (في الإسلام ) بمعنى
الارتقاء بالقرابة من الأدنى إلى ما قبله وهكذا إلى أبعد جدٍّ وجدّةٍ له في
الإسلام وفروعهما، ويحكم للجميع بالقرابة، ولا يرتقى بآباء الشرك وإن عرفوا بقرابته.
وحجته غير واضحة، وإن استدل له جماعة
برواية
ضعيفة هي مع ذلك بحسب الدلالة قاصرة من وجوه عديدة، ولذا رجع عنه الطوسي في الكتابين، مدّعياً في ثانيهما كالماتن في
الشرائع أنه غير مستند إلى حجة، وكفاه هذا جواباً عما ذكره في النهاية.
وهنا أقوال أُخر ما بين مخصّصٍ للقرابة بالوارث دون غيره، ومخصّصٍ لهم بالمحرم من ذوي
الأرحام دون غيره كبني الأخوال والأعمام، وحاصِرٍ لهم بالمتقربين إليه إلى
الأب الرابع. والقائل بها غير معروف عدا الأخير، فقد نسبه الأصحاب إلى الإسكافي،
ونسب كلاًّ من الأوّلين في
المبسوط إلى قوم،
ولعلّهم من العامّة، كما يشعر به آخر عبارته، وصرّح به الفاضل في نهج الحق،
فقد نسب الأوّل إلى مالك، والثاني إلى أبي حنيفة.
وهي مع ذلك غير مستندة كسابقها إلى حجّة عدا الأخير، فقد استند فيه إلى التأسّي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في تفرقة سهم ذوي القربى من الخمس. ويضعّف بأن فعله عليه السلام ذلك بالخمس لا يدل على نفي القرابة مطلقا عمّا عداه، فإن ذلك معنى آخر للقربى، فلا يلزم ذلك في حق غيره حيث يطلق. ثم على أيّ معنى حمل يعمّ الذكر والأُنثى، والفقير والغني، والقريب والبعيد. ولا فرق بين قوله : أوصيت لأقاربي وقرابتي، ولذي قرابتي وذي رحمي؛
لاشتراك الجميع في المعنى.
قيل : وينصرف
الوصية إلى الوجود منهم مطلقا، اتّحد أو تعدّد، ذكروا في الوصية بصيغة الجمع أو المفرد.
وهو حسن إذا أُريد به الموجود في الخارج في مقابلة المعدوم من أصله، بمعنى أنه لا ينتظر في دفع الوصية إلى الأقارب وجود من يحتمله، بل يدفع إلى الموجود منهم حال الوصية دون المعدوم حالتها. والوجه فيه ظاهر بعد ما عرفت من
اشتراط الوجود في الموصى له.
(ولو أوصى لأهل بيته دخل) فيهم (الآباء) وإن علوا (والأولاد) وإن سفلوا، بلا خلاف، حتى إن العلاّمة ; في التذكرة فسّرهم بالقرابة فيدخل فيهم الأعمام والأخوال وفروعهما، وحكاه عن تغلب.
وهو الظاهر من
الاستعمال في العرف، كما في المسالك،
ويعضده استلزام
الاقتصار في التفسير بما في المتن خروج
علي عليه السلا م عن
أهل البيت :، وهو خلاف الإجماع فتوى ورواية. وهو قويّ حيث لا يمكن الرجوع إلى عرف بلد الموصي، ومع
الإمكان كان متّبعاً ولو كان أخصّ مما في المتن، أو كان بالعكس بأن اختصّ بما الحق به في القول الآخر، وإن بَعُد.
(و) أمّا (القول في) الوصية لـ (لعشيرة والجيران والسبيل و
البرّ والفقراء) فـ (كما مرّ في
الوقف ) عليهم، فليطلب تحقيقه من هناك.
(ويستحب الوصية لذوي القرابة) مطلقا (وارثاً كان أو غيره) بلا خلاف في الثاني بين العلماء، وكذا في الأوّل بيننا، كما في المسالك،
وقد مضى الكلام فيه مستقصى.
ويستفاد من بعض المعتبرة تأكّده في الثاني ففيه : «من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرثه فقد ختم عمله بمعصية».
وفي الرضوي : «ويستحب أن يوصي الرجل لقرابته ممن لا يرث شيئاً من ماله قلّ أو كثر، وإن لم يفعل فقد ختم عمله بمعصية».
رياض المسائل، ج۱۰، ص۳۰۴- ۳۱۲.