الوصية لمملوك غير الموصي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا تصحّ
الوصية لمملوك غير الموصي مطلقاً ولو كان مُدَبَّراً أو
أُمّ ولد .
(ولا) تصح أيضاً (لمملوك غير الموصي مطلقاً ولو كان مُدَبَّراً أو أُمّ ولد) أو مكاتَباً مشروطاً أو مطلقاً لم يؤدِّ شيئاً، إجماعاً في الجميع، كما في ظاهر
المهذب وصريح التذكرة والتنقيح،
لكنه خصّه بالقنّ و
أُمّ الولد وحكى الخلاف في المُدبَّر والمكاتَب عن المفيد والديلمي، حيث جوّزا
الوصية لهما، خلافاً للمبسوط وابن حمزة والحلّي، فقالوا بالمنع، وجعله في الأوّل أشبه، كما هو المشهور بين المتأخّرين، وقوّى الجواز في الثاني وفاقاً للشهيدين.
ولم أقف على من نقل الخلاف عنهما في شيء من كتب أصحابنا. نعم، في
المختلف والمهذب
حكى الخلاف عن
المبسوط وابن حمزة في الوصية لعبد الوارث، حيث جوّزاه. وهذا الخلاف كسابقه لو صحّ النقل شاذّ، بل على فساد الأوّل ادّعي الإجماع في التذكرة،
إلاّ ما اختاره الشهيدان من الجواز في المكاتَب، فقد مال إليه غيرهما.
والأصحّ المنع مطلقاً؛ للإجماع الذي مضى، مضافاً إلى المختار من عدم مالكية العبد مطلقاً، كما قدّمنا، وبهذا استدل في التذكرة بعد أن نسب هذا القول إلى أصحابنا مشعراً بكونه لهم في ذلك مستنداً، فيستشعر منه
الإجماع على عدم المالكية مطلقاً، كما في بحثه قد قدّمنا.
ولنا على المختار هنا الصحيح أيضاً : «في مكاتب كانت تحته
امرأة حرّة فأوصت له عند موتها بوصيّة، فقال
أهل الميراث : لا نجيز وصيتها إنه مكاتَب لم يعتق ولا يرث، فقضى أنه يرث بحساب ما أُعتق منه، ويجوز له من الوصية بحساب ما أُعتق منه، وقضى في مكاتَب أوصي له بوصية وقد قضى نصف ما عليه فأجاز نصف الوصية، وقضى في مكاتَب قضى ربع ما عليه فاوصي له بوصية فأجاز ربع الوصية»
الحديث.
ووجوه الدلالة فيه واضحة، ومنها تقريره عليه السلام لما فهمته الورثة من دون إشكال فيما فهموه عندهم ولا ريبة : من عدم صحة الوصية لمملوك لم يُعتق. والسند في أعلى درجة من الصحة؛ لعدم
اشتراك محمد بن قيس الراوي للقضايا، مع كون الراوي عنه
عاصم بن حميد ، وهما قرينتان واضحتان على كونه البجلي الثقة، كما يظهر من كتب الرجال، وصرّح به جماعة،
و
إبراهيم بن هاشم ثقة على الأقوى، وفاقاً لجماعة من أصحابنا.
فما ذكره
الشهيد الثاني تبعاً للمحقق الثاني
كما حكي من ضعف الرواية بالاشتراك ضعيف غايته، فيضعف مختارهما ومستندهما من انقطاع سلطنة المولى عنه، ومن ثمّ جاز اكتسابه، وقبول الوصية نوع منها؛ فإنه
اجتهاد في مقابلة النص الصحيح في نفسه، المعتضد بالشهرة المحقّقة والمحكيّة في المختلف وغيره،
وبالإجماع المحكي في التذكرة،
مع تأيّد ما له بإطلاق الرواية : «لا وصية لمملوك»
وقصور السند كالدلالة مجبور بعمل الطائفة وفهمها منها ما يمكن معه أخذها حجة وإن كانت بحسب الظاهر مجملة.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۲۸۶- ۲۸۸.