الوقف على الجيران
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويرجع في
الجيران ) إذا وقف عليهم (إلى العرف) لأنه المحكّم فيما لم يرد به من الشرع بيان، ولكن لم أقف له على قائل به عدا الماتن هنا والفاضل في جملة من كتبه.
ولا ريب فيه مع معلوميته وشهادة الحال بانصراف
الوقف إليه، ولعلّه لا نزاع فيه أيضاً، بل هو مختص بصورة فقد الشاهد عليه.
(و) الأقوى فيه ما (قيل) من أنه هو (من يلي داره) أي دار الواقف (إلى أربعين ذراعاً) بالذراع الشرعي من كل جانبٍ، كما عن الشيخين والقاضي والحلبي والديلمي والكيدري وابني حمزة وزهرة والحلّي،
وبالإجماع عليه صرّح في
الغنية ، واحتمل كونه الحجة للأخير في المسالك؛
وهو الحجة الموافقة لمقتضى العرف والعادة في الجملة.
(وقيل :) هو مَنْ يلي داره (إلى أربعين داراً، وهو) مع جهالة قائله كما اعترف به جماعة
شاذّ (مطرح) كما هنا وفي
المهذب ،
وذكر جماعة
أن مستنده رواية عاميّة،
مع أنه ورد به من طرقنا روايات معتبرة :
منها الصحيح : «حدّ الجوار أربعون داراً من كلّ جانب : من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله»
ونحوه خبران آخران.
إلاّ أنها مع شذوذها موافقة لمذهب عائشة، ومع ذلك قاصرة الدلالة على الحكم في المسألة من رجوع الوقف إليهم، فإن غايتها الدلالة على
الإطلاق ، وهو أعمّ من الحقيقة ، مع أن قرائن المجاز من صحة السلب وعدم التبادر موجودة ، ومع ذلك المجاز خير من
الاشتراك بالضرورة.
ثم لو سلم الحقيقة فغايتها أنها حقيقة شرعية ، وهي معتبرة في الألفاظ الواردة عن الشرع ، دون الألفاظ المتداولة بين
أهل العرف واللغة ؛ فإنّها تحمل على حقائقهم لا الشرعية.
ولم سلّم جواز حمل الألفاظ المتداولة بينهم على الشرعية على سبيل الحقيقة فغايته الجواز وثبوت الحقيقة ، دون الوجوب وطرح الحقيقة العرفية ، بل لا بدّ من التوقّف إلى تحقق القرينة المعيّنة ، كما عليه المدار في الألفاظ المشتركة.
نعم ، لو علم بالقرائن الحالية أو المقالية
إرادة الواقف خصوص هذه الحقيقة الشرعية تعيّن حمله عليه البتة ، إلاّ أنه خارج عن مفروض المسألة ؛ لرجوع
الأمر حينئذٍ إلى مقتضى القرينة ، وهي حيث حصلت متّبعة ولو على غير الشرعية ، أو شيء لم يقل به أحد من الطائفة في مفروض المسألة.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۵۲- ۱۵۴.