بيع الرطب بالتمر مع التساوي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وفي بيع الرُّطَب بالتمر) مع
التساوي (روايتان، أشهرهما) المستفيض النقل من طرق الخاصّة والعامّة (المنع) بل عليه
الإجماع في الخلاف والغنية،
ففي النبوي بعد أن سئل عن بيع الرُّطب بالتمر، فقال : «أينقص إذا جفّ؟» فقيل له : نعم، فقال : «لا إذا».
وفي الصحيح وغيره : «لا يصلح التمر اليابس بالرطَب، من أجل أنّ التمر يابس والرطَب رَطْب، فإذا يبس نقص».
خلافاً للإستبصار وموضع من
المبسوط والحلّي؛
تمسّكاً
بالأصل ، والعمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة،
لاختصاص أدلّة حرمة
الربا والزيادة بالحاصلة وقت المبايعة، وهي هنا مفقودة، ولذا لم يتعدّ كثير من المانعين هنا إلى الغير في المسألة الآتية.
وقدحاً في النصوص المتقدّمة، أوّلاً : بركاكة النبوي متناً، والصحيح وما بعده دلالةً، لأعميّة عدم الصلاحية من الحرمة جدّاً، كما اعترف به المتأخّرون مكرّراً، مع
احتمال حملها على المنع نسيئة، كما يستفاد من الصحيح تقييداً : «أنّ
أميرالمؤمنين عليه السلام كره أن يباع التمر بالرطَب عاجلاً بمثل كيله إلى أجل، من أجل أنّ التمر ييبس فينقص من كيله»
ولا كلام فيه أصلاً.
وثانياً : بالمعارضة بالموثق المجوّز لذلك ظاهراً : عن العنب الزبيب، قال : «لا يصلح إلاّ مثلاً بمثل» قلت : والرطَب والتمر؟ قال : «مثلاً بمثل».
وحمل المماثلة على الوصف أي في الرطوبة واليبوسة، فيكون كناية عن المنع، وحصر الجواز في العنب بالعنب والزبيب بالزبيب، وهكذا في الأخيرين بعيد جدّاً، سيّما بعد تتبّع موارد
استعمالها في أخبار الربا الكاشف عن أنّ المراد بها المماثلة في المقدار فعلاً قطعاً.مضافاً الى تأيّده كباقي أدلّة الجواز بمفهوم الصحيح المتقدّم.
ولا يخلو عن قوّة لولا الشهرة العظيمة، وحكاية الإجماع المتقدّمة، وقوّة احتمال صحة دلالة نفي الصلاحية على الحرمة بمعونة ما تقدّم إليه
الإشارة غير مرّة. وضعف احتمال تقييد أخبار المنع بصورة النسيئة بمفهوم الصحيحة، بناءً على قصور دلالتها عليه؛ إذ غايتها الدلالة على منعها خاصّة، وهو غير ملازم للجواز في الصورة المقابلة، فإنّ
إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، كما اشتهر في الألسنة وقامت عليه الأدلّة، مع أنّ مفهوم التعليل فيها صريح في العموم لصورتي النقد والنسيئة، ولو كان المنع مختصّاً بها لكان اللازم التعليل بها دون ما فيها من العلّة.وركاكة متن النبوي بمثل ما فيه غير معلومة، سيّما وأن يخرجه عن الحجية، ودلالته ظاهرة.
والمناقشة فيه وفيما عدا الصحيحة لضعف السند مدفوعة
بانجباره بالشهرة العظيمة والإجماع الذي هو حجة أُخرى مستقلّة.فبجميع ما مرّ يتقوّى أدلّة المنع بالضرورة، فلا تقاومها أدلّة الجواز المتقدّمة حتى الموثّقة، لقصور السند، وعدم الصراحة باحتمالها لما تقدّم إليه الإشارة، ولو كان بعيداً غايته.
(وهل تسري العلّة) المنصوصة في تلك المعتبرة للحرمة في بيع الرطب بالتمر (في غيره كالزبيب بالعنب والبُسر بالرطب) بناءً على نقص العنب بالجفاف والبُسر بالرطب؟(الأشبه) عند الماتن (لا) وفاقاً لجماعة من أصحابنا، كالنهاية والخلاف وموضع من المبسوط والغنية مع
إمكان حملها على التقية كما يلوح من الغنية.
وخلافاً لآخرين، كالقديمين وابن حمزة،
ومال إليه من المتأخّرين جماعة.
ومبنى الخلاف
الاختلاف في التعدية بالعلّة المنصوصة إلى غير موردها بعد وجودها فيه، وحيث إنّ الأشهر الأقوى ذلك مطلقاً، كما حقّق في الأُصول مستقصى، كان القول
بالسراية هنا قويّاً جدّاً.
رياض المسائل، ج۸، ص۴۳۰-۴۳۳.