بيع تراب الصياغة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(السادسة : ما يجمع من تراب الصياغة) من الذهب والفضّة حكمه حكم تراب المعدن في جواز أن (يباع) مع
اجتماعهما فيه (بالذهب والفضّة) في المختصر المطبوع زيادة : أبو بجنس غيرهما.معاً، وبأحدهما بشرط العلم بزيادة الثمن عن مجانسه، ومع
الافراد بغير جنسه.
وإطلاق الخبرين الآتيين بالبيع بالطعام لعلّه لمجرّد التسهيل ودفع كلفة مشقّة تحصيل العلم بمقدار الجوهرين ليزاد على أحدهما لو جعل هو الثمن خاصّة.
(و) يجب على الصائغ أن (يتصدّق به) عن مالكه مع
الضمان ، بلا خلاف في الأوّل (لأنّ أربابه لا يتميّزون) في الغالب، ولو بنحو من العلم بهم في محصورين، فلا يمكن التخلّص عن حقّهم إلاّ بذلك، فوجب؛ وللنصوص الواردة بذلك في المال المجهول المالك.وللخبرين في خصوص المقام، في أحدهما : عمّا يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال : «تصدّق به فإمّا لك وإمّا لأهله» قال : فإنّ فيه ذهباً وفضّة وحديداً فبأيّ شيء أبيعه؟ قال : «بعه بطعام» قلت : إنّ لي قرابة محتاجاً أُعطيه منه؟ قال : «نعم».
وفي الثاني : عن تراب الصائغين وإنّا نبيعه، قال : «أما تستطيع أن تحلّه من صاحبه؟» قال : قلت : لا، إذا أخبرته اتّهمني، قال : «بعه» قلت : بأيّ شيء أبيعه؟ قال : «بطعام» قلت : فأيّ شيء نصنع به؟ قال : «تصدّق به إمّا لك وإمّا لأهله» قلت، إن كان لي قرابة محتاج فأصله؟ قال : «نعم».
وقصور السند منجبر بالعمل.
ويستفاد من الأخير توقّف التصدّق على عدم
إمكان الاستحلال من الصاحب، وبه صرّح الأصحاب، حتى ذكروا أنّه لو علمه في محصورين وجب التخلّص منه ولو بالصلح مع الجهل بمقدار الحق، ولا فرق في ذلك بي ما إذا كان متعدّداً أو متّحداً.لكن ظاهر الخير جواز التصدّق مع العلم بالمالك بمجرّد خوف التهمة. وهو مشكل، سيّما مع إمكان
إيصال الحق المتصدّق به إليه، أو الاستحلال مه بوجه لا يوجب التهمة.وعلى قول قويّ في الثاني عطف على قوله : في الأول والمراد به الضمان.لو ظهر المالك ولم يرض به؛ لعموم الأدلّة الدالّة على ضمان ما أخذت اليد، خرج منه ما لو إذا رضي الصاحب أو استمرّ
الاشتباه بالإجماع ، فيبقى الباقي.
والقول الثاني العدم؛
لإذن الشارع له في الصدقة فلا يتعقّب الضمان.وفي
التلازم نظر، مع
إشعار الخبرين يقول : «إمّا لك وإمّا لأهله» بتعقّب الضمان إذا لم يرض المالك، بناءً على معناه على الظاهر المصرّح به في كلام جماعة
أنّ التصدّق لك إن لم يرض الصاحب، وله إن رضي. ولا ريب أنّ الضمان أحوط. ومصرف هذه
الصدقة الفقراء والمساكين، كما ذكره الأصحاب؛ ولعلّه
لانصراف الإطلاق إليه بحكم
الاستقراء .
ويجوز الدفع إلى ذي قرابته إذا كانوا بصفتهم، بنصّ الخبري، وعدم خلاف بين الأصحاب فيه وفي جواز
الإعطاء للعيال إذا كانوا بصفة
الاستحقاق ؛ ولعلّه لفحوى الجواز في الزكاة.ويستفاد منه جواز أخذه لنفسه مع الشرط المذكور إن قلنا بذلك ثمّة لو دفعت إليه للصرف في الفقراء وأهل المسكنة وهو بصفتهم، فتأمّل.
ويلحق بالصياغة ما شابهها من الصنائع الموجبة لتخلّف أثر المال، كالحدادة والطحن والخياطة والخبازة.كلّ ذا إذا لم يعلم إعراض المالك عنه، وإلاّ قالوا : جاز التملك له والتصرّف من دون تصدّق عن الصاحب، فإن كان إجماع، وإلاّ فللنظر فيه مجال، حيث لم ينهض حجّة على
انتقال الملك وجواز التصرّف بمجرّد نيّة
الإعراض ، مضافاً إلى إطلاق الخبرين بالتصدّق، فتأمّل.
رياض المسائل، ج۸، ص۴۶۹-۴۷۱.