بيع ثمرة النخل بتمر من غيرها
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وهل يجوز) بيعها (بتمر من غيرها؟ فيه قولان، أظهرهما) وأشهرهما سيّما بين المتأخّرين (المنع) وفاقاً لأحد قولي
الطوسي والقاضي، وللمفيد وابن زهرة وابن حمزة والتقي والديلمي والحلّي،
بل ظاهر الغنية
الإجماع عليه؛ وهو الحجة.مضافاً إلى إطلاق النصوص المتقدمة، ونصوص أُخر، كالوارد في العَرِيّة وفيه : «هي النخلة تكون للرجل في دار رجل آخر، فيجوز أن يبيعها بخرصها تمراً، ولا يجوز ذلك في غيره».
ودلالته كما ترى ظاهرة إن جوّزنا بيع ثمرة العَرِيّة بتمر من نفسها، وإلاّ فهي صريحة،
لاختصاص الرخصة حينئذٍ ببيعها بتمر من غيرها، ومقتضاه رجوع
الإشارة في لفظة «ذلك» إليه، وهو صريح في المنع هنا، كما لا يخفى. وبه يضعّف
احتمال العهديّة في اللام في النصوص ورجوعها إلى تمر نفس النخلة المذكور سابقاً؛ فإنّ أخبارهم : يكشف بعضها عن بعض، مع بُعده في الخبرين الأوّلين منها جدّاً، إذ لم يتقدّم لتمرها ذكر فيهما سابقاً، والحمل كما في أحدهما والنخل كما في ثانيهما أعمّ من التمر جدّاً، فكيف يمكن جعل اللام للعهد والإشارة إليهما، فتأمّل جدّاً.
والقول الثاني وهو الجواز للنهاية وجماعة
حكاه في المختلف :عن القاضي في الكامل واختاره هو أيضاً.
للأصل ، والعمومات المخصّصين بما مرّ من الأدلة، والمعتبرين، أحدهما الصحيح : في رجل قال لآخر : بعني ثمرة نخلك هذا الذي فيها بقفيزين من تمر أو أقلّ أو أكثر يسمّي ما شاء فباعه، فقال : «لا بأس به» وقال : «التمر والبسر من نخلة واحدة لا بأس به»
الحديث.
وثانيهما الموثق : سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إنّ رجلاً كان له على رجل خمسة عشر وسقاً من تمر وكان له نخل، فقال له : خذ ما في نخلي بتمرك، فأبى أن يقبل، فأتى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إنّ لفلان عليّ خمسة عشر وسقاً من تمر فكلّمه يأخذ ما في نخلي بتمره، فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا فلان خذ ما في نخله بتمرك، فقال : يا رسول الله لا يفي، وأبى أنّ يفعل» الحديث، وفي آخره : «إنّ ربيعة الرأي لمّا بلغه هذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : هذا ربا» قلت : أشهد بالله إنّه لمن الكاذبين، قال : «صدقت».
وفيهما مضافاً إلى قصور الثاني سنداً لمقاومة ما مرّ جدّاً مخالفة الأوّل منهما وإن صحّ سنده للمجمع عليه، أوّلاً :
بإطلاق جواز
البيع بالتمر في صدره بل عمومه الشامل لما إذا كان من النخلة جدّاً.
وثانياً : بوقوع التصريح به في قوله : «التمر والبسر من نخلة واحدة لا بأس به». ولذا حمله الشيخ على العرّية.والذبّ عن ذلك بتقييد الإطلاق في الأوّل، ودعوى عدم القدح في الحجّية بخروج البعض للندرة في الثاني لا يفيد؛ فإنّ أمثال ذلك وإن لم يقدح فيها
ابتداءً إلاّ أنّه قادح في مقام
التعارض جدّاً.وعدم ظهور الثاني في البيع الذي هو خاصّةً بمقتضى النصوص والفتاوي محلّ المنع، فيحتمل الصلح، وقد حمله الشيخ والمختلف عليه،
وهو متعيّن، جمعاً.
رياض المسائل، ج۹، ص۳۲-۳۴.