بَغْى (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
بَغْی:
(وَ الْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ)«
بغى» تعني في الأصل الجد و المثابرة و المحاولة للحصول على شيء ما، و لكن كثيرا ما تطلق على المحاولات لغصب حقوق الآخرين، و
التجاوز عن حدود و حقوق
الخالق، لذا فإن للظلم مفهوما خاصا و للبغي مفهوما عاما يشمل أي تعد أو تجاوز للحقوق الإلهية. عبارة
(بغير الحق) تأكيد لهذا المعنى، و على هذا الأساس فإنّ الجملة الثانية من باب ذكر العام بعد ذكر الخاص.
و «
البغي» يعني السعي و المحاولة لتحصيل شيء، و لكن يراد منه غالبا الجهود المبذولة لغصب حقوق الآخرين، و لهذا يكون مفهومه- في الغالب- مساويا لمفهوم
الظلم. و من الواضح أنّ وصف «
البغي» في
الآية المبحوثة بوصف «
غير الحق» من قبيل التوضيح و التأكيد على معنى «
البغي».
و في تفسير آخر عن (
ابنعباس) في هذه الآية ورد أن المقصود من (
البغي )ليس الظلم و الجور، و إنّما (
بغى) تعني (
طلب) أي يكون معنى الآية أنّهم يطلبون أكثر و لا يشبعون.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأیضاح معنی
«بَغْى»نذكر أهمها في ما يلي:
(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ وَ الإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ أَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَ أَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: و البغي هو طلب
الإنسان ما ليس له بحق كأنواع الظلم و
التعدي على
الناس و
الاستيلاء غير
المشروع عليهم، و وصفه بغير
الحق من قبيل التوصيف باللازم نظير التقييد.
قال
الطبرسي فی
تفسير مجمع البيان: و البغي:
الاستطالة على الناس، وحده طلب الترؤس بالقهر من غيرحق، و أصله
الطلب.
(وَ جَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْيًا وَ عَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ أَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: البغي و
العدو كالعدوان الظلم و إدراك الشيء اللحوق به و التسلط عليه كما أن إتباع الشيء طلب اللحوق به.
قال الطبرسي فی تفسير مجمع البيان:
(فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا) أي: ليبغوا عليهم و يظلموهم، و ذلك أن
الله سبحانه لما أجاب دعاء موسى، أمره باخراج
بنيإسرائيل من
مصر ليلا، فخرج، و تبعهم
فرعون و جنوده مشرقين، حتى انتهوا إلى
البحر، و أمر الله سبحانه
موسى (عليهالسلام) فضرب
البحر بعصاه، فانفلق اثني عشر فرقا، و صار لكل سبط طريق يابس، فارتفع بين كل طريقين
الماء كالجبل، وصار في الماء شبه الخروق، فجعل بعضهم ينظر إلى بعض. فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر، رأوا البحر بتلك الهيئة، فهابوا دخول البحر، و كان فرعون على حصان أدهم، فجاء
جبرائيل (عليهالسلام)، على فرس وديق، و خاض البحر، و
ميكائيل يسوقهم، فلما شم أدهم فرعون ريح فرس جبريل عليه السلام، انسل خلفه في الماء، واقتحمت
الخيول خلفه، فلما دخل آخرهم البحر، و هم أولهم أن يخرج، انطبق الماء عليهم.
(وَ مَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَ لَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ)قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: والبغي الظلم أو
الحسد، و تقييده بقوله : « بَيْنَهُمْ » للدلالة على تداوله، و المعنى وما تفرق الناس الذين شرعت لهم
الشريعة باختلافهم و تركهم الاتفاق إلا حال كون تفرقهم آخذا ـ أو ناشئا ـ من بعد ما جاءهم
العلم بما هو الحق ظلما أو حسدا تداولوه بينهم. و هذا هو الاختلاف في
الدين المؤدي إلى الانشعابات و التحزبات الذي ينسبه الله سبحانه في مواضع من كلامه إلى البغي، و أما الاختلاف المؤدي إلى نزول الشريعة وهو الاختلاف في شئون
الحياة و التفرق في أمور
المعاش فهو أمر عائد إلى اختلاف طبائع الناس في مقاصدهم وهو الذريعة إلى نزول الوحي و تشريع الشرع لرفعه كما يشير إليه قوله :
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) البقرة : ٢١٣ كما تقدم في تفسير الآية.
قال الطبرسي فی تفسير مجمع البيان:
(بغيا بينهم) أي: فعلوا ذلك للظلم و الحسد و العداوة، والحرص على طلب
الدنيا. وقيل: معناه و ما تفرقوا عنه أي عن
محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إلا بعد أن علموا أنه حق، ولكنهم تفرقوا عنه حسدا له، وخوفا أن تذهب رئاستهم.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.