دية الأنف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وفي الأنف
الدية، وكذا لو قطع مارنه ففسد، ولو جبر على غير عيب فمئة
دينار؛ وفي شلله ثلثا ديته؛ وفي الحاجز نصف الدية وفي احد المنخرين نصف الدية؛ وفي
رواية ثلث الدية.
وفي الأنف إذا استؤصل الدية كاملة وكذا لو قطع مارنه وهو ما لان منه ونزل عن قصبته، بلا خلاف في الأخير أجده، والنصوص به مع ذلك مستفيضة، ففي
الصحيح والموثّق وغيرهما: «في الأنف إذا قطع المارن الدية»
.
وعلى الأشهر في الأوّل أيضاً؛ للأصل؛ وعموم ما مرّ من
النصوص في أنّ ما في الإنسان منه واحد فيه الدية، والأنف بتمامه منه بلا شبهة.
وخصوص الصحيح وغيره: «في الأنف إذا استؤصل جدعه الدية»
.
وقريب منهما الموثّق «في الأنف إذا قطع الدية كاملة»
.
خلافاً للمحكي عن المبسوط
والمهذّب والوسيلة، فقالوا: إنّ الدية فيه إنّما هو للمارن خاصّة، وفي الزائد الحكومة، وهو خيرة التحرير
وشيخنا في
الروضة، ولعلّه لعدم دليل على أنّ دية الاستئصال غير دية المارن، وليس في أدلّة المشهور عموماً وخصوصاً سوى أنّ فيه الدية، أمّا أنّها له أو للمارن فليس فيها عليه دلالة، فيحتمل كونها لأجل المارن خاصّة.
وفيه نظر؛ فإنّ وجه الدلالة في أدلّتهم إنّما هو ظهورها في أنّ الاستئصال الدية خاصّة، لا مع زيادة الحكومة لما قطع من القصبة، كما هو مقتضى قول
المبسوط ومن تبعه.
ويمكن أن يقال: إنّ غاية أدلّة المشهور ثبوت الدية، وليس فيه ما ينفي
الحكومة؛ إذ ليس فيها مقام حاجة يمكن إثباتها بذلك، والدليل على ثبوتها أنّ الزائد على المارن جارحة ذهبت زيادة عليه، وديته لا يقع شيء منها في مقابلتها، فالاكتفاء بها يستلزم تفويت تلك الجارحة عليه من دون بدل، وهو غير جائز، فما ذكروه أقوى، فتأمّل جدّاً.
وموضع الخلاف ما لو قطع المارن والقصبة معاً، أمّا لو وقع التفريق في جنايتهما ثبت للقصبة الحكومة زيادةً على دية المارن قولاً واحداً.
وفي حكم قطع الأنف ما أشار إليه بقوله: أو كسر ففسد بلا خلاف يظهر فيه ولا في أنّه لو جبر على غير عيب فديته مائة دينار بل على الأخير
الإجماع في
الغنية.
وفي شلله وهو فساده ثلثا ديته صحيحاً، وفي قطعه أشل ثلث الدية، بلا خلاف في شيء من ذلك أجده، بل على الأوّل الإجماع عن المبسوط
والخلاف، وهو
الحجة المؤيدة بثبوت مثل الحكم في شلل اليد والرجل والأصابع.
ويدلُّ على الأخير بعض النصوص: «كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»
وفيه تأييد ما للحكم في سابقه، فتدبّر.
وفي الحاجز نصف الدية إذا استؤصل، ومستنده غير واضح وإن أفتى به الأكثر كما في كلام جمع
.
نعم في كتاب ظريف المروي بعدّة طرق معتبرة: «فإن قطعت روثة الأنف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية»
.
وهو يصح مستنداً بناءً على ما عليه
الماتن وابن عمّه
والفاضل في
القواعد والتحرير والإرشاد: من تفسير الروثة بالحاجز، ولم يثبت، بل المعروف عند أهل اللغة أنّها الأرنبة أو طرفها حيث يقطر الرعاف، والأرنبة عندهم طرف الأنف، ويسمّون الحاجز بالوَتَرة، وسمّي في الكتاب المذكور بالخيشوم.
قيل
: وروى عن الرضا ۷ أيضاً، وهو صريح في أنّ المراد بالروثة فيه ليس الحاجز، ومع ذلك ففيه في نسخة
الكافي تفسيرها بطرف الأنف
، كما عليه أهل اللغة، وقريب منه ما قاله
الصدوق: من أنّها مجمع المارن
.
والأجود وفاقاً
للّمعة وشرحها
الحكم في الحاجز بالثلث؛ عملاً بالأصل، والقاعدة في تقسيط الدية على أجزاء العضو الذي ثبتت فيه بالنسبة، والمارن الموجب لها مشتمل عليه وعلى المنخرين، وحكى هذا الفاضل في القواعد
قولاً، لكن قيل: إنّه لم نعرف له قائلاً
.
أقول: غير بعيد كونه الحلّي، فإنّه قال بعد الحكم بأنّ في الأنف وكذا مارنه
الدية ما لفظه: وفيما نقص منه بحساب ذلك
. وهو ظاهر فيما ذكرناه من رجوعه هنا إلى القاعدة التي قدّمناها.
وفي أحد المنخرين نصف الدية على قول
الشيخ في المبسوط مدّعياً أنّه مذهبنا، قال: لأنّه ذهب بنصف المنفعة ونصف الجمال
. وهو كما ترى.
وفي رواية بل روايات أنّ فيه ثلث الدية
وهي وإن كانت بأجمعها ضعيفة، لكنّها موافقة للقاعدة، ومع ذلك مشهورة بين
الطائفة على الظاهر، المصرَّح به في كلام جماعة
.
وبها يضعّف القول بالربع أيضاً، كما عن الحلبيين
والكيدري وفي الغنية
؛ مضافاً إلى عدم وضوح مستنده، وإن اعتذر لهم
الشهيد بالقاعدة بزعم تجزّؤ المارن بأجزاء أربعة: المنخرين، والحاجز، والروثة، وهو على تقدير تسليمه لا يعترض به الرواية الصريحة المعمول بها بين الطائفة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۳۶-۴۴۱.