دية الشعر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وفي شعر الرأس: الدية؛ وكذا اللحية؛ فإن نبتا
فالأرش؛ قال
المفيد: إن لم ينبتا فمئة دينار: وقال
الشيخ في اللحية: ان نبتت ثلث
الدية، وفي
الرواية ضعف؛ وفى شعر رأس المرأة ديتها؛ فان نبت فمهر مثلها؛ وفي الحاجبين خمسمائة دينار، وفي كل واحد مئتان وخمسون، وفي بعضه بحسابه.
واعلم أنّ في شعر الرأس إذا جني عليه
الدية كاملة.
وكذا اللحية على الأظهر الأشهر بين الطائفة، بل عليه الإجماع في
الغنية؛ للنصوص المستفيضة، منها
الصحيح المروي في
الفقيه والتهذيب: رجل صبّ ماءً حارّاً على رأس رجل فأسقط شعره فلا ينبت أبداً، قال: «عليه الدية»
كذا في الفقيه، وفي التهذيب: فامتعط شعر رأسه ولحيته. ونحوه غيره
من دون زيادة ولحيته.
والقوي وغيره: «في اللحية إذا حلقت فلم ينبت الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية»
.
والخبر: أهرق رجل قدراً فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره، فاختصموا في ذلك إلى
علي (علیهالسّلام) فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية
.
إلى غير ذلك من
النصوص الآتي إلى بعضها الإشارة.
وقصور
السند أو ضعفه منجبر بالشهرة وحكاية
الإجماع المتقدمة، فاندفع الاعتراض به على ما عدا الصحيحة.
وأمّا الاعتراض عليها بأنّ مفادها لزوم الدية في جناية شعر الرأس واللحية معاً، وهو غير لزومها في أحدهما خاصة، كما هو المدّعى فمندفع بابتنائه على نسخة التهذيب، وأمّا نسخة الفقيه فقد عرفت خلوّها عن اللحية، ولعلّها أضبط من تلك النسخة، سيّما مع موافقتها للروايات الأُخر في المسألة، هذا إذا لم ينبتا.
فإن نبتا
فالأرش على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر؛ لأنّه الواجب حيث لا تقدير له في
الشرع.
خلافاً
للحلبي والغنية
، فاختارا عشر الدية، وحجتهما غير واضحة عدا ما في الأخير من حكاية الإجماع، وهي هنا موهونة بلا شبهة، ونسب في
المسالك قولهما إلى النهاية، لكن في الرأس خاصّة، مع أنّ صريح عبارته المحكية في
المختلف كظاهر العبارة وغيرها من عبائر الجماعة عدم مخالفته للقوم فيه، واختصاص خلافه معهم في اللحية خاصّة حيث حكم فيها بثلث الدية.
وقال الشيخ
المفيد والصدوق في موضع من
المقنع: إن لم ينبتا فمائة دينار وحجتهما غير واضحة عدا ما يستفاد من الأوّل
والقاضي والديلمي أنّ به رواية، ولم نجدها، فهي مرسلة لا يعترض بها الأدلّة المتقدمة.
وبنحوه يجاب عن مرسلة أُخرى مروية عن بعض الكتب: عن مولانا
الرضا (علیهالسّلام) أنّه قال: «من حلق رأس رجل فلم ينبت فعليه مائة دينار، فإن حلق لحيته فلم ينبت فعليه الدية، وإن نبت فطالت بعد نباتها فلا شيء له»
مضافاً إلى شذوذها وعدم ظهور قائل بها بالمرّة.
وقال الشيخ في
الخلاف والنهاية والإسكافي
: إنّ في اللحية إذا نبتت ثلث الدية، وفي الرواية المتقدمة وهي القوية وغيرها وإن كان دلالة عليه إلاّ أنّه فيها ضعف بالسكوني في الأُولى، وعدّة من الضعفاء في الثانية، ولا جابر لهما في المسألة، بل الشهرة التي هي العمدة في الجبر على خلافها كما عرفته، هذا إذا كان المجني عليه ذكراً.
وفي شعر رأس المرأة ديتها كملاً إذا لم ينبت كالرجل فإن نبت فمهرها المثل بلا خلاف أجده إلاّ من
الإسكافي في الثاني، فأثبت فيه ثلث الدية. وحجته مع شذوذه غير واضحة، بل على خلافه الإجماع في الغنية
، وفيه
الحجة.
مضافاً إلى الرواية الصريحة: ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ فقال: «يضرب ضرباً وجيعاً ويحبس في محبس
المسلمين حتى يستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت أُخذ منه الدية كاملة» قلت: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال: «إنّ شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال، فإذا ذهب أحدهما وجب لها
المهر كملا»
.
وقصور السند بالجهالة مجبور
بالشهرة الظاهرة والمحكية، وحكاية الإجماع المتقدمة، وفيها الدلالة على الحكم في الأوّل أيضاً، مع عدم خلاف فيه أجده، وادّعى فيه أيضاً الإجماع في الغنية
، فلا شبهة فيه قطعاً، سيّما مع استلزام ثبوت الحكم في الرجل ثبوته هنا بطريق أولى، كما لا يخفى.
وفي شعر الحاجبين معاً خمسمائة دينار، وفي كل واحد مائتان وخمسون ديناراً، وفاقاً للأكثر، بل ادّعى الشهرة عليه جمع ممن تأخّر
، وفي
السرائر الإجماع عليه، وهو الحجة.
مضافاً إلى
الخبر: «وإن أُصيب الحاجب فذهب شعره كلّه فديته نصف دية العين مائتان وخمسون ديناراً، فما أُصيب منه فعلى حساب ذلك»
.
قيل: وروى عن الرضا (علیهالسّلام) أيضاً نحو ذلك
.
خلافاً
للمبسوط والغنية
والإصباح، فالدية كاملة، وفي كل واحد نصفها، وظاهر الأوّلين الإجماع عليه، ويؤيدّه عموم
النص والفتوى على أنّ فيما كان في الجسد اثنين الدية.
لكن في معارضة ذلك لما مرّ نظر؛ لرجحانه بعمل الأكثر، مع صراحة كل من الإجماع والخبر، هذا، مضافاً إلى
الأصل.
وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق بين عود نباتهما وعدمه، وفي الغنية والإصباح
أنّ ما ذكر إذا لم ينبت شعرهما، وإلاّ فالأرش.
وقال
الديلمي: إذا ذهب بحاجبه فنبت ففيه ربع الدية، وقد روي أيضاً أنّ فيهما إذا لم ينبت مائة دينار
. وقال في المختلف: والوجه عندي الحكومة فيما إذا نبت، وهو قول الحلبي؛ للأصل
.
وفي بعضه أي بعض كل واحد من الشعور المذكورة بحسابه أي يثبت فيه من الدية المذكورة بنسبة مساحة محل الشعر المجني عليه إلى محل الجميع وإن اختلف الشعر كثافةً وخفّةً، ويدلُّ عليه مضافاً إلى الإجماع الظاهر النص المتقدم قريباً، وحيث قلنا بالأرش فهو الثابت ولا نسبة.
وفي الشعور النابتة على الأجفان ويعبّر عنها بالأهداب أقوال، منها: الدية كاملة مع عدم النبات، كما في المبسوط والخلاف
مدّعياً عليه
الوفاق.
ومنها: نصفها، كما عن
القاضي، ولم أقف له على شاهد.
ومنها: الأرش حالة الانفراد عن الجفن، والسقوط حالة الاجتماع، كشعر الساعدين وغيرهما من الأعضاء الذي ليس فيه إلاّ الأرش، بلا خلاف كما عليه
الحلّي وكثير من المتأخّرين
، قالوا: لعدم دليل على التعيين، وعدم دخوله تحت إحدى القواعد، وهو ظاهر
الماتن هنا، حيث لم يذكر ديتها كباقي الشعور، وهو متين لولا الإجماع المتقدم المعتضد بفتوى الأكثر كما في
الروضة.
واعلم أنّ المرجع في النبات وعدمه إلى أهل الخبرة، فإن اشتبه فالمروي في بعض ما مرّ أنّه ينتظر سنة، ثم إن لم يعد تؤخذ
الدية، ولو طلب
الأرش قبلها دفع إليه؛ لأنّه إمّا الحق أو بعضه، فإن مضت ولم يعد أُكمل له على وفق الدية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۲۴-۴۲۹.