دية اليدين والرجلين
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في قطع اليدين ونحوهما الرجلان معاً الدية كاملة وفي قطع كل واحدة منهما نصف
الدية؛ وحدّ اليد التي لها الدية، المعصم أي الزند؛ وفي الأصابع الدية؛ وفي كل واحدة عشر الدية؛ وقيل: في الإبهام ثلث دية اليد؛ ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث عقد وفي الإبهام على اثنتين وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصلية؛ وفي شلل الأصابع أو اليدين ثلثا ديتها؛ وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود: عشرة دنانير، فإن نبت أبيض فخمسة دنانير، وفي
الرواية ضعف. وفي الرجلين الدية؛ وفي كل واحدة نصف الدية؛ وحدّهما مفصل الساق وفي أصابعهما ما في أصابع اليدين.
وفي قطع اليدين ونحوهما الرجلان معاً
الدية كاملة وفي قطع كل واحدة منهما نصف الدية اتفاقاً، فتوًى ونصّاً مستفيضاً، عموماً وخصوصاً، ففي
الصحيح: «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين»
ونحوه عموماً ما مرّ مراراً.
وخصوصاً الصحيح الآخر: «وفي اليد نصف الدية»
.
ونحوه الموثّقان: عن اليد؟ قال: «نصف الدية»
.
ونحوه الخبر بزيادة: «وفي اليدين جميعاً الدية، وفي الرجلين كذلك»
.
وإطلاقها
كالفتاوي وصريح جملة منها يقتضي عدم الفرق بين اليمنى واليسرى، واليد الواحدة خلقةً أو بآفة والمتعدّدة، وظاهر بعض الأصحاب
أنّ عليه إجماع الطائفة، وهو
حجة أُخرى، مضافاً إلى الإطلاقات، فلا يلتفت إلى قوّة اليمنى وكثرة منافعها، وكون اليد الواحدة خلقةً بمنزلة اليدين كما عين الأعور خلقةً؛ لأنّ ذلك خارج بالنص والإجماع، وإلحاقها بها
قياس.
وحدّها أي اليد التي لها الدية المعصم أي الزند عندنا على الظاهر، المصرَّح به في عبارة بعض أصحابنا
، معرباً عن دعوى إجماعنا عليه، وهو القرينة على المراد منها في الأخبار، ولولاه لأشكل الحكم، إمّا للإجمال، أو لتبادر جملة العضو إلى المنكب منها عند الإطلاق الموجب لحمل اللفظ عليه.
وتدخل دية الأصابع في ديتها حيث يجتمعان في قطع واحد، بلا خلاف، بل عليه الإجماع في
شرح الشرائع للصيمري، وهو الحجة.
مضافاً إلى إطلاق الأخبار بأنّ في اليدين أو إحداهما الدية أو نصفها.
وفي قطع الأصابع العشرة من اليدين كانت أو من الرجلين الدية كاملة إجماعاً على الظاهر، المصرَّح به في عبائر جماعة
حدّ الاستفاضة، وهو الحجة، مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة الآتي إلى جملة منها الإشارة.
وفي قطع كل واحدة منها عشر الدية
دية النفس، على الأظهر الأشهر بين
الطائفة، بل عليه المتأخّرون كافّة، وصرّح جماعة
منهم بالشهرة؛ للمستفيضة، ففي الصحيح: عن الأصابع أسَواء هنّ في الدية؟ قال: «نعم»
.
وفيه: «أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية، في كل إصبع عشر من الإبل»
الخبر.
وفي
الموثق: عن الأصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية؟ فقال: «هنّ سواء في الدية»
.
وفي الخبر: «في الأصابع في كل إصبع عشر من الإبل»
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.
وقيل كما عن
الخلاف والوسيلة والإصباح وابن زهرة
: إنّ في الإبهام ثلث دية اليد الواحدة، وفي الأربع الباقية الثلثان بينها بالسوية، وادّعى الأوّل والأخير عليه إجماع
الإمامية، وقال به
الحلبي أيضاً، لكن في اليد خاصّة، وقال في الرِّجل بالتسوية؛ لما في كتاب ظريف من قوله «في الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار.. وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار.. ودية الأصابع والقصب التي في القدم للإبهام ثلث دية الرجلين ثلاث مائة وثلاثون ديناراً وثلث دينار» إلى أن قال: «ودية كل إصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث
دينار»
ونحوه الرضوي كما حكي
.
وفي الجميع نظر؛ لوهن نقل
الإجماع بمخالفة الأكثر، مع معارضته باستفاضة نقل
الشهرة الموهنة على خلافه، وقصور الخبرين عن المقاومة للمستفيضة من وجوه عديدة.
ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث عقد في كل عقدة ثلث ديتها وفي الإبهام تقسم ديتها على اثنتين في كل منهما نصفها، بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع عن الخلاف وفي
الغنية؛ للقوي: «أنّ
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) كان يقضي في كل مفصل من الأصابع بثلث عقل تلك الإصبع إلاّ الإبهام فإنّه كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام؛ لأنّ لها مفصلين»
.
وأمّا ما في كتاب ظريف والرضوي كما حكي ممّا يخالف ذلك فشاذّ لا عامل به.
وفي قطع الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية بلا خلاف أجده، وبه صرّح بعض الأجلة
، بل عليه الإجماع في الغنية
؛ لبعض المعتبرة ولو بالشهرة: «في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة»
.
وأمّا الخبر: «الخلقة التي قسّمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين، ما زاد أو نقص فلا دية له»
فمع ضعف
سنده محمول على قطعها منضمّة، ويحمل الأوّل على قطعها منفردة؛ جمعاً.
وفي شلل الأصابع أو اليدين أو الرجلين ثلثا ديتها بلا خلاف أجده، بل عن ظاهر
المبسوط وصريح الخلاف وفي الغنية
أنّ عليه الإجماع؛ للمروي في الصحيح وغيره: «إذا يبست من الكفّ فشلّت أصابع الكفّ كلّها فإنّ فيها ثلثي الدية دية اليد» قال: «وإن شلّت بعض الأصابع وبقي بعض فإنّ في كل إصبع شلّت ثلثي ديتها» قال: «وكذلك الحكم في الساق والقدم إن شلّت أصابع القدم»
.
ويرشد إليه أنّ في قطع الشلاّء ثلث ديتها اتفاقاً ظاهراً، ونسبه بعض
الأصحاب إليهم كافّة مشعراً بكونه إجماعاً، وادّعاه في الغنية صريحاً، ويدلّ عليه الخبران أيضاً، في أحدهما: «في كلّ إصبع من أصابع اليدين ألف
درهم.. وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»
.
والثاني: فيمن قطع يد رجل له ثلاث أصابع من يده شلل.. «وقيمة الثلاث أصابع الشلل مع الكفّ ألف درهم؛ لأنّها على الثلث من دية الصحاح»
.
وأمّا
النصوص الدالّة على أنّ في شلل اليدين، وكذا الأصابع الدية، كالصحيحة، فشاذّة لا عامل بها أجده، وإن تضمّنت الصحيح وغيره، مع مخالفتها الاعتبار، وعدم مقاومتها لما مر من الإجماع والأخبار، فلتطرح، أو تحمل على
التقية؛ لكونها مذهب
الشافعي كما حكاه بعض الأجلّة
، أو يقرأ: «سلّت» فيها بالسين المهملة لا المعجمة، بمعنى انتزعت وقطعت، فلا معارضة.
وفي الظفر إذا قلع ولم ينبت، أو نبت أسود عشرة دنانير، فإن نبت أبيض فخمسة دنانير وفاقاً للمشهور كما ادّعاه جماعة
حدّ الاستفاضة؛ لرواية
مسمع: «في الظفر إذا قطع ولم ينبت، أو خرج أسود فاسداً عشرة دنانير، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير»
.
وفي سند الرواية ضعف بجماعة، لكنه مجبور بالشهرة، كما اعترف به الفاضلان في
الشرائع والتحرير.
وأمّا الصحيح المطلق فيه لخمسة دنانير
فشاذّ، لا عامل به، محتمل للتقييد بالرواية بحمله على ما لو عاد أبيض، ولا بُعد في هذا الحمل ولا غرابة، وإن حكم بها
شيخنا في
الروضة؛ إذ لا وجه له سوى صحة المطلقة وضعف المفصّلة، وإلاّ فهي أصرح دلالةً بها تفوق على الصحيحة بحيث يجب حملها عليها بلا شبهة، والضعف منجبر بالشهرة، والصحيحة بإطلاقها شاذّة لا عامل بها، كما عرفت، واعترف هو به في
المسالك، ورفع اليد عن مثلها بالرواية المنجبرة بالشهرة ليس بأوّل قارورة.
فلا غرابة فيه، بل الغرابة إنّما هي فيما ذهب إليه
الحلّي وتبعه جماعة ومنهم هو في المسالك والروضة
، وهو وجوب عشرة دنانير متى قلع ولم يخرج، ومتى خرج أسود فثلثا ديته؛ لأنّه في معنى الشلل؛
ولأصالة البراءة من الزائد، مع ضعف المأخذ، وبُعد مساواة عوده لعدمه.
ووجه الغرابة في ذلك أنّ فيه اطراحاً للروايات جملةً، سيّما الصحيحة؛ لعدم معلومية عملهم بها بالمرّة، فتأمّل، بخلاف الضعيفة؛ لعملهم بها في الصورة الأُولى.
فإن كانت هي الحجة لهم فيها فلتكن حجة في صورة نباته أسود أيضاً، والأدلّة التي ذكروها في مقابلها لا تقاومها؛ لكونها ما بين عام يجب تخصيصه بها، واستبعاد ونحوه ممّا هو
اجتهاد صرف لا يسمع في مقابلتها.
وإن لم تكن هي الحجة لهم فلا دليل لهم على اعتبار العشرة دنانير عدا تخيّل الإجماع عليه.
وفيه نظر، فإنّ
للإسكافي هنا قولاً ثالثاً، وهو أنّ في ظفر إبهام اليد عشرة دنانير، وفي كلّ من الأظفار الباقية خمسة، وفي ظفر إبهام الرِّجل ثلاثون، وفي كل من الباقية عشرة، كلّ ذلك إذا لم ينبت أو نبت أسود معيباً، وإلاّ فالنصف من ذلك.
وهو كما ترى صريح في عدم ثبوت العشر في كلّ من الأصابع.
والذبّ عنه بعدم قدح في خروجه لمعلومية نسبه حسن لو حصل القطع بقول
المعصوم (علیهالسّلام) بالعشر مطلقاً من اتفاق من عداه، وقد يمنع.
ولو سلّم فلا يمكن ذلك من شيخنا، كما لا يذهب على من له انس بطريقته في الإجماع، ولا يخفى.
فانحصر الحجة على العشر في
الرواية، فإن تمسّكوا بها له فليقولوا به مطلقاً ويرفعوا اليد عن الأدلّة التي ذكروها؛ لما ذكرنا، وإلاّ فلا أعرف دليلهم على ثبوت العشر حيث اعتبروه أصلاً.
ومع ذلك لا وجه لطرحهم الرواية الصحيحة وعدم العمل بإطلاقها عدا ندرتها وشذوذها، وهو بعد تسليمه يرفع أصل ما استبعده من
الفقهاء.
وفي كتاب ظريف: «في كل ظفر من أظفار اليد خمسة دنانير، ومن أظفار الرجل عشر»
ولم أرَ به عاملاً، فهو شاذّ كالصحيحة.
وفي قطع الرجلين معاً الدية كاملة وفي كل واحدة نصف الدية إجماعاً؛ لما مرّ في اليدين عموماً وخصوصاً.
مضافاً إلى الموثق: «في الرجل الواحدة نصف
الدية»
.
والخبر: «في أنف الرجل إذا قطع من المارن الدية تامّة» إلى أن قال: «والرجلان بتلك المنزلة»
.
وحدّهما مفصل الساق، وإن اشتملت على الأصابع بلا خلاف.
وفي أصابعهما وأظفارهما ما في أصابع اليدين وأظفارهما من التفصيل والأحكام، بلا خلاف إلاّ من الحلبي والإسكافي
، حيث فرّق الأوّل بين إبهامي اليدين والرجلين، فأثبت الثلث في الأوّل والعشر في الثاني، وفرّق الثاني بين أظفارهما كما مضى، ولكن ظاهر الأصحاب والأدلّة خلافهما واتحاد الرجلين مع اليدين وأبعاضهما حكماً من دون فرق أصلاً.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۶۴-۴۷۲. رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۸۶-۴۸۷.