دية قتل ولد الزنا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في دية
ولد الزنا قولان، أشبههما: أن ديته كدية
المسلم الحر وفي
رواية: كدية
الذمي، وهي ضعيفة.
وفي دية
ولد الزنا المظهر للإسلام قولان بل أقوال أشبههما وأشهرهما بين المتأخّرين بل عليه عامّتهم أنّ ديته كدية الحرّ المسلم لعموم الأدلّة على
إسلام من أظهره، وجريان أحكامه عليه من غير قاطع على استثناء ولد الزناء، مضافاً إلى
إطلاق أخبار الديات، وتصريح بعضها بالمسلم أو
المؤمن الصادقين عليه بمجرّد إظهارهما، كما مضى.
والقول الثاني
للصدوق وعلم الهدى، وهو أنّ ديته كدية
أهل الكتاب ثمانمائة درهم، كما في النصوص الصريحة المروية في آخر باب الزيادات من
التهذيب.
لكنها ما بين مرسلة، وضعيفة بالجهالة، مع عدم جابر لها بالمرّة سوى دعوى
الإجماع في كلام الأخير، وهي لندرة القائل، بل عدمه إلاّ المدّعى وبعض من سبقه موهونة، فهي ضعيفة، كدعوى كفره التي استدل بها أيضاً مضافاً إلى الدعوى السابقة؛ لمنعها، كما هو ظاهر المتأخّرين، وصرّح به في المختلف، فقال: والأصل الذي بنى السيّد عليه من
كفر ولد الزناء ممنوع
.
أقول: ولو صحّت هذه الدعوى لكان مقتضاها عدم
الدية مطلقا، كما عليه
الحلّي مستدلاًّ بها، هذا.
وقول السيّد ليس بذلك البعيد؛ للأصل، مع عدم معلومية دخول نحو ولد الزناء في
إطلاق أخبار الديات، حتى ما ذكر فيه لفظ المؤمن والمسلم؛ لإطلاقهما الغير المعلوم الانصراف إلى نحوه، من حيث عدم تبادره منه، مع انسياقه سياق بيان مقدار الديات وغيره ممّا لا يتعلق بما نحن فيه، فيصير بالنسبة إليه كالمجمل الذي لا يمكن التمسك به.
وكذا شمول ما دلّ على جريان أحكام الإسلام على مظهره لنحو ما نحن فيه ليس بمقطوع، فلا يخرج عن مقتضى الأصل بمثله، وإنّما خرج عنه بالنسبة إلى
دية الذمّي؛ لفحوى ما دل على ثبوتها فيه، مع شرفه بإسلامه الظاهري، وليس وجوده كعدمه بالقطع حتى يلحق بالحربي.
ويمكن أن يجعل ما ذكرناه جابراً للنصوص
والإجماع المحكي، مع تأيّد الأخير بعدم ظهور مخالف فيه من القدماء عدا الحلّي المتأخّر عن حاكيه، وأمّا الشهرة فإنّما هي من زمن المحقّق ومن بعده.
وإلى الروايات مع الجواب منها أشار
الماتن بقوله: وفي رواية أنّ ديته كدية الذمّي، وهي ضعيفة بما مرّ، إلاّ أن يجبره السيّد بما عرفته.
مضافاً إلى أنّ
السند في بعضها
صحيح إلى
جعفر بن بشير، وهو
ثقة، والإرسال بعده لعلّه غير ضارٍّ؛ لقول
النجاشي: روى عن الثقات ورووا عنه
. قاله في مدحه، ولا يكون ذلك إلاّ بتقدير عدم روايته عن الضعفاء، وإلاّ فالرواية عن الثقة وغيره ليس بمدح كما لا يخفى، هذا.
مع احتمال انجبارها أيضاً بنحو الأخبار الواردة في غسالة الحمّام
؛ المانعة عنها، معلّلةً بأنّه يغتسل فيه
اليهودي والنصراني وولد الزناء، حيث ساقته في سياق أهل الكتاب مشعرةً باتحادهم في الحكم والمماثلة، فتأمّل، هذا.
وفي
الصحيح: كم دية ولد الزناء؟ قال: «يعطى الذي أنفق ما أنفق عليه»
الحديث.
وهو ظاهر في ثبوت الدية لا كما ذكره الحلّي وأنّها ما أنفق عليه، وهو يشمل ما قصر عن دية الحرّ المسلم، بل والذمّي أيضاً، بل لعلّه ظاهر فيه، إلاّ أنّ الأخير خارج بالإجماع، كخروج ما زاد عنه به أيضاً، فيتعيّن الثمانمائة جدّاً.
مع أنّ العدول بذلك الجواب عن لزوم دية الحرّ المسلم كالصريح، بل لعلّه صريح في عدم لزومها، فيضعّف به ما عليه المشهور جدّاً، ويتعيّن قول السيّد ظاهراً، فتأمل جدّاً.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج، ص۳۶۶-۳۶۸.