مستحبات الدفن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وسننه: اتباع
الجنازة أو مع جانبيها وتربيعها وحفر
القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، وأن يجعل له لحد، وأن يتحفى النازل إليه ويحل أزراره ويكشف رأسه ويدعو عند نزوله، ولا يكون رحما إلا في المرأة؛ ويجعل
الميت عند رجلى القبر إن كان رجلا، وقدامه إن كانت امرأة؛ وينقل مرتين ويصبر عليه وينزل في الثالثة سابقا برأسه، والمرأة عرضا؛ ويحل عقد كفنه ويلقنه ويجعل معه تربة ويشرج
اللحد ويخرج من قبل رجليه ويهيل الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين ولا يهيل ذو الرحم؛ ثم يطم القبر ولا يوضع فيه من غير ترابه؛ ويرفع مقدار أربع أصابع مربعا، ويصب عليه
الماء من رأسه دورا، فإن فضل ماء صبه على وسطه؛ ويضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين، ويلقنه الولي بعد انصرافهم.
•
إتباع الجنازة، إتباع الجنازة وتشييعها من سنن
الدفن، ويكره الركوب
، وينبغي المشي خلفها أو مع جانبيها
،
وكراهة المشي أمام الجنازة
.
•
تربيع الجنازة، وتربيع
الجنازة أي حملها من جوانبها الأربع
، وأن المشهور فيما هو الفضل من الكيفية، البدأة بمقدّم السرير الأيمن على عاتقه الأيسر، ثمَّ بمؤخره، ثمَّ بمؤخره الأيسر على عاتقه الأيمن، ثمَّ يدور حوله إلى أن يرجع إلى المقدّم
.
ومن السنن حفر القبر قدر قامة معتدلة أو إلى الترقوة إجماعاً كما عن
الخلاف والغنية والتذكرة
. وهو
الحجة فيه لا الرواية: «حدّ القبر إلى الترقوة، وقال بعضهم: إلى الثدي، وقال بعضهم: قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر»
.
بناءً على عدم معلومية كون القائل بالقامة من
الأئمة: بل احتمل كونه من العامة، مع أن صدره ظاهر في التحديد له منه (علیهالسّلام) بالترقوة خاصة، وهو المناسب للنهي عن الحفر زائداً على الأذرع الثلاثة في الرواية
، إلّا أنها خصّت بأرض المدينة، لبلوغ الزائد عليها إلى الرشح والندى في أرضها، ولذا أمر مولانا
علي بن الحسين (علیهماالسّلام) بالحفر إليه
.
وأن يجعل له لحد أي حفيرة واسعة بقدر ما يجلس الميت ممّا يلي القبلة، إجماعاً كما عن الخلاف
والغنية والتذكرة
؛ للمعتبرة منها النبوي: «اللحد لنا والشق لغيرنا»
.
وفي الصحيح: «إنّ
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لحّد له
أبو طلحة الأنصاري»
.
ولا ينافيه ما دلّ على أمر
مولانا الباقر (علیهالسّلام) بالشقّ له
؛ لاحتمال الاختصاص به لكونه بادنا وكون أرض البقيع رخوة كما صرّح به في الخبر: «إنّ أبي كتب في وصيته إليّ» إلى أن قال: «وشققنا له الأرض شقّاً من أجل أنه كان بادناً»
.
ومنه يظهر أفضلية الشق في الصورة المذكورة كما عن المنتهى
ونهاية الإحكام والتذكرة
. ويعمل له حينئذ شبه
اللحد من بناء كما عن المعتبر
، تحصيلا للفضيلة.
وأن يتحفّى النازل إليه أي إلى القبر ويحلّ أزراره ويكشف رأسه للروايات الآتي بعضها. وعن المعتبر نسبته إلى مذهب
الأصحاب. إلّا أن في الخبر أن
أبا الحسن (علیهالسّلام) دخل ولم يحلّ أزراره
ولعلّه لمانع.
وأن يدعو عند نزوله إليه بالمأثور في
الصحيح: «لا تنزل في القبر وعليك
العمامة والقلنسوة والحذاء والطيلسان، وحلّ أزرارك، وبذلك سنّة رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) جرت، وليتعوّذ باللّه من
الشيطان الرجيم وليقرأ
فاتحة الكتاب والمعوّذتين وقل هو اللّه أحد
وآية الكرسي» الحديث
.
وفي آخر: «إذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسي وقل: بسم اللّه وباللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملّة رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) اللهم افسح له في قبره وألحقه بنبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم). وقل كما قلت في
الصلاة مرّة واحدة: اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه، واستغفر له ما استطعت». قال: «وكان علي بن الحسين (علیهالسّلام) إذا أدخل الميت القبر قال: اللهم جاف
الأرض عن جنبيه واصعد عمله ولقّه منك رضوانا»
.
وعن
المصباح ومختصره وظاهر
المقنعة والمبسوط والنهاية والمنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة
: أنه يقول إذا نزل قبل التناول: اللهم اجعلها روضة من رياض
الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر
النيران.
ونحوه عن
الفقيه إلّا أنه قال: يقال عند معاينة القبر
. وهو يعم النازل وغيره. قيل
: ويؤيده أنه أرسله
الراوندي في دعواته عن
الصادق (علیهالسّلام): إذا نظرت إلى القبر
.
أقول: ونحوه في الرضوي
.
وعن
الحلبي التصريح بالتعميم فقال: إذا عاين المشيّعون القبر فليقولوا ذلك، وزاد في آخره: هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله
.
وعن المقنعة والنهاية والمبسوط والمصباح ومختصره والمنتهى ونهاية الإحكام
والتذكرة: أنه يقول إذا تناوله: بسم اللّه وباللّه وعلى ملّة رسول اللّه، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً.
وينبغي أن لا يكون النازل رحماً كما عن النهاية والمبسوط والوسيلة
؛ لإيراثه القسوة كما عن الأوّلين والمقنعة والمعتبر
والمنتهى ونهاية الإحكام
.
ومستنده بعنوان العموم غير واضح من الأخبار، والمستفاد منها كراهة نزول الوالد قبر ولده وعدم البأس في نزول ولده في قبره، ففي
الحسن: «يكره للرجل أن ينزل في قبر ولده»
.
وفي الخبر: «الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل الوالد في قبره»
ونحوه غيره
.
وحمل نفي البأس على نفي تأكد
الكراهة. وهو فرع وجود المعارض. ومع ذلك لا بأس به للتسامح مع أنه عن الذكرى عن
عبد اللّه بن محمّد بن خالد عن الصادق (علیهالسّلام): «الوالد لا ينزل في قبر ولده والولد لا ينزل في قبر والده»
ولكن قيل: ليس لفظة «لا» في الأخير في كتب الفروع
.
إلّا في ما إذا كانت
الميت المرأة فالمحارم حينئذ كالزوج أولى بإنزالها، اتفاقا كما عن التذكرة والمنتهى
للخبر: «الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها»
.
وفي آخر: «إن المرأة لا يدخل قبرها إلّا من كان يراها في حياتها»
.
وعن
المفيد: أنه ينزلها قبرها اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والآخر يديه تحت حقويها، وينبغي أن يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها، أو بعض ذوي أرحامها كابنها أو أخيها أو أبيها إن لم يكن لها زوج
. فقصر الحكم على من يتناولها من وركيها، ولعلّه لكونه أهم.
وهل يتعين الزوج أو الرحم؟ ظاهر العبارة كالمحكي عن المعتبر
والذكرى والتذكرة:
الاستحباب. وهو الأوفق بالأصل؛ لضعف الأخبار.
وعن ظاهر
جمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والمنتهى:
الوجوب. وهو
أحوط لاعتبار سند الدال على ذلك عند جمع ولو ضعف في المشهور.
وأن يجعل الميت عند رجلي القبر الذي هو بابه كما في الأخبار، منها
الموثق: «لكلّ شيء باب وباب القبر من قبل الرّجلين، إذا وضعت الجنازة فضعها ممّا يلي الرجلين» الخبر
.
وهي عامة في مطلق الميت، فتخصيص الحكم بأن كان رجلاً غير واضح.
ونحوها في العموم الحسن: «إذا أتيت بالميت
القبر فسلّه من قبل رجليه»
.
ونحوه خبر آخر
ليس في سنده سوى سهل
الثقة عند بعض.
ولعلّه المراد بالخبر: «لا تفدح ميتك بالقبر، ولكن ضعه أسفل منه بذراعين»
ونحوه آخر
.
ولعلّ التخصيص به واستحباب الوضع قدّامه أي القبر إن كانت امرأة مستفاد من الرضوي، وفيه التصريح بالأمرين حيث قال: «وإن كانت امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد، وتأخذ الرجل من قبل رجليه تسلّه سلا»
.
وعلى الثاني
الإجماع عن الغنية وظاهر المنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة
.
أقول: وهو المناسب لعدم رفع عجزها المرعي في نحو
الركوع في الصلاة وغيره، ويؤيده الأخبار بوضع المرأة في
القبر عرضاً.
وأن ينقل الميت مطلقاً ولو كان امرأة إلى القبر مرّتين بوضعه على الأرض في كل مرة مع الصبر عليه هنيئة ليأخذ اُهبته وينزل في الثالثة على المشهور.
للخبرين، أحدهما: الرضوي: «وإن حملت الميت إلى قبره فلا تفاجئ به القبر فإن للقبر أهوالا عظيمة، وتعوّذ باللّه سبحانه من هول المطّلع، ولكن ضعه دون
شفير القبر واصبر عليه هنيئة ثمَّ قدّمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثمَّ قدّمه إلى شفير القبر، ويدخله القبر من يأمره وليّ الميت إن شاء شفعا وإن شاء وتراً» الخبر
.
ونحوه الثاني المروي في
العلل.
خلافاً للمحكي عن
الإسكافي، فلم يزد في وضعه على مرّة؛ لخلو الأخبار المعتبرة عن التثليث، ففي الصحيح: «ينبغي أن يوضع الميت دون القبر هنيئة ثمَّ واره»
.
وينبغي أن يكون الميت حين إنزاله سابقاً برأسه إن كان رجلاً كخروجه إلى
الدنيا، قطع به الشيخان وغيرهما
، بل عن الغنية الإجماع عليه
، ويرشد إليه أخبار سلّه من قبل الرّجلين.
وينبغي أن يكون برفق للخبرين المروي أحدهما في
العيون.
وإن كانت المرأة ينبغي أخذها عرضاً في المشهور، بل عن الغنية وظاهر نهاية الإحكام والمنتهى والتذكرة: الإجماع عليه
، وبه يقيّد إطلاق أخبار
السلّ، مع إشعار بعضها بالرجل، مضافاً إلى المرفوع المنجبر بالعمل: «إذا أدخلت الميت القبر إن كان رجلا سلّ سلا، والمرأة تؤخذ عرضاً»
.
وفي الخبر: «يسلّ الرجل سلاً، وتستقبل المرأة استقبالاً»
.
وقد صرّح بالأمرين في الرضوي المتقدم
.
وأن يحلّ عقد كفنه بعد وضعه في قبره، إجماعاً كما عن الغنية والمعتبر
؛ للمستفيضة، منها الرضوي: «ثمَّ ضعه على يمنية مستقبل القبلة، وحلّ عقد كفنه، وضع خده على التراب»
الخبر.
ولعلّه بمعناه ما في الصحيحين الآمرين بشق
الكفن من عند رأسه
.
•
تلقين الميت، و أن يلقّنه الولي أو من يأمره قبل شرج اللبن
اُصول دينه.
•
الإهالة في الدفن، وأن يهيل الحاضرون ويصبون
التراب في قبره بعد تشريجه، وهي ما بين مطلقة بإهالته باليد
، ومقيدة له بظهور الأكف
؛ وينبغي كونهم عند الإهالة مسترجعين قائلين «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ»
؛ وينبغي أن لا يهيل ذو رحم
؛ ثم يطمّ القبر ولا يوضع فيه من غير ترابه فإنه ثقل على الميت
.
•
رفع القبر مسطحا، والسنة أن
القبر يرفع متسطحاً مربعاً ذا أربع زوايا قائمة، وإن كان أكثر فلا بأس، ويكون مسطّحاً لا مسنّماً
.
وأن يصبّ عليه الماء باتفاق العلماء كما عن المنتهى
، وعن الغنية الإجماع عليه
؛ للأخبار، منها المرسل: «يتجافى عنه
العذاب ما دام الندى في التراب»
.
وبه أمر
أبو جعفر (علیهالسّلام) في وصيته
.
وهي مطلقة في كيفية الرش، والأفضل أن يبدأ من قبل رأسه وينتهي إليه دوراً، وإن فضل ماء صبّه على وسطه وهو مذهب الأصحاب كما عن
المصنف للخبر: «
السنّة في رشّ الماء على القبر أن تستقبل
القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجلين، ثمَّ تدور على القبر من الجانب الآخر، ثمَّ ترشّ على وسط القبر فكذلك السنّة»
.
وقوله «تدور» يحتمل الدور بالصب كما فهمه
الصدوق، وصرّح به الرضوي
.
ويستفاد منها استحباب استقبال القبلة في ابتداء الصب كما عن الفقيه
والهداية والمنتهى
.
وأن يضع الحاضرون الأيدي عليه بعد رشّه بالماء، وهو مذهب
فقهائنا كما عن الماتن
؛ للمعتبرة المستفيضة كالصحيح: «إذا حثي عليه التراب وسوّي قبره فضع كفك على قبره عند رأسه ففرّج أصابعك واغمز كفّك عليه بعد ما ينضح (بالماء)»
.
ويستفاد منه كغيره استحباب تفريج الأصابع والتأثير بها في القبر كما عن الشيخين
وجماعة
.
ويستحب استقبال القبلة حينئذ كما عن
المهذب؛ لأنه خير المجالس، وأقرب إلى
استجابة الدعاء. ويؤيده الخبر: كيف أضع يدي على قبور
المؤمنين؟ فأشار بيده إلى الأرض ووضعها عليها ورفعها وهو مقابل القبلة
.
وهو صريح الرضوي: «ثمَّ ضع يدك على القبر وأنت مستقبل القبلة»
.
وينبغي كونهم حينئذ مسترحمين طالبين للرحمة ذكره الأصحاب؛ للروايات، منها الخبر: كنت مع
أبي جعفر (علیهالسّلام) في جنازة رجل من أصحابنا، فلمّا أن دفنوه قام إلى قبره فحثا على رأسه ثلاثاً بكفه، ثمَّ بسط كفّه على القبر، ثمَّ قال: «اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وأصعد إليك روحه، ولقّه منك رضواناً، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك» ثمَّ مضى
.
وقريب من
الدعاء فيه الدعاء في الخبرين، أحدهما الرضوي
.
وأن يلقنه الوليّ أو من يأمره به بعد انصرافهم عنه، إجماعاً كما عن الغنية والمعتبر وظاهر المنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة
؛ للروايات الخاصية والعامية ولكن ليس فيما يختص بهم ذكر
الأئمة: وهي من طرقنا مستفيضة، ففي الخبر: «ما على أحدكم إذا دفن ميّته وسوّى عليه وانصرف عن قبره أن يتخلف عند قبره ثمَّ يقول: يا فلان بن فلان، أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمّداً رسول اللّه، وأن
علياً أمير المؤمنين إمامك، وفلان وفلان حتى يأتي على آخرهم، فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه: قد كفينا الوصول إليه ومسألتنا إياه فإنه قد لقّن، فينصرفان عنه ولا يدخلان إليه»
.
ونحوه غيره باختلاف يسير في كيفية
التلقين.
وفي المرسل المروي في العلل: «ينبغي أن يتخلف عند القبر أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه، ويقبض على التراب بكفه ويلقّنه برفيع صوته، فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره»
.
ونحوه في الرضوي
.
وينبغي استقبال القبلة حين التلقين كما في
القواعد وعن
السرائر لأن خير المجالس ما استقبل فيه القبلة
، مع مناسبته للتلقين الثاني.
وعن المهذّب
والجامع استقبال وجه الميت واستدبار القبلة؛ لأنه أنسب بالتلقين والتفهيم
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۴۲۳-۴۴۷.