سهام الطبقة الثالثة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في قوله تعالى: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» ، أنّ العمّة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة
الامّ ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، الجدّ بمنزلة
الأب وكلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه.
وله صور:
إذا انفرد العمّ كان المال كلّه له وكذا العمّة، وإذا تعدّد العمّ أو العمّة حازوا المال، ويقسّمونه بينهم بالسويّة؛ كلّ ذلك للإجماع،
ولآية اولي الأرحام،
والروايات الخاصّة الدالّة على ذلك، وقد تقدّم ذكر بعضها.
إذا اجتمع الذكور والإناث كالعمّ والعمّة أو الأعمام والعمّات وكانوا جميعاً للأبوين أو للأب، فالمشهور والمعروف بل ادّعي عدم الخلاف فيه
أنّ القسمة بالتفاضل للذّكر مثل حظّ الانثيين. واستدلّ له بالإجماع كما في الغنية.
وردّ بأنّه لا يكون دليلًا مستقلّاً، مضافاً إلى أنّ الإجماع المنقول لا يكون حجّة
كما ثبت في محلّه. وبرواية سلمة بن محرز عن الإمام الصادق عليه السلام قال: في عمّ وعمّة، قال: «للعمّ الثلثان وللعمّة الثلث»،
فإنّه قد صرّح فيها بالتفاضل.
ونوقش فيه بأنّ الرواية ضعيفة سنداً، وعمل المشهور بها- على تقدير تماميّته- لا يكون جابراً لضعفها
على بعض المباني الاصوليّة. وبقاعدة
التفاضل المستفادة من الآية: «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»،
بتقريب أنّ المستفاد منها أنّ سهم الذّكر ضعف الانثى. وردّ: بأنّه حكم خاصّ وارد في مورد خاصّ- وهو الأولاد- ولا وجه للقياس.
وبما يدلّ على القاعدة من السنّة، مثل رواية الأحول عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال
ابن أبي العوجاء : ما بال
المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين؟ قال: فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبد اللَّه عليه السلام، فقال: «إنّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة، وإنّما ذلك على الرجال، فلذلك جعل للمرأة سهماً واحداً وللرجل سهمين»،
فإنّ عموم العلّة يقتضي سريان الحكم
في الموارد التي لا نصّ فيها على التفاضل.
وفيه: أنّ الرواية ليست في مقام بيان موارد إرث المرأة نصف الرجل ليتمسّك بإطلاقها أو إطلاق التعليل فيها، وإنّما تتصدّى لبيان حكمة التنصيف في الموارد التي ثبت فيها ذلك فهي تفرغ عن ذلك من أجل بيان حكمته، ومثل هذا اللسان لا يمكن استفادة
الإطلاق منه؛ لعدم كونه في مقام بيان الحكم من هذه الجهة. ومن هنا قد يشكل الجزم بالحكم؛ لعدم الدليل عليه.
بل يظهر من
المحقّق الأردبيلي اختيار التقسيم هنا بالسويّة حيث خدش في كلّ ما استدلّ به المشهور- غير رواية الأحول حيث لم يتعرّض لها هنا- ثمّ قال: «مقتضى النظر التقسيم بالسويّة في الكلّ من غير فرق؛ للشركة في الإرث وعدم الأولويّة في النسب، والزيادة تحتاج إلى دليل، وليس، والتفاضل والفرق إنّما هو بين الإخوة، واجراؤه في العمومة وغيرها قياس».
وكذا السيد الخوئي حيث قال: «المشهور على أنّ التقسيم بالتفاضل...ولا يبعد أن تكون القسمة بينهم أيضاً بالسويّة، و
الأحوط هو الرجوع إلى الصلح».
إذا اجتمع الذكور والإناث من الأعمام والعمّات وكانوا كلّهم للُامّ، فقد اختلفوا على قولين:
الأوّل: التقسيم بالتفاضل أيضاً، ذهب إليه جماعة كالفضل بن شاذان و
الشيخ الصدوق والشيخ المفيد و
الشيخ الطوسي والمحقّق الحلّي.
واختاره الفاضل النراقي؛ مستدلّاً عليه- مضافاً إلى ما تقدّم- ببعض روايات اخرى، كالمرسل الذي رواه في
مجمع البيان : «متى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الامّ مع استوائهم في الدرجة كان لقرابة الامّ الثلث بينهم بالسويّة، والباقي لقرابة الأب للذكر مثل حظّ الانثيين».
الثاني: ما هو المشهور
من أنّه يقسّم بينهم بالسويّة.
واستدلّ له بأنّه موافق للأصل؛ لاقتضاء شركة المتعدّدين في شيء اقتسامهم له بينهم بالسويّة، خرجنا عنه فيما لو كانوا للأب بالإجماع والرواية، ويبقى غيره تحت القاعدة؛ لعدم مخرج عنها، عدا إطلاق الرواية المتقدّمة، وهي- مع قصور سندها بالجهالة وعدم جابر لها- لا يمكن الاعتماد عليها فيرجع إلى مقتضى
الأصل المعتضد بالشهرة، بل نفى عنه الخلاف جملة من الفقهاء ومنهم
المحقق السبزواري .
واختار هذا القول السيّدان الحكيم والخوئي،
واحتاط الإمام الخميني بالتصالح و
التراضي بينهم.
إذا اجتمع الأعمام والعمّات وتفرّقوا في جهة النسبة، بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للُامّ وبعضهم للأب، فقد اتّفقوا على أنّ المتقرّب بالأب هنا محجوب بالمتقرّب بالأبوين؛ للإجماع،
ولرواية يزيد الكناسي
- وإن كان يبدو من المحقّق الأردبيلي نوع تأمّل في السقوط هنا
فالمال ينقسم بين المتقرّب بالأبوين وبالامّ أو بين المتقرّب بالأب خاصّة وبالامّ مع عدم المتقرّب بالأبوين. لكن اختلفوا في كيفيّة إرثهم على ثلاثة أقوال:
ما هو المشهور
بل ادّعي
اتّفاق الفقهاء عليه
من أنّ المتقرّب بالامّ يأخذ سدس المال إن كان واحداً، ويأخذ الثلث إن كانوا أكثر، يقسّمون بينهم بالسويّة، والباقي للمتقرّبين بالأبوين أو الأب واحداً كان أو أكثر، يقسّم بينهم للذّكر ضعف الانثى.
واستدلّ له- مضافاً إلى الإجماع- بإلحاق الأعمام بالكلالة؛ لأنّ إرثهم إنّما هو من حيث الإخوة لأب الميّت، فكما أنّ لمن يتقرّب منهم بالامّ السدس مع الوحدة والثلث مع الكثرة بينهم بالسويّة ولمن يتقرّب منهم بالأبوين أو الأب الباقي بالتفاضل، فكذلك هنا.
وردّ بأنّ الإجماع لم يتحقّق هنا بعد الإطلاق في كلام الفضل والصدوق
باقتسام العمّ والعمّة المال بالتفاضل الشامل للمتقرّب بالامّ أيضاً، والإلحاق لا دليل عليه فلا يخرج عن القياس؛ ولذا نفى في المستند وجود الدليل عليه سوى الشهرة والإلحاق بالكلالة، والأوّل ليس حجّة والثاني قياس.
ما ذهب إليه الفاضل النراقي
- كما تقدّم- من أنّهم يقسّمون المال بينهم بالتفاضل، بلا فرق بين المتقرّبين إليه بالامّ أو بالأبوين. واستدلّ له بقاعدة التفاضل ورواية سلمة بن محرز المتقدّمة، والتعليل في رواية الأحول كما تقدّم.
التقسيم بينهم جميعاً بالسويّة، وهذا هو المرجّح لدى السيّد الخوئي.
واستدلّ له بأنّ القاعدة الأوّلية في
الاشتراك التسوية وعدم التفاضل، وعدم الخلاف المدّعى ليس إجماعاً تعبّدياً على الحكم، وأمّا كون تقرّبهم بالإخوة مقتضياً للتفاضل فلا دليل عليه، فإنّ كلّ حكم تابع لموضوعه، وأمّا أنّهم يرثون نصيب من يتقرّبون به ففيه أنّ من يتقرّب به العمّ بالميّت هو الأب، فيلزم أن يكون سهمه كسهم الأب، فإنّ المستفاد من حديث
أبي أيّوب : أنّ كلّ ذي رحم في حكم من يتّصل بالميّت في كونه وارثاً له، إلّا أن يكون وارث أقرب،
فالحديث يثبت أنّ العمّ يرث ما يرثه الأب، لكن لا دليل على التفاضل.
للخال المنفرد المال كلّه بالقرابة؛ لعدم فرض له في الكتاب، والمفروض انحصار الوارث فيه، فيكون المال كلّه له، وكذا الخالان أو الأخوال يرثون المال كلّه، ويقسّمون بينهم بالسويّة بمقتضى قاعدة الاشتراك، وللخالة المنفردة المال كلّه، وكذا الخالتان والخالات كما تقدّم.
المعروف
أنّه إذا اجتمع
الذكور و
الإناث - بأن كان للميّت خال فما زاد وخالة فما زاد- وكانوا متّحدي الجهة- بأن كانوا من الأبوين أو الأب أو الامّ فقط- يقسّمون المال بينهم بالسوية، وادّعي الإجماع
على الحكم؛ لعدم دليل على التفاضل،
إلّا أنّ الشيخ الطوسي نقل عن بعض الفقهاء أنّه يذهب إلى التقسيم بالتفاضل إذا كان جهة قربهم بالأبوين أو الأب،
واختاره القاضي.
وهذا القول هو المرجّح لدى المحقّق النراقي؛ فإنّه بعد أن قال: «بقي الكلام في وجه
اقتضاء اعتبار التقرّب إلى الميّت بالامّ للتسوية مطلقاً، فإنّه لا دليل يدلّ عليه عموماً أو إطلاقاً، فإنّما هو في بعض الصور المخصوصة. والإجماع المركب غير ثابت. وتصوّر إطلاق مرسلة المجمع غير جيّد؛ لأنّ قرابة الامّ فيها وإن كانت مطلقة إلّا أنّها مخصوصة بصورة
الاجتماع مع قرابة الأب. وتوهّم اقتضاء الشركة للتسوية في الأصل مردود بما مرّ»،
قال: «فالمسألة محلّ إشكال جدّاً، كما صرّح به في الكفاية، ويظهر من بعض مشايخنا أيضاً، بل لا يبعد ترجيح قول القاضي؛ لقاعدة تفضيل الرجال. والاحتياط بالمصالحة حسن في كلّ حال».
إذا اجتمعوا وكانوا متفرّقين من جهة النسب- بأن كان بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأب وبعضهم من الامّ- فهنا يسقط المتقرّب بالأب؛ لأنّه ممنوع بالمتقرّب بهما كما تقدّم، ويقسّم المال بين المتقرّبين بالأبوين وبالامّ بالسوية كما تقدّم. ولكن اختلفوا في أنّه هل يعطى السدس مع الوحدة والثلث مع التعدّد للمتقرّبين بالامّ، أو يقسّم المال بينهم بالسويّة من غير
اختصاص شيء لأحد. المعروف
أنّه يختصّ السدس أو الثلث أوّلًا بالمتقرّبين بالامّ ويقسّمون بينهم بالسويّة، ويرث الباقي المتقرّبون بالأبوين ويقسّمون بينهم بالسويّة أيضاً، كما تقدّم في العمّ والعمّة.
واعترض عليه بأنّه إذا كان النظر في إرثهم ملاحظة قرب الوارث إلى الميّت فهم يتقرّبون إليه بالامّ، بلا فرق بين كونهم إخوة الامّ من الأبوين أو من أحدهما، فلا وجه لاختصاص السدس أو الثلث بالمتقرّب بالامّ أوّلًا، بل لا وجه لخروج المتقرّب بالأب؛ لأنّه أيضاً يتقرّب إليه بالامّ، وإن كان النظر ملاحظة جهة تقرّب الوارث إلى الواسطة- أعني الامّ- فلا يصحّ ملاحظة قربهم إلى الامّ في جميع الموارد؛ لأنّهم ربّما يتقرّبون من جهة أنّهم إخوة امّه من الامّ فقط، وربّما يتقرّبون إليه من جهة أنّهم إخوة امّه من الأب.
واجيب عنه بأنّه لم يكن تلازم بين الأمرين
مع
الإجماع على اختصاص السدس أو الثلث بالمتقرّب بالامّ،
وأنّ حجب المتقرّب بالأب عند اجتماعه مع المتقرّب بهما بعموم قوله عليه السلام: «أعيان بني الامّ أقرب من بني العلات».
بل يستفاد ذلك كقاعدة مطّردة في جميع الأرحام من النصّ والفتوى بالإضافة إلى قاعدة الأقرب.
إلّا أنّ المرجّح لدى السيّد الخوئي أن تكون القسمة بالسويّة من الأوّل من دون اختصاص شيء لأحد؛
لعدم دليل معتدّ به على التفضيل. ومقتضى القاعدة الأوّلية التسوية في المال المشترك، ومقتضى حديث أبي أيّوب- المتقدّم- أنّ الخالة بمنزلة الامّ، فالعلّة للإرث هذه الجهة، ولا فرق فيها بين المتقرّب بالأب وبين المتقرّب بالامّ.
إذا اجتمع العمومة والخؤولة فللأخوال الثلث ولو كان واحداً ذكراً أو انثى، وللأعمام الثلثان كذلك على المشهور بين الفقهاء؛
لأنّ الخؤولة نزلت منزلة الامّ ونصيبها الثلث، والعمومة نزلت منزلة الأب ونصيبه الثلثان، فيرث كلّ نوع نصيب من يتقرّب به.
ويدلّ عليه أخبار متواترة: منها: قول
الإمام الصادق عليه السلام : «إنّ في كتاب علي عليه السلام: أنّ العمّة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة
الامّ ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه».
ومنها: رواية بريد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «الجدّ بمنزلة
الأب ...».
لكن ذهب
الشيخ المفيد وجماعة
إلى أنّ نصيب الخال والخالة السدس منفرداً والثلث مع التعدّد، والعمّة أو العمّ النصف، ويردّ الباقي عليهم تنزيلًا لهم منزلة الإخوة ونصيبهم ذلك كما تقدّم. ونوقش فيه بأنّه لم يثبت مساواتهم للإخوة من كلّ جهة بدليل،
بل نصّ في الأخبار على أنّ نصيبهم الثلث كما تقدّم، فما ذكروه
كالاجتهاد في مقابل النصّ من دون داعٍ حتى
الاعتبار .
أمّا طريقة قسمة ميراثهم فالمشهور
أنّ الأخوال يقتسمون ثلثهم بالسويّة، فالذّكر والانثى سواء إن كانوا متّحدي الجهة. وإن تفرّقوا في الجهة بأن كان بعضهم متقرّباً بالأب والامّ وبعضهم بالأب فقط وبعضهم بالامّ فللمتقرّب بالامّ سدس الثلث إن كان واحداً، وثلث الثلث إن كان أكثر، يقتسمون بالسويّة أيضاً، والباقي- وهو خمسة أسداس أو ثلاثة أسداس- للمتقرّب بالأبوين، وهم أيضاً يقتسمون بالسويّة على المشهور،
وبالتفاضل بناءً على قول القاضي.
أمّا الأعمام فيقتسمون نصيبهم بالسويّة إذا اتّحدوا، ومع
الاختلاف في الذكورة والانوثة فإن قربوا إلى الميّت بالأبوين أو الأب فيقسّمون بالتفاضل للذّكر ضعف الانثى. وإن قربوا إليه بالامّ ففيه خلاف، ذهب جماعة- منهم المحقّق- إلى أنّه بالتفاضل أيضاً كما تقدّم، والمشهور أنّهم يقتسمون بالسويّة كما تقدّم أيضاً. وإن تفرّقوا في جهة النسبة بأن اجتمع المتقرّب بالأبوين والمتقرّب بالأب والمتقرّب بالامّ فهنا يسقط المتقرّب بالأب ويكون المال بين المتقرّب بالأبوين والمتقرّب بالامّ، فيعطى للمتقرّب بالامّ سدس الثلثين إن كان واحداً وثلث الثلثين إن كان أكثر يقسّمون بينهم بالسويّة، والباقي من خمسة أسداس الثلثين أو ثلثيه للأعمام والعمّات من الأبوين بالتفاضل للذّكر ضعف الانثى، وقد تقدّم أدلّة كلّ ذلك.
أولاد العمومة والخؤولة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، فيرثون بسببهم من غير خلاف ولا إشكال، ويحوزون المال كلّه إذا انفردوا، ولو اجتمعوا فالقاعدة في ميراثهم أنّهم يرثون على اصولهم دون أبدانهم، فعلى هذا يأخذ كلٌ نصيب من يتقرّب به، وصور ذلك كما يلي:
إذا اجتمع ابن عمّة وبنت عمّ فلابن العمّة الثلث ولبنت العمّ الثلثان، فيقسّمان المال بينهما أثلاثاً؛ لما تقدّم من أنّهم يرثون نصيب من يتقرّبون به، ونصيب العمّ الثلثان، ونصيب العمّة الثلث.
إن اجتمعوا كذلك يأخذون نصيب آبائهم فبنوا العمّ للُامّ لهم السدس ولو كانوا بني عمّين للُامّ كان لهم الثلث بالسوية، وإن اختلفوا بالذكورة و
الأنوثة ، ومن الفقهاء من ذهب إلى أنّ لولد العمّة الثلث ولولد العمّ الثلثان، وهو مردود- كما تقدّم- والباقي لأولاد العمومة من الأبوين للذكر ضعف الانثى إذا كانوا أولاد عمّ واحد أو أكثر أو أولاد عمّة أو عمات،
لا أنّه إذا اجتمع ابن عمّة وبنت العمّ كان لابن العمّة الثلثان ولابنة العمّ الثلث، فإنّ الأولاد إنّما يرثون نصيب من يتقرّبون به
كما تقدّم.
ولا يرث أولاد العمومة من الأب إذا اجتمعوا مع أولاد العمومة من الأبوين؛ لما تقدّم في اصولهم، ولو فقدوا فيقومون مقامهم ويرثون كما يرثون.
فالمتقرّب بالامّ إن كان لخال واحد أخذ السدس، وإن كان لخالين أو أكثر أخذ الثلث يقسّمون بالسويّة ذكوراً كانوا أو إناثاً، والباقي لأولاد الخال أو الخالة للأبوين بالسويّة أيضاً، بلا فرق بين الذّكر والانثى، إلّا على قول القاضي فإنّه ذهب إلى أنّ للذّكر هنا أيضاً ضعف الانثى كما تقدّم. ولا يرث المتقرّب بالأب مع المتقرّب بالأبوين، ولو فقد المتقرّب بالأبوين قام المتقرّب بالأب مقامه وورث كما يرث، ودليله ما تقدّم في اصولهم.
إذا اجتمعوا كذلك فالمشهور
أنّ لأولاد الخال الثلث، والباقي لأولاد العمّ، ثمّ إنّ فريق الخؤولة يقسّمون بينهم، وفريق العمومة يقسّمون كما تقدّم. نعم، خالف
ابن أبي عقيل فجعل المال أثلاثاً، ثلثه لأولاد الخؤولة بينهم بالسويّة، وثلثه لأولاد الأعمام للذّكر ضعف الانثى، وثلثه لأولاد العمّات للذّكر ضعف الانثى أيضاً.
إذا فقد عمّ الميّت وخاله وعمّته وخالته وأولادهما في كلّ الدرجات المتنازلة يقوم مقامهم عمومة أب الميّت وامّه وخئولتهما، فيحوزون المال كلّه إذا كانوا منفردين، وإن اجتمعوا يبلغ عددهم حينئذٍ ثمانية، أربعة من طرف الامّ عمّها وعمّتها وخالها وخالتها، وأربعة من طرف الأب عمّه وعمّته وخاله وخالته، فلو ترك الميّت هؤلاء الثمانية ورثوا جميعاً؛ لأنّهم متساوون في الدرجة.
أمّا طريقة قسمة إرثهم ففيها أقوال:
المشهور
أنّ المال يقسّم إلى ثلاثة، واحد منها سهم المتقرّبين بالامّ بينهم بالسوية، واثنان منها سهم المتقرّبين بالأب يقسّم إلى ثلاثة، واحد منها سهم خئولة الأب يقتسمون بينهم بالسويّة، واثنان منها سهم عمومته يقتسمون بالتفاضل إن كانوا من أب وامّ، وبالتساوي- بناءً على المشهور كما تقدّم- إن كانوا من امّ.
احتمل
الشهيد الثاني أن يكون الثلث للأخوال الأربعة ويتساوون فيه سواءً كانوا ذكوراً أو إناثاً من طرف الأب أو من طرف الامّ، والثلثان للأعمام الأربعة يقسّم إلى ثلاثة، واحد منها لعمومة الامّ فيقتسمون بالسويّة، واثنان منها سهم عمومة الأب يقتسمون بالتفاضل في غير المتقرّب بالامّ، وأمّا المتقرّب بالامّ فيقسّمون بالسويّة عند المشهور.
ذهب المحقّق الطوسي إلى أنّ سهم المتقرّبين بالامّ يقسّم عليهم أثلاثاً أيضاً، واحد منها لخئولة الامّ بينهم بالسويّة، واثنان منها لعمومتها أيضاً بالسويّة.
ويصحّ تقسيم الفريضة بناءً على المشهور من مائة وثمانية (۱۰۸)؛ لأنّ سهام قرابة الامّ أربعة، وسهام قرابة الأب ثمانية عشر، (لأنّ
الخال والخالة اثنان، والعمّ والعمّة منه ثلاثة، فيضرب، ج۱، ص۲• ۳/ ۶• ۳/ ۱۸. ) وبين سهامهما توافق في النصف، فيضرب أحد العددين في نصف الآخر فيكون الناتج ستّة وثلاثين (۳۶)، وهي تضرب في أصل
الفريضة ، الناتج مائة وثمانية (۱۰۸) ومنها يبدأ التقسيم: ثلثها ۱۰۸ ۳۶ للمتقرّبين بالامّ بالسويّة، وثلثاها ۱۰۸ ۷۲ للمتقرّبين بالأب أثلاثاً. ۱۸۷۲ سهم الخؤولة يقتسمون بالتساوي. ۵۴۷۲ سهم العمومة يقتسمون بينهم بالتفاضل للذّكر ضعف الانثى.
وكذا يصحّ التقسيم من مائة وثمانية على القول الثاني أيضاً؛ لأنّ سهام فريق الخؤولة أربعة؛ لأنّهم يقتسمون نصيبهم بالتساوي، وأمّا فريق العمومة فيقسّمون نصيبهم إلى ثلاثة، واحد منها للعمّ والعمّة من الامّ بالتساوي، واثنان منها للعمّ والعمّة من الأب بالتفاضل، للذّكر ضعف الانثى، فسهم عمومة الأب ثلاثة، وسهم عمومة الامّ اثنان، يضرب (۲• ۳/ ۶) والناتج يضرب في ثلاثة التي انقسم إليها الاثنان الذي نصيب عمومة الأب، فالناتج يكون ثمانية عشر. وبعد ذلك تكون عمليّة الحساب كما في القول الأوّل، ويكون التقسيم من هناك.
ويصحّ التقسيم على القول الثالث من أربعة وخمسين؛ لأنّ لخال الامّ وخالتها ثلث الثلث أي واحد من ثلاثة، وثلثاه لعمّها وعمّتها أي اثنان من ثلاثة، فيضرب (۲• ۳/ ۶) والناتج في سهم أقرباء الأب وهو ثمانية عشر، فيكون عدد (۶) و (۱۸) متداخلين، فيضرب العدد الأكبر في أصل الفريضة كما هو القاعدة في المتداخلين، فيكون الناتج أربعة وخمسين، ويبدأ التقسيم منهما فيكون: ۱۸۵۴ للمتقرّبين بالامّ، يقسّم بينهم أثلاثاً. ۶۱۸ لخئولة الامّ بالسويّة. ۱۲۱۸ لعمومة الامّ بالسويّة أيضاً. ۳۶۵۴ للمتقرّبين بالأب بينهم أثلاثاً أيضاً. ۱۲۳۶ لخئولة الأب بالتساوي. ۲۴۳۶ لعمومة الأب بينهم بالتفاضل، للذّكر ضعف الانثى.
إذا اجتمع مع العمومة والخؤولة أحد الزوجين يأخذ نصيبه الأعلى من غير خلاف ولا إشكال،
وفريق الخؤولة يأخذون ثلثهم كما هو المقرّر فيما لم يجامعهم أحد الزوجين؛ لأنّهم يرثون بواسطة الامّ وهي لا تنقص عليها بدخول أحد الزوجين، فكذا من تقرّب بها، وما بقي فلفريق العمومة أيّاً ما كان، ويدخل النقص عليهم كما يدخل على من تقرّبوا به وهو الأب، فإنّ فرضه السدس فينتقل إلى المتقرّبين به. فإذا ماتت
المرأة عن زوج وخئولة وأعمام كانت الفريضة ستّة، ثلاثة منها للزوج، واثنان للخئولة، وواحد لقرابة الأب.
لو اجتمع أحد الزوجين مع أحد الفريقين وكانوا مختلفين في جهة القرابة بأن كان بعضهم من أب وامّ وبعضهم من امّ فقط- كما لو ترك زوجاً وخالًا من امّ وخالًا من الأبوين- فقد اختلفوا في نصيب الخال للُامّ:
قال
الشهيد الأوّل : «يفهم من كلام الأصحاب أنّ للخال للُامّ بعد نصيب الزوجة سدس الأصل إن اتّحد، وثلثه إن تعدّد»،
كما تقدّم.
وذهب جماعة- منهم العلّامة وولده والشهيد
- إلى أنّ له سدس الثلث؛ لأنّ الثلث نصيب الخؤولة، وللمتقرّب بالامّ منهم سدسه مع اتّحاده، وثلثه مع تعدّده.
أن يكون له سدس ما بقي بعد نصيب الزوج، وهذا ما اختاره
المحقّق النجفي واستدلّ عليه بأنّه هو نصيب الامّ المنتقل إلى
الخؤولة جميعاً لا سدس الأصل.
وهل يأتي الخلاف فيما لو اجتمع أحدهما مع فريق العمومة المتفرّقين في الجهة أيضاً؟ قال الشهيد الثاني: «وينبغي مجيء القولين الآخرين هنا، لكنّهم لم يذكروا هنا خلافاً».
ويظهر من المحقّق النجفي اختيار القول الثاني هنا أيضاً حيث نفى وجود الإجماع في المسألة لقلّة من تعرّض لها.
إذا اجتمع في وارث سببان للإرث يرث بهما ما لم يكن مانع أو حاجب منهما أو من أحدهما، ولم يكن أحدهما مانعاً للآخر
كالإمام مات عتيقه، فإنّه يرث بولاء العتق لا بالإمامة؛
لعموم أدلّة
الإرث وعدم مانع منه،
ولا يحجب هنا ذو أسباب متعدّدة ذي السبب الواحد باعتبار قوّة السبب كما في المتقرّب بالأبوين والمتقرّب بالأب؛ لأنّ ذلك خلاف الأصل، ولذا يشاركه المتقرّب بالامّ. واجتماع السببين تارة يتألّف من نسبين، واخرى من سببين، وربّما يتألّف من نسب وسبب، ولا
أثر عمليّاً فيه إلّا أن يفرض شخص آخر من طبقته معه، وأمثلة ذلك كما يلي:
مثل عمّ هو خال، وذلك كأن يتزوّج أخو شخص من أبيه بأُخته من امّه فهذا الشخص يكون عمّاً وخالًا لولد الزوجين؛ لأنّه أخو أبيه من الأب وأخو امّه من الامّ، فلو مات الولد يرثه نصيب خئولة الامّ وعمومة الأب، فلو كان للميّت عمّ آخر من أبيه فقط يقسّم المال بينهما من ثلاثة ، ثلثان لعمّه الذي هو خاله باعتبار أنّ الثلث نصيب الخؤولة عند اجتماعهم مع العمومة، والثلث الآخر نصف نصيب العمومة، وثلث لعمّه الآخر، ولو كان بدل العمّ من أبيه خالًا له من أبيه فقط فهنا يرث العمّ جميع نصيب العمومة، و
بالإضافة إلى ذلك يرث سدس نصيب الخؤولة أيضاً. ولو كان في الفرض عمّ من الأبوين يحرم الجامع للنسبين من نصيب العمومة دون نصيب الخؤولة؛ لأنّ المتقرّب بالأبوين يحجب المتقرّب بالأب.
وذلك كزوج هو معتق أو ضامن جريرة هو زوج، فلو مات عتيقه يرث بالعتق والزوجيّة معاً.
وذلك كابن عمّ هو زوج، فلو ماتت المرأة يرثها بالسببين إذا كان لها ابن عمّ آخر أو ابن خال ما دام لم يكن مانع فيه أو حاجب يحجبه من الإرث بالعمومة، كما إذا كان لها ولد أو أخ فيقسّم المال من اثني عشر ۱۲ ۹ سهم ابن عمّ هو زوج، و۱۲ ۳ سهم ابن عمّ آخر، ولو كان بدل ابن العمّ ابن الخال فيرث ابن عمّ هو زوج ۱۲ ۸ و۱۲ ۴ لابن الخال.
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۲۳۸- ۲۵۱.